بقلم: جوليان لى، استراتيجى بترول لدى «بلومبرج»
يبدو أن وزير البترول السعودى يعد نفسه لتكرار ما فعله سلفه فى عام 2011 وهو إدارة «أسوأ اجتماع على الإطلاق»، وبدأ الأمر بعد ان غير موقفه إلى النقيض تماما، فقد قال الشهر الماضى إنه يجب مد اتفاق خفض الإنتاج، ولكن فيما يبدو كاستجابة لتغريدة الرئيس دونالد ترامب يوم 20 أبريل التى هاجم فيها المجموعة، انتقلت السعودية من دعم الأسعار المرتفعة إلى محاولة وقف الارتفاع عند 80 دولاراً للبرميل.
والآن يتعين على الفالح إقناع نظرائه من وزراء بترول الأعضاء فى الأوبك فى اجتماعهم المقبل فى 22 يونيو بأنهم يحتاجون إلى رفع الإنتاج.
وأوجه التشابه مع الاجتماع الذى انقعد منذ 7 سنوات واضحة، حينها وضعت الأوبك سقفاً للإنتاج لم يتغير لمدة عامين ونصف العام، علامات على أن السوق يرتفع لمستويات غير مستدامة وأن الطلب يزداد على بترول المجموعة، ورفضت دول مثل إيران وفنزويلا اللتان لم يكن بإمكانهما رفع الإنتاج إنما لقيود على القدرة الإنتاجية أو نتيجة عقوبات المقترح السعودى برفع الإنتاج.
وبما أن أوبك تتحرك بموجب إجماع أعضائها، حكم على هذا الاجتماع بالفشل، لم تستطع المجموعة الإنفاق على البيان الختامى، وقال عنه وزير البترول السعودى، إنه أحد أسوأ الاجتماعات التى حضرها خلال فترة وظيفته الممتدة منذ 16 عاماً تقريباً.
واليوم لدينا ديناميكيات مماثلة، فالسعودية تريد تعزيز المعروض بقدر غير واضح، وإيران تواجه تجدد العقوبات على صادراتها للبترول، وتتوقع تراجع إنتاجها بقدر كبير يعادل التراجع بعد اجتماع 2011 الذى وصل إلى مليون أو مليون و200 ألف برميل يومياً.
وعلاوة على ذلك، ليس لدى فنزويلا شيئا لتكسبه من الموافقة على رفع الإنتاج، فقطاع البترول لديها ينهار جراء القيود الاقتصادية والسياسية، وهبط إنتاجها بالفعل بمقدار 520 ألف برميل يومياً منذ اتفاق الخفض فى أكتوبر 2016، رغم ان مقدار الخفض المتفق عليه كان 95 ألف برميل يومياً، ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج أكثر.
وبالتالى لن تطالب السعودية فنزويلا وإيران السير ضد مصالحهم الاقتصادية الفورية فحسب من خلال دعم تغير سياسى سوف يتسبب فى انخفاض أسعار البترول، وإنما تطالبهم بالقيام بذلك بأمر من ترامب، الرئيس نفسه الذى يعتقدون أنه يحاول الإطاحة بهم.
والتقى الفالح مع نظرائه من دول عربية خليجية أخرى فى الكويت يوم الأحد الماضى فى محاولة لاكتسابهم فى صفه فى الخطة الجديدة، باعتبارهم من بين القلة القليل فى مجموعة اتفاق خفض الإنتاج القادرة على رفع الإنتاج، ولكن هذا الجزء الأسهل من الأمر، وتسويق هذه الخطة إلى البقية سيكون صعباً للغاية.
وأدى التراجع فى المعروض الفنزويللى إلى تحقيق أوبك وأصدقائها تخفيضات فى الإنتاج اعلى من المستوى المتفق، وساعد بلا شك فى تسريع عملية استنزاف المخزونات الفائضة، وبالتالى، فإن رفع الإنتاج حاليا لن يزيد على كونه خطوة لإعادة الإنتاج إلى المستويات المتفق عليها فى 2016، ولكن هذا وحده سوف يضيف أكثر من 800 ألف برميل يومياً إلى المعروض.
وقد يكون الانسحاب هو ما يتطلبه الأمر للمحافظة على تعاون روسيا مع الأوبك، لأنه سوف يسترضى قطاع البترول الروسى الذى يريد رفع الإنتاج، ولكنه يهدد بتقويض مكانة الأوبك.
وهناك الكثير من الأعضاء بجانب فنزويلا وإيران لن يتمكنوا من رفع الإنتاج، ومن قد يجادل فى أن رفع القيود على الإنتاج سيحمى مصالحهم.
وفى عام 2011، وقفت مجموعة من الدول ضد محاولات السعودية لرفع سقف الإنتاج، ولكن واصلت المملكة ضخ البترول، وعززت إنتاجها بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا خلال الـ8 أشهر الأولى من 2011، وفى اجتماعهم التالي، تم التخلى عن حصص الإنتاج الفردية، فلا تتفاجأ إذا رأيت السعودية وروسيا يتبعان سبيلهما الخاص إذا فشلا فى حمل بقية مجموعة الأوبك وأصدقائها معهم.
وسوف يسبق اجتماع أوبك القادم ندوات لمدة يومان، وهو حدث تنظمه المجموعة ويجذب المدراء التنفيذيين لأكبر شركات البترول فى العالم، وتحب ان تستغل المجموعة هذه الجمع لإظهار وحدتها، وهذه المرة تدور التكهنات أنه سيحل محل الأوبك فى القصور الفخمة فى فيينا «سعرو أوبك» – أى رابطة السعودية وروسيا لتصدير البترول.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»