انكمش اقتصاد كوريا الشمالية بأكبر معدل له، فى 20 عاماً، خلال العام الماضى، حيث بدأت العقوبات الدولية الأكثر صرامة المفروضة على البرامج النووية لدى «بيونج يانج» فى إظهار آثارها السلبية.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن إجمالى الناتج المحلى الخاص بالدولة الشيوعية الفقيرة انكمش بنسبة 3.5% فى عام 2017، مقارنة بالعام اﻷسبق عندما سجل اقتصاد البلاد نمواً بنسبة 3.9%.
وأشارت إلى أن هذا الانكماش الاقتصادى الذى عانت منه كوريا الشمالية يعد الأكبر منذ انكماش عام 1997 البالغ نسبته 6.5%، حيث تعرضت البلاد آنذاك لمجاعة كاسحة.
وبحسب ما ذكره البنك المركزى الكورى الجنوبى، انخفضت التجارة الخارجية لجارتها الشمالية بنسبة 15% لتصل إلى 5.6 مليار دولار العام الماضى، مع انخفاض الصادرات بنسبة 37.2%، حيث تضررت صادرات كوريا الشمالية من المعادن والفحم ومنتجات المنسوجات بشدة جراء العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الصين، الشريك التجارى الأكبر لكوريا الشمالية، أكثر صرامة فى تنفيذ العقوبات فى النصف الأخير من عام 2017.
وتجدر الإشارة إلى أن الدخل السنوى للفرد فى كوريا الشمالية بلغ 1300 دولار فقط مقارنة بما قيمته 29.6 ألف دولار يتقاضاها الكوريون الجنوبيون.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن الانكماش الاقتصادى الحاد يأتى فى الوقت الذى يحول فيه الزعيم الكورى الشمالى كيم جونغ أون تركيزه بشكل متزايد من تطوير الأسلحة إلى النمو الاقتصادى، وذلك من خلال تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وانتقد الرئيس الكورى الشمالى المسئولين فى بلاده فى الأسابيع الأخيرة، نظراً لعدم إحراز تقدم فى مشاريع البناء وسوء عملية تحديث مرافق الإنتاج، حيث أظهر جونغ أون هذه التعليقات خلال رحلات قام بها إلى المواقع الصناعية التى تهدف إلى حشد الدعم لحملته الاقتصادية، وذلك وفقاً لما قالته وسائل الإعلام الكورية الشمالية.
ويعتقد العديد من المحللين، أن الوضع الاقتصادى المتردى، الذى تجد كوريا الشمالية نفسها فيه، ربما كان العامل الحاسم الذى دفع الرئيس الكورى الشمالى للقدوم إلى طاولة المفاوضات حول نزع السلاح النووى، حيث وافق كيم على العمل من أجل تحرير شبه جزيرة كوريا من الأسلحة النووية مقابل ضمانات أمنية ومساعدات اقتصادية، وذلك خلال القمة التاريخية التى عقدها مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى سنغافورة يونيو الماضى.
وقال ترامب، إن كوريا الشمالية ستحظى بفوائد كبيرة فى نهاية عملية نزع السلاح النووى، وذلك بعد أن حث وزير الخارجية اﻷمريكى مايك بومبيو فى وقت سابق من يوليو الجارى بيونج يانج على محاكاة نموذج الإصلاح الاقتصادى لدى فيتنام، ولكن هناك مسئولين أمريكيين أكدوا مجدداً استمرارية تطبيق العقوبات، لأن التوصل إلى اتفاق نزع السلاح النووى قد يستغرق بعض الوقت.
ووفقاً لهذا الصدد، لا يتوقع المحللون تحسن اقتصاد كوريا الشمالية كثيراً خلال العام الجارى ما لم يتم إحراز تقدم كبير بشأن نزع الأسلحة النووية، نظراً لارتباط المشاريع الاقتصادية بين الكوريتين والاستثمارات الأجنبية المحتملة اﻷخرى بالتقدم فى المحادثات النووية.