التوتر يجتاح أوروبا بعد هيمنة الحكومة الإيطالية الجديدة على الحكم


المواجهة السياسية بين مؤسسات الدولة وأحزابها الشعبوية كشفت الهشاشة المالية للبلاد
يسعى بعض الاقتصاديين لطمأنة المستثمرين بشأن قوة الاقتصاد الإيطالى، حيث يسجل الآن عامه الرابع من النمو، ولكنهم يحذرون أيضاً من أن البلاد لديها «خطر حقيقى» يتمثل فى ضياع أصول الثقة التى لا يمكن تعويضها إذا اتخذت الحكومة الجديدة خطوات خاطئة فى الأسابيع المقبلة.
تفادت إيطاليا الانزلاق فى أزمة سياسية كادت أن تعصف بمنطقة اليورو بحلول يوم الجمعة الماضى بعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية بقيادة حركة «خمس نجوم» المناهضة للمؤسسات ورابطة «اليمين المتطرف» فى قصر كويرينال، فى روما.
ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن إيطاليا خرجت، الأسبوع الأخير، من أطول مأزق سياسى فى تاريخ البلاد لفترة ما بعد الحرب الذى كان يوحى بإمكانية حدوث خراب كبير فى المستقبل القريب من احتمال خسارة الثقة فى المالية الإيطالية إلى المواجهة التى تلوح فى الأفق بين الحكومة الجديدة بقيادة جوزيبى كونتى، رجل القانون حديث العهد بالسياسة وبروكسل.
وبعد حملات انتخابية منفصلة وسط الانتعاش البطىء فى البلاد والغضب من ارتفاع معدلات الهجرة والاشمئزاز من الطبقة السياسية التقليدية انضمت حركة «خمس نجوم» والرابطة اليمينية المتطرفة إلى محاولة تحدى الاتحاد الأوروبى، وإصلاح مجموعة واسعة من القواعد حيث يلقيان اللوم على العديد من مشاكل البلاد.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هدف الحكومة الجديدة يتمثل فى تحدى القيود المالية التى تحكم منطقة العملة الموحدة من أجل تنفيذ حزمة من التخفيضات الضريبية وزيادة الإنفاق.
وفى ظل هذه الأهداف أكدت الحكومة، أنها لا تفكر فى مغادرة إيطاليا منطقة اليورو، ولكن نهجهم العدائى تجاه بروكسل يهدد بحدوث صدع عميق مع الاتحاد الأوروبى والدول الأعضاء الكبيرة بما فى ذلك فرنسا وألمانيا.
وقال سيرجيو فاببرينى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لويس، فى روما، إن المرحلة الراهنة بمثابة حقبة تاريخية جديدة وسيكون لها مسار معقد للغاية.
وبعد أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية تعافت الأصول الإيطالية مرة أخرى؛ حيث رأى المستثمرون أن وجود حكومة تضم حركة «خمس نجوم» كان أفضل بديل لإجراء انتخابات أخرى فى الخريف المقبل.
وأوضحت الصحيفة، أن المزيج من الخطابات العدائية والمقترحات السياسية الداخلية والخارجية التى ظهرت خلال الشهر الماضى بمثابة قصة تحذيرية للأشهر المقبلة بعد تولى حركة «خمس نجوم» ورابطة اليمين المتشددة المسئولية.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أن الانشقاق بين النخبة والحكام السياسيين لا يظهر فى أى مكان أكثر من شمال إيطاليا، ففى ميلانو، غضب رجال المال والأعمال والمصرفيون؛ بسبب هزيمة الأسواق نتيجة الأزمة السياسية التى وقعت مؤخراً.
وعلى النقيض من باقى الأجزاء فى البلاد كانت منطقة ميلانو، مركز الأعمال المصرفية تعيش عصراً ذهبياً لم تشهده منذ ثمانينيات القرن العشرين.
وكشفت البيانات، أن اقتصاد ميلانو نما بنسبة 6.2% من عام 2014 إلى عام 2017 وهو ضعف المعدل الوطنى وهذه النسبة أعلى من مستويات ما قبل الأزمة العالمية.
وصوت سكان ميلانو من الصناعيين وأرباب البنوك والقانونيين بأغلبية ساحقة فى انتخابات مارس الماضى للحزب الديمقراطى الذى يتزعمه يسار الوسط.

 
ومن المحتمل أن يؤدى عدم الاستقرار المالى والمعارك مع بروكسل إلى القضاء على هذه الفترة من الرخاء فى ميلانو.
وفى فينيتو، المنطقة الشمالية الشرقية المزدهرة التى تضم بين جنباتها أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتعد جزءاً من العمود الفقرى الاقتصادى لإيطاليا ولديهم روابط وثيقة مع ألمانيا فإنَّ الشعور بالاستياء من المؤسسة الحاكمة سيؤدى إلى حدوث خسائر كبيرة لصغار المستثمرين.
وفى هذه المنطقة هزم الحزب الديمقراطى بشدة فى انتخابات مارس، وعززت فوز حركة «خمس نجوم».
وقال بعض المحللين، إنَّ انتخاب حركة «خمس نجوم» والرابطة اليمينية المتشددة يمثل مزيجاً من العدالة والانتقام من الأخطاء فى الماضى وهو بمثابة بداية جديدة.
وفى غضون ذلك تحاول المعارضة الوسطية والموالية لأوروبا أن تعيد تنظيم صفوفها على أمل أنها تستطيع أن تمنع الاقتراحات الأكثر تطرفاً التى تصدر عن الحكومة الجديدة، وتستغل التناقضات والانقسامات التى ستنشأ بين حركة «خمس نجوم» والرابطة اليمينية المتشددة.
ودعا كارلو كالندا، وزير التنمية الاقتصادية فى الحكومة السابقة والذى انضم مؤخراً إلى الحزب الديمقراطى، إلى إنشاء «جبهة جمهورية» كبديل للشعوبية.
وفى بروكسيل، ستكون المعضلة هى كيفية إدارة حكومة متشددة متحيزة فى روما فى وقت تواجه فيه الكتلة أزمة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى مع الاحتكاكات التجارية مع موسكو وواشنطن.
وقال مجتبى رحمن، المحلل فى مجموعة «أوراسيا»، إنَّ إيطاليا أصبحت القضية رقم واحد فى المنطقة ونضعها على أولويات اجتماعات المجلس الأوروبى المقرر الشهر الجارى.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2018/06/02/1108696