البطولة أظهرت الحاجة إلى إدارة التوقعات وتنويع نقاط القوة للفريق
التأهل إلى المونديال يظهر قدرة مصر على التنافس بالمستويات الدولية
خرجت مصر من دور المجموعات فى كأس العالم 2018 بحصيلة صفرية تضمنت 3 هزائم من أوروجواى وروسيا والسعودية واستقبلت 6 أهداف ولم تحرز سوى هدفين فقط.
الهزيمة المصرية مثلت خيبة أمل لمشجعى المنتخب لكن محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين فى مجموعة «أليانز» الألمانية، يرى أن مشاركة مصر فى مونديال 2018 تضمنت عدداً من الدروس المستفادة.
وقال العريان فى مقال له على موقع «بروجيكت سنديكيت» إن الخسارة التى واجهها المنتخب المصرى فى جميع المباريات التى شارك بها فى كأس العالم، تعتبر خيبة أمل لا يستهان بها بالنسبة لبلد تأخذ كرة القدم والكبرياء الوطنى بصورة جادة للغاية، لتبدأ بذلك عملية اللوم التى يبدو أنها لن تستثنى أحداً.
وأضاف أن هذا اﻷمر ربما يكون مفهوماً ولكنه ليس بناءً، ففى الواقع يهدد هذا النهج بحجب الدروس المهمة التى يمكن أن تساعد ليس مصر فقط، ولكن الاقتصادات الناشئة الأخرى أيضا، لتحقيق إمكاناتها الكبيرة، ليس فقط فى كرة القدم.
الدرس الأول من وجهة نظر العريان هو «إدارة التوقعات»، فقد ساد الثناء الشديد على نجم المنتخب محمد صلاح، الذى حاز على لقب أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى الممتاز موسم 2017 – 2018، وأصبح محبوباً لدى ملايين المصريين، وذلك فى الفترة السابقة لمباريات كأس العالم، بالإضافة إلى حقيقة أن مصر لم تتأهل لكأس العالم منذ عام 1990، مما أدى إلى تجاوز التوقعات لما يمكن أن يحققه الفريق بالفعل فى البطولة.
وتابع الاقتصادى المصرى «ينطبق هذا القول بشكل أكثر على صلاح، الذى عانى مؤخراً من خلع فى الكتف، مما أجبره على الخروج من المباراة النهائية التى فاز فيها ريال مدريد على منافسه الإنجليزى ليفربول ضمن دورى أبطال أوروبا، ومن ثم جلس على مقاعد البدلاء فى المباراة الأولى التى خاضها منتخب مصر فى المونديال أمام أوروجواى، فرغم ذلك ظل المصريون متفائلين – متفائلين للغاية فى الواقع- ومن ثم انتهى بهم الأمر إلى خيبة أمل بشكل يفوق ما كان ينبغى أن يكون فى الواقع، وبالتالى قد يؤدى هذا الإحباط إلى تصحيح التوقعات فى الاتجاه المعاكس».
وتطرق العريان إلى الدرس الثانى وهو الاستفادة من نقاط القوة لدعم التنويع، حيث قال إنه لم يكن أمل المصريين المتواصل للمنتخب الوطنى بعد إصابة صلاح ممتداً إلى إدراك وجود بعض الأسلحة السرية الأخرى التى تنتظر إثارة إعجاب المشجعين، بل على العكس من ذلك تماماً واصلت خطة اللعب المصرية اعتمادها بشكل كبير على صلاح، الذى يُعرف بموهبته بشكل جيد، ولكنه لم يتمكن من اللعب بكامل طاقته.
العريان شرح الأداء الفنى للمنتخب المصرى حيث يرى أن تكتيكات الفريق كانت بطيئة فى عملية التطور حتى بعد أن قام المنافسون بتخصيص لاعبين وثلاثة لمراقبة صلاح، وبدلاً من تنويع مواطن القوة، أصبح المديرون عالقين فى حالة نشطة من القصور الذاتى، فى محاولة منهم للقيام بالمزيد، ولكنهم ظلوا محصورين فى نهجهم الراسخ، حتى عندما واجهوا التحديات الأساسية.
أما الدرس الثالث فيتضمن ضرورة إنهاء المهمة على أكمل وجه، ففى المباراة الأخيرة التى خاضها منتخب مصر فى الدور اﻷول من كأس العالم، والتى شهد فيها المنتخب المصرى خسارة فادحة بهدفين مقابل هدف لصالح منتخب السعودية والتى وضعت الفريق فى ذيل القائمة الخاصة بمجموعته، سجل الفريق المنافس هدفى الفوز فى الوقت المحتسب بدل الضائع من كل شوط، مما يوضح تضاؤل تركيز الفريق مع اقتراب المباراة من نهايتها.
وذكر العريان أن ألمانيا ارتكبت خطأً مشابهاً، حيث سمحت لكوريا الجنوبية بتسجيل هدفين فى الوقت المحتسب بدل الضائع، وهو ما لا يصلح فى عالم الساحرة المستديرة ولا حتى فى مجال اﻷعمال التجارية أو صناعة القرار أو حتى فى أى مجال آخر، فمفتاح النجاح المستدام هو عدم الاستسلام حتى يتم إطلاق صافرة النهاية.
فائدة اقتصادية أخيرة يشرحها العريان تقوم على المشاركة الدولية وتعزيز رأس المال والموارد المحلية حيث يمكن أن تلعب دوراً حيوياً فى تعزيز رأس المال والموارد المحلية، فلاعب مثل صلاح أتيحت أمامه فرص للعب فى الخارج فى بطولات تتسم بتنافسية عالية، وبالتالى يمكنهم تعميق وتوسيع مهاراتهم بينما يمكنهم تطوير فهم استراتيجى أوسع للعبة كرة القدم، مما يضعهم فى وضع أفضل لتحسين أداء الفريق الوطنى فى المسابقات الإقليمية والعالمية.
وقال العريان إن الحركة المتزايدة للاعبين عبر الحدود ساهمت بالفعل فى التقارب بين مستويات مهارات الدول، وهو ما انعكس فى الحد من هيمنة القوى التقليدية مثل الأرجنتين والبرازيل وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، ففى الواقع لم تتأهل إيطاليا للمشاركة فى بطولة كأس العالم فى روسيا وخسرت ألمانيا فى دور المجموعات، وكذلك الأرجنتين.
العريان يدعو إلى بذل المزيد من الجهود لاغتنام الفرص الدولية لتنمية رأس المال البشرى ونقل المعرفة والخبرات المكتسبة ونشر ما تم تعلمه إلى أرض الوطن، فهذا صحيح بالنسبة لكرة القدم كما هو الحال بالنسبة للعديد من المساع الأخرى، بدءاً من العمليات التجارية وحتى التكنولوجيا.
وقال الخبير الاقتصادى المصرى إن تأهل مصر لكأس العالم أظهر قدرة البلاد على التنافس على أعلى مستوى دولى.
وبنظرة متفائلة يتابع «بدلاً من النظر إلى خسارتها كفشل يجب أن ينظر المصريون لتلك التجربة على أنها تجربة تعلم بإمكانها المساعدة فى توجيه البلاد فى سعيها إلى تحقيق إمكاناتها الكبيرة على جبهات متعددة، وفى الواقع، يمكن تطبيق الدروس المستفادة من خيبة اﻷمل الناجمة عن الخروج من منافسات كأس العالم إلى ما هو أبعد من كرة القدم، وخارج مصر».