
تراجع إيرادات نقل البضائع إلى %15 فقط من إيرادات نشاط النقل لدى الهيئة
الجايكا: مصر لديها عربات بضائع أكثر من احتياجاتها ولا تمتلك حاويات
عدم وجود جدول تشغيل منتظم وضعف النظافة أبرز أسباب تراجع السلع المنقولة بالسكة الحديد
شعت: خطة لشراء 300 عربة جديدة وتخصيص قاطرات لتشغيل جدول منتظم للبضائع
موسى: شبكة الطرق تسيطر على %98.6 من نقل البضائع ونحتاج لإضافة 3 آلاف كيلو سكك جديدة
تراجعت إلى حد كبير مساهمة إيرادات قطاع البضائع فى إجمالى إيرادات النقل لدى هيئة سكك حديد مصر خلال السنوات الماضية.
وبدلا من نحو %25 من إيرادات النشاط فى العام 2011 أصبحت إيرادات نقل البضائع تمثل %15 فقط خلال الشهور العشرة الأولى من العام المالى الحالى.
وبلغ إجمالى إيرادات الركاب والبضائع نحو 1.7 مليار جنيه خلال تلك الفترة منها 260 مليون جنيه فقط لنقل البضائع.
وكشفت دراسة لهيئة المعونة اليابانية عن سكك حديد مصر أبرز الأسباب التى تقف وراء ضعف مساهمة نشاط البضائع فى توليد إيرادات للهيئة، رغم وجود أسطول ضخم من عربات نقل البضائع.
وتراوحت تلك الأسباب من عدم وجود جداول منتظمة لتشغيل قطارات للبضائع إلى عدم ملاءمة العربات مناسبة لبعض أنواع البضائع وعدم نظافة العربات الموجودة وضعف خدمة العملاء فى الهيئة.
ورصدت «الجايكا» من خلال إجرائها عدداً من المقابلات مع بعض عملاء نقل البضائع عبر السكك الحديدية مطالب ومعوقات تواجه العملاء من بينها الحاجة إلى عربات بضائع أكثر ملاءمة لطبيعة السلع ذات الخصائص المختلفة، وقلة عدد العربات المخصصة لنقل السلع الأساسية بما لا يفى باحتياجات العملاء الذين أكدوا على توجههم بنسبة أكبر لنقل بضائعهم عبر السكك الحديدية حال توفر عربات ملاءمة تناسب طبيعة سلعهم.
واشتكى العملاء من نقص عدد رحلات نقل البضائع عبر السكك الحديدية لقلة عدد القاطرات، بما يمنع قيام الرحلة ويتسبب فى عدم انتظام مواعيد رحلات نقل البضائع مما يدفعهم إلى النقل باستخدام الشاحنات، مقترحين تنظيم رحلات لنقل البضائع تناسب احتياجاتهم التى تلبيها السكك الحديدية خاصة فى الشحنات وحجم البضائع الكبيرة.
وتعانى حركة نقل البضائع بالسكك الحديدية من مشكلات أبرزها عدم تشغيل الرحلات إلا عند اكتمال الشحنات اللازمة لقيام الرحلة، وانتظار وجود قاطرة حال عدم توفرها، إذ يتسبب عدم وجود جدول منتظم للرحلات لعدم تحديد قاطرات مستعدة للقيام برحلات البضائع والانتظار لبضعة أيام لحين توفر قاطرة بعد اكتمال حجم الشحنات المقررة للرحلة، على الرغم من أن نسبة التشغيل للقاطرات ليست سوى %40 وغالبا ما تكون المشكلة فى الصيانة.
وذكرت الدراسة تدهور حالة العربات وعدم وجود مسار ثابت لرحلات البضائع التى يتم رسم مخططات قطاراتها يدويا بشكل شبه يومى بناء على مخططات قطار الركاب من قبل كل موظف، وتراجع كفاءة ماكينات مناولة البضائع لمحطات شحن السكك الحديدية، بالإضافة لعدم تلبية احتياجات العملاء لتقديم خدمة «من الباب إلى الباب».
وتسبب تراجع مستوى نظافة عربات نقل البضائع ووجود مسامير رصدها العملاء بأرضية العربة إلى قطع بعض الأغلفة الخاصة وتلف بعض السلع المشحونة فى دفع العملاء للتوجه للنقل بالشاحنات.
وكشفت الدراسة أن الهيئة تمتلك أكثر من أسطولاً ضخماً لنقل البضائع لا تحتاج معظمه فى الوقت الحالى بسبب ضعف كمية البضائع المنقولة عبر السكك الحديدة، لكنها لا تمتلك عربات مخصصة لنقل الحاويات وهو ما يحرمها من جزء من مهم من البضائع المنقولة بالحاويات.
وبحسب الدراسة، يوفر النقل باستخدام عربات الحاويات حال التوسع فى تطبيقه العديد من المهام بالمقارنة بالطريقة التقليدية التى يتم فيها تجميع الشحنات بواسطة الشاحنات من المنشأ إلى محطة الشحن التى يتم فيها تفريغ البضائع وتحميلها على عربات السكك الحديدية ثم تجميع عربات الشحن فى ساحة الشحن ونقلها إلى كل قطار حسب الاتجاه، وتفريغ الحمولة من عربات السكك الحديدية وتحميلها على الشاحنات بعد وصول القطار.
وأشارت «الجايكا» إلى الحاجة للتوسع نحو استخدم عربات «هوبر» فى نقل القمح من الميناء إلى المدن التى يخزن فيها داخل الصوامع بالقرب من محطة فى المدينة يحمل منها للتوزيع من خلال الشاحنات.
وساهمت تلك المعوقات فى تراجع حجم نقل البضائع من 12 مليون طن حتى عام 2003 إلى 5 ملايين طن فقط 2009، واقتصر النقل على سلع أبرزها الحبوب (القمح)، والأسمنت، والزيت، وخام الحديد، والفحم وفحم الكوك، والحاويات، كما توقف نقل الفوسفات عن طريق السكك الحديدية بسبب مشكلة فى المسار فى خط الخارجة – قنا – سفاجا.
وطالبت «الجايكا» بضرورة إعادة السكك الحديدية لإعادة التخطيط للفترة الحالية والمستقبلية سواء بقطاع الركاب أو نقل البضائع، الذى يفتقر لوجود عربات ومحطات حاويات على الرغم من كونه الأهم على الإطلاق إذا ما توفرت تلك المحطات فى موقع الوصول.
وقال وزير النقل هشام عرفات أمام الغرفة الأمريكية فى يناير الماضى إن السكة الحديد تنقل سنويا 5 ملايين طن بضائع و300 مليون راكب، لذلك المرفق يخسر لأن قطاع البضائع يجب أن تكون إيراداته 4 أضعاف قطاع الركاب.
واعتبر أحمد موسى، مستشار وزير النقل للتخطيط الأسبق، وخبير تخطيط النقل، قطاع النقل فى مصر سوق واعد للاستثمار لما تحظى به مصر من حجم بضائع وعدد ركاب يعد الأكبر فى المنطقة، حيث يقدر حجم حركة نقل البضائع بـ 440 مليون طن- سنة، وإجمالى عدد ركاب بين المحافظات بـ 8 ملايين راكب يوميا، يتوقع زيادتهم إلى 13 مليون راكب يوميا بحلول عام 2030.
ووصف موسى، تراجع نسبة نقل البضائع بالسكك الحديدية بكونه «كارثة»، حيث تستحوذ شبكة الطرق على %98.6 من نسبة نقل البضائع والتى تقدر بحوالى 434 طن – سنة، بينما تنقل السكك الحديدية 4 ملايين طن سنويا وهى تقل عن %0.9، فى الوقت الذى تبلغ السعة الاستيعابية القصوى للسكك الحديدية سواء على السكة أو الوحدات المتحركة 6 ملايين طن على شبكتها التى تغطى مسافة 5 آلاف كم.
وقال موسى إن السكك الحديدية تحتاج من الآن وحتى عام 2030 بناء شبكة سكك حديدية لمسافة 3 آلاف كم جديدة لنقل البضائع بمشاركة استثمارات القطاع الخاص بالإضافة للشبكة الحالية حتى نصل لشبكة بطول 8 ألاف كم، تختص بنقل البضائع، وتصل تكلفتها إلى 7 مليارات دولار يمكن تدبيرها من خلال الاستثمار فى التصميم والتنفيذ والتشغيل والإدارة بحق انتفاع لمدة 20 أو 30 عاماً ثم تعود لأصول الهيئة، أو بالمشاركة مع الحكومة بما يحقق المستهدف من نقل البضائع والمقدر بنسبة %7 بحجم 68 مليون طن-سنة، ويجذب الاستثمار فى القطاع مرتفع الطلب الذى يمثل «منجم ذهب»، من خلال عقود استثمارات مباشرة سواء بالمشاركة أو حق الانتفاع.
وأشار إلى أن توسيع النشاط قد يتطلب من الهيئة مبالغ مالية كبيرة لشراء حوالى 250 جراراً وأكثر من 7 ألاف عربة نقل بضائع، يمكن تدبيرها من طرح بعض خطوط نقل البضائع مرتفعة الطلب للاستثمار مثل حلوان – العين السخنة.
وقال عمرو شعت، مساعد وزير النقل، إن الهيئة بصدد شراء 300 عربة بضائع جديدة من بينها 175 عربة حاويات و125 عربة صندوق حديثة لنقل البضائع العامة باستثمارات تصل 1.2 مليار جنيه، وذلك بعد دراسة المواصفات والأسعار التى تقوم بها الوزارة خلال الفترة الجارية، كما سيستفيد قطاع البضائع من تخصيص جزء من الصفقة الموقعة العام الماضى لشراء 100 جرار من جنرال اليكتريك، بالإضافة لتوجيه 81 جراراً من المتعاقد على صيانتها مع الشركة ذاتها للعمل بالقطاع.
أضاف لـ»البورصة» أن الطلب على خدمات نقل الركاب خلال الفترة الماضية جعلها أولوية للسكة الحديد «مكنش عندها وقت تبص للبضائع»، مشيرًا إلى بلوغ حجم نقل البضائع أقصى معدلاته المتاحة والتى بلغت 5 ملايين طن خلال العام الماضي، ونحتاج للتطوير فى حالة الرغبة فى زيادة تلك المعدلات التى نستهدف أن تصل إلى 25 مليون طن بضائع بحلول عام 2022.
ولفت إلى وضع خطة لإضافة وصلات جديدة لنقل البضائع بموانئ دمياط واسكندرية، وتعمل الوزارة على إقناع تلك الجهات لتنفيذها ذاتيا.
وقال عادل اللمعي، رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين، يجب أن يوجه الاهتمام إلى قطاع نقل البضائع فى المقام الأول بعد السماح للقطاع الخاص بالعمل فى السكك الحديدية، من خلال تنفيذ خطوط بين المناطق الصناعية والموانى مثل المسافات بين أبورواش و6 أكتوبر أو برج العرب، سواء بنظام حق الانتفاع أو المشاركة مع الحكومة.
أضاف: يحتل النقل النهرى المرتبة الأولى من حيث انخفاض تكلفة نقل البضائع، يليه السكك الحديدية فى المقام الثاني، وهو ما يجعلها منافساً قوياً للطرق لانخفاض تكلفة النقل من خلالها بنسبة تقارب %50، بما يؤثر فى سعر السلع المطروحة بالسوق المحلى وينعكس على حركة الصادرات والواردات المصرية.
وتوقع تقرير الجايكا، تراجع حصة نقل البضائع من خلال السكك الحديدية والنقل المائى الداخلى، من %10 من إجمالى البضائع فى 2011 إلى %8 بحلول 2027.
أوضحت أن الطلب على وسائل النقل سيتوسع جغرافياً فى كافة انحاء الجمهورية فى الوقت الذى ستظل فيه مساحة النقل النهرى والسكك الحديدية محدودة ما سيخفض الاعتماد عليهم.
وقال التقرير، إن زيادة حصة نقل البضائع بالسكك الحديدية والنقل المائى الداخلى هى سياسة هامة لكن يصعب تحديد الهدف الكمى لها.
وأشارت إلى أنه فى الوقت الحالى %95 من شحن البضائع فى مصر يعتمد على النقل البري والمائى الداخلى.
وأشارت إلى أن التكلفة الاقتصادية للنقل النهرى مثلت من ربع إلى خمس تكلفة الشاحنات، والنقل بالسكك الحديدية جاء من نصف إلى ثلث تكلفة نقل الشاحنات.
وتوقعت أنه مع التحديثات التى تجرى على وسائل الانتقال فى مصر من المرجح ان تنخفض التكلفة أكثر للسكك الحديدية والنقل النهرى، لكن الأخير سينجح فى السيطرة بشكل أكبر على التكلفة وفرصه فى النمو أكبر مقارنة بالسكك الحديد.