ارتفع سعر البترول من حيث القيمة الأوروبية من 50 يورو للبرميل فى شهر فبراير الماضى إلى 68 يورو فى مايو وهى بمثابة أخبار قاتمة ليس فقط للسائقين الأوروبيين ولكن أيضاً صداع فى جميع أنحاء منطقة اليورو.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن ارتفاع أسعار البترول يعد بشكل خاص تحدياً قاسياً أمام كبار المسؤولين فى البنك المركزى الأوروبى، الذين سيجتمعون الشهر الجارى لمناقشة السياسات المالية وتحديد موقفهم من برنامج التيسير الكمى.
وقال كارستن برزيسكى، الخبير الاقتصادى لدى مؤسسة «آى إن جى بيبا» إنه على الرغم من الاضطرابات فى إيطاليا وأماكن أخرى بمنطقة اليورو فإن الارتفاع فى أسعار البترول منذ بداية العام الجارى ربما يكون أكبر مشكلة بالنسبة للبنك المركزى الأوروبى.
عادةً ما يخلق ارتفاع أسعار البترول مشكلات للبنوك المركزية لأنه يضعف النمو ويرفع التضخم ولكن منطقة اليورو ستتأثر بشكل خاص لأن الواردات تمثل %98 من استهلاك البترول فى المنطقة ولأن العملة الموحدة ضعيفة مقابل الدولار.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن ارتفاع الأسعار بمثابة ضربة مضاعفة حيث غالباً ما يضعف الدولار عندما ترتفع أسعار البترول ولكن فى هذه الحالة سيؤدى تضخم اليورو إلى تضخيم تأثير ارتفاع أسعار الوقود.
ومع ظهور اقتصاد منطقة اليورو بالفعل على مؤشرات التباطؤ عقب النمو القوى فى العام الماضى فإن ارتفاع أسعار البترول قد يجعل الأمور أسوأ.
وكشفت الأرقام الحكومية الصادرة عن بلدان التالة الموحدة فقد نما الناتج المحلى الإجمالى الإقليمى بنسبة %0.4 فقط فى الربع الاول العام الجارى مقارنة بنسبة %0.7 فى كل ربع من الفصول الخمسة السابقة.
وانخفضت طلبيات المصانع فى ألمانيا التى تعد مركز قوة منطقة اليورو فى شهر أبريل الماضى للشهر الرابع على التوالي.
وتشير استطلاعات الأعمال إلى أن أسعار البترول المرتفعة قد بدأت بالفعل تؤثر بشكل كبير على تكاليف الشركات فى جميع أنحاء المنطقة حيث أظهرت الأرقام الأولية لشهر مايو تكاليف المدخلات عند أعلى مستوى لها فى ثلاثة أشهر مدفوع جزئيا بزيادة تكاليف الوقود والطاقة.
وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين فى شركة «آى إتش إس» إن هناك أجزاء كبيرة من منطقة اليورو غير قوية للغاية حيث سيشعر المستهلكون والشركات بالفعل بأثر زيادة الأسعار.
ويعتمد التأثير الاقتصادى لتكاليف البترول المرتفعة بشكل كبير على السبب والمتمثل فى معدلات الطلب المتزايدة التى تدفع الأسعار إلى الارتفاع فى حين أن زيادة الأسعار بسبب القيود فى العرض يمكن أن يشكل تهديدًا للنمو.
وفى البرتغال ساعدت السياحة والصادرات المتزايدة فى السنوات الأخيرة على انتشال اقتصاد تضرر بشدة من الأزمة الاقتصادية.
ومن المفترض أن يتفادى محافظو البنوك المركزية الصدمات قصيرة الأجل مثل ارتفاع أسعار البترول والتركيز بدلاً من ذلك على ضغوط الأسعار.
لكن التوقعات بارتفاع التضخم يمكن أن تسهّل على مسئولى البنك المركزى الأوروبى، فى اجتماعهم الشهر الجارى للدفع نحو إعلان موعد نهائى لبرنامج شراء السندات بقيمة 2.4 تريليون يورو، وبعد ذلك يمكن أن ترتفع أسعار الفائدة من أدنى مستوياتها القياسية.
وفى الوقت الحالى،تتوقع الأسواق أن يقوم البنك المركزى الأوروبى، برفع أسعار الفائدة فى منتصف عام 2019.
وأفاد برزيسكى، أنه إذا بقيت أسعار البترول عند المستويات الحالية فقد يزيد التضخم فى 2019 إلى %1.8 مقارنة مع تقديرات البنك المركزى الأوروبى البالغة %1.4 للعام المقبل.
وذكرت «فاينانشيال تايمز» أن رئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى، يحث البنوك المركزية فى المنطقة على اتباع نهج حذر يتمثل فى الصبر والحذر عند اتخاذ قرار بشأن كبح سياسة البنك المتشددة للغاية.
وعلى الرغم من أن الاقتصاديين فى البنك لا يزالون يتوقعون أن تظل ضغوط الأسعار ضعيفة فى السنوات القادمة إلا أن ارتفاع سعر البترول يساعد فى تقويض هذا التنافس.
وحتى الآن، قلل محافظو البنوك المركزية من أهمية مؤشرات التباطؤ الاقتصادى الأخيرة ولكن إذا ظل سعر البترول مرتفعاً سيكون من الصعب على البنك المركزى الأوروبى أن ينكر أن التوقعات أصبحت أكثر تشاؤماً.
واوضح المحللون أن زيادة أسعار البترول بنسبة %50 أدت إلى انخفاض فى الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة اليورو بنحو 0.6 نقطة مئوية على مدار عامين.