
«بلومبرج»: روسيا والسعودية قد تمضيان فى رفع الإنتاج دون موافقة بقية الأعضاء
عندما أعلنت السعودية وروسيا عن الاستعداد لتطبيق سياسة جديدة لإنعاش إنتاج البترول فى نهاية الأسبوع الماضى، كان هناك شىء واحد مفقود، وهو غياب معظم الشركاء الآخرين فى الائتلاف الكبير.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج، إنه فى ظل تشديد الإمدادات البترولية وارتفاع الأسعار، اتفقت كلا البلدين على زيادة الإنتاج، الذى تم تخفيضه كجزء من اتفاق أجرى مع 22 منتجاً آخر للبترول، ومستمد من منظمة الدول المصدرة للبترول «اﻷوبك» وغيرها، ولكن المشكلة هنا تكمن فى أن معظم تلك الدول لم تستشر وربما يكون لدى العديد منها سبب للاعتراض على هذا الاقتراح عند الاجتماع فى مدينة فيينا يونيو المقبل.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لها، أن السعودية وروسيا ناقشتا زيادة إنتاج النفط من داخل «أوبك» وخارجها بنحو مليون برميل يومياً، بعد أسابيع من شكوى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من أن الأسعار مرتفعة على نحو مصطنع.
وقال إد مورس، رئيس أبحاث السلع فى بنك «سيتى جروب»، إنَّ اجتماع الشهر المقبل الذى سيجمع أوبك بالمنتجين من خارجها لمناقشة إمكانية التخلى عن سياسة خفض الإنتاج ربما يكون شائكاً.
وتعتبر هذه المسألة حساسة بشكل خاص؛ ﻷن روسيا والسعودية تقترحان رفع إنتاج البترول للتعويض عن الخسائر الناتجة عن الأعضاء الآخرين، خاصة تراجع الإمدادات الفنزويلية والانخفاض المحتمل فى إيران مع تجدد العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، فهذه الدول لن تجنى أى شىء من السياسة المرنة للحدود القصوى للإنتاج.
وقال سهيل المزروعى، وزير الطاقة والصناعة الإماراتى، الرئيس الحالى لمنظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، إن المجموعة ككل ستقرر ما إذا كانت ستعدل الإنتاج أو ستبقى عليه، مؤكداً على احترام جميع الدول اﻷعضاء وعدم اتخاذ مجموعة دول أى قرارات دون البقية.
وذكرت الوكالة، أن السعودية وروسيا بإمكانهما المضى قدماً ببساطة فى خطتهما دون موافقة مجموعاتهما، ﻷنهما الدولتين الوحيدتين القادرتين على رفع الإنتاج بشكل كبير، كما أن التأثير على السوق سيكون «رائعاً فى اﻷغلب» إذا اختارتا المضى قدماً بمفردهما.
وقال روجر ديوان المحلل لدى شركة «أى.أتش.أس ماركيت» فى العاصمة اﻷمريكية واشنطن، إنه إذا لم تتفق بقية الدول على زيادة الإنتاج، فإن السعودية ستفعل ذلك بمفردها، فلا يوجد هناك أى خيار آخر أمامها.
ومع ذلك، يبدو نجاح التحالف المكون من 24 دولة والذى وافق على خفض المعروض، أمرا ذا قيمة بالنسبة للسعودية، التى بدورها ستفضل طريقا أكثر دبلوماسية من خلال السعى للحصول على موافقة اجماعية.
وتتطلب قواعد الأوبك موافقة جميع الأعضاء على التغييرات فى السياسات، التى على الرغم من عدم تطبيقها دائما، إلا أنها قد تتسبب فى خسارة الكثير من الدول اﻷعضاء فى هذه الحالة، وتعتبر معظم الدول، خارج الدول العربية فى الخليج العربي، غير قادرة على تعزيز الإمدادات كما أنها ستجنى عائدات أقل إذا انخفضت أسعار البترول بشكل أكثر.
وانخفضت العقود الآجلة اﻷمريكية للبترول بما يعادل 4.6% لتصل إلى 67.49 دولار للبرميل عند الساعة 1:44 مساءً بتوقيت نيويورك يوم الجمعة الماضى، وهو ما يعد أكبر انخفاض لها فى غضون عام تقريباً، ليمحو بذلك معظم المكاسب التى تم جنيها خلال مايو الجارى.
وانخفض الإنتاج إلى أدنى مستوياته فى فنزويلا، التى أصرت على إبرام اتفاق الخفض عام 2016، منذ فترة الخمسينات مع اندلاع أزمة اقتصادية متصاعدة ضربت صناعة البترول لديها، فخسارة المزيد من الأرباح يمكن أن يسرع من الانهيار المالى للبلاد.
أما إيران، التى تعد الخصم السياسى طويل الأمد للسعودية، فهى تواجه احتمالية خسارة عملائها مع تجدد العقوبات الأمريكية، التى فرضت بعد أن انسحب الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب من الاتفاق النووى للبلاد، والتى أجبرت المشترين على تخفيض المشتريات.
من جانبها، قالت هيليما كروفت، رئيسة قسم السلع لدى بنك «آر.بي.إس» الكندى، إن الزيادة فى الإنتاج يمكن ألا تكون كبيرة بما يكفى لتحتاج إلى الكثير من التشاور داخل المجموعة.
ومن المقرر أن تعزز منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» وروسيا إنتاج البترول بما يصل إلى مليون برميل يوميا، وذلك فى خطوة تستهدف الحد من موجة صعود الأسعار، التى تجاوزت 80 دولاراً للبرميل، كما أنها آثارت دعوات ضبط النفس من جانب الولايات المتحدة، ومؤخراً قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن سعر 60 دولاراً للبرميل يناسب روسيا.
ونقلت وكالة رويترز عن وزير الطاقة الروسى ألكسندر نوفاك قوله، إن العودة إلى مستويات إنتاج النفط التى كانت قائمة فى أكتوبر 2016 أحد الخيارات المطروحة لتخفيف قيود الإنتاج.
وأبلغ نوفاك الصحفيين قائلاً: عندما مددنا الاتفاق حتى نهاية 2018، تحدثنا عن مثل تلك الاحتمالات (العودة إلى مستوى إنتاج 2016).
وأضاف: “لكن القرار سيتخذ فى يونيو مشيراً إلى اجتماعات أوبك والمنتجين المستقلين فى فيينا يومى 22 و23 يونيو.
ودخل الاتفاق الحالى حيز التنفيذ فى الأول من يناير 2017 وتضمن تخفيض منتجى النفط العالميين لإنتاجهم بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا لتقليص المخزونات العالمية ورفع أسعار الخام.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن قرار رفع الإنتاج- الذى لن ينفذ قبل اجتماع يونيو المقبل- يعد «انقلاباً فاضحاً» لـ«أوبك» وحلفائها، الذين خفضوا الإمدادات منذ بداية العام الماضي، كما ينظر إلى تلك الزيادة وكأنها استبدال للإمدادات المفقودة من جانب فنزويلا وإيران أيضاً بمجرد تطبيق العقوبات عليها.
وينظر إلى هذه الخطوة على أنها انتصار للرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى هاجم «أوبك» أبريل الماضى لزيادة أسعار البترول بشكل مصطنع، والذى توجه إلى حلفاء الولايات المتحدة فى منطقة الخليج، بما فى ذلك السعودية، لضمان الحفاظ على أسواق البترول.
وقال آشلى كيلتى من شركة «كانتور فيتزجيرالد»، إن أسعار البترول ستنخفض على المدى القريب، نتيجة لتخفيف المنظمة للقيود المفروضة على العرض.
وتجدر الإشارة إلى أن أسعار البترول قفزت إلى ما يزيد على 80 دولاراً للبرميل، خلال الأسبوع الماضى، للمرة الأولى منذ عام 2014، بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووى لإيران، التى تعد ثالث أكبر منتج للبترول فى المنظمة ومنافس السعودية اللدود فى المنطقة، مما فرض عقوبات إضافية على صناعتها البترولية، ومن ثم انخفضت أسعار البترول مرة أخرى بأكثر من 3%، الجمعة الماضى، مع انخفاض خام برنت إلى 76 دولاراً للبرميل.