بالنسبة لمتداولى البترول، لا يوجد مكان مثل خليج سالدانها، فعندما تراجعت الأسعار فى عام 2014 استطاعت شركات التداول توليد أرباحاً كبيرة من خلال تخزين ملايين البراميل من البترول الخام فى ميناء المياه العميقة الواقع شمال عاصمة الجنوب الأفريقية كيب تاون.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج، إن مرافق التخزين فى الميناء، الذى بنت فيه جنوب أفريقيا ملاجئ خرسانية شاسعة فى السبعينيات للمساعدة فى تخفيف آثار العقوبات البترولية من قبل الأمم المتحدة، والتى استهدفت عزل نظام الفصل العنصرى، أصبحت الآن أخذة فى التوسع، وتحمل إمكانات تجارية غير متوقعة.
وعندما ظهر هيكل الأسعار المعروف باسم «كونتانجو» فى سوق البترول، تمكن المتداولون من تحقيق أرباح غير مسبوقة، من خلال تخزين النفط الخام للتسليم فى المستقبل إلى المشترين فى أماكن أخرى، وحدث هذا اﻷمر فى عام 2009، وقبل أربعة أعوام عندما استخدمت شركات، بدءاً من مجموعة ميركوريا للطاقة وحتى مجموعة فيتول الموقع، تزايدت الأهمية الاستراتيجية لطريق الشحن حول رأس الرجاء الصالح.
وقال جو ويليس، محلل أبحاث بارز لدى شركة «وود ماكنزى» المحدودة: «لا يوجد شىء يقارن حقاً مع خليج سالدانها، فهو فريد من نوعه فى حد ذاته»، مشيراً إلى إمكانية وصوله إلى الناقلات العملاقة التى تجوب الطرق الرئيسية فى المحيطات، وربطه بين الأسواق الرئيسية فى آسيا وأوروبا والأمريكتين.
وبعد الإفراج عن رئيس جنوب أفريقيا الراحل نيلسون مانديلا، ونهاية العقوبات، باع صندوق الوقود الاستراتيجى فى جنوب أفريقيا احتياطياته تدريجياً، وبدأ فى تأجير الخزانات الخرسانية الست الخاصة بخليج سالدانها إلى الشركات التجارية.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن نحو 5.8 مليون برميل يومياً من البترول الخام، تحركت حول رأس الرجاء الصالح فى عام 2016، لتشكل بذلك نحو 9% من جميع أنواع البترول المنقول بحراً فى العام السابق.
ويستطيع سالدانها حالياً تخزين ما يصل إلى 45 مليون برميل، وهو ما يكفى لتعبئة أكثر من 20 ناقلة كبيرة، بينما تبلغ السعة التخزينية لمركز كوشينغ فى ولاية أوكلاهوما الأمريكية، والذى يخدم كنقطة تسعير لمعيار خام غرب تكساس الوسيط، بنحو 75 مليون برميل.
وستنمو طاقة سالدانها بنحو 30% مع إضافة أكثر من 13 مليون برميل من مرافق التخزين والخلط بحلول نهاية العام المقبل، وذلك بحسب مشروع مشترك بين شركتى «اويل تانكينج»، التى تقع فى مدينة هامبورغ اﻷلمانية، و«خدمات التعدين والنفط والغاز» المحلية.
وعقب ارتفاع الأسعار، باع التجار البترول المخزن فى سالدانها مع ارتفاع الأسعار بأكثر من ضعف الثمن فى نهاية العام الماضى، أما بالنسبة لمعظم فترات عامى 2015 و2016، والجزء الأول من عام 2017، فقد كان السوق فى حالة كونتانجو، التى تعنى أن الأسعار المستقبلية للنفط للشهور القادمة أعلى من المعدلات الحالية، والتى تسمح للمتداولين بشراء النفط الخام وتخزينه وتحقيق أرباحاً غير مسبقة لعملية بيع مستقبلية من خلال التحوط المالى.
وقال مات لوير، المتحدث باسم شركة «ميركوريا»: «لعب خليج سالدانها دوراً مهماً فى تطورنا كشركة»، مضيفاً: «نحن نبحث دائما عن وسائل توفر الحلول لمتطلبات التوريد العالمية، ومن خلال إيجاد القيمة فى البنية التحتية الحالية، فإننا نحافظ على الموارد ونفى باحتياجات الأطراف المقابلة لنا».