محافظ المركزى الإيرانى الجديد يجب أن يأخذ فرصته


بقلم: اسفانديار باتمانقليج

 

ستعيد الولايات المتحدة، فرض العقوبات على البنك المركزى الإيرانى فى إحدى الخطوات الناتجة عن انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووى فى مايو الماضى، وهو ما سيشكل أول تحدى يواجه عبدالناصر هيمتى، المصرفى المخضرم والمدير التنفيذى لشركة التأمين المركزية والذى عُين مؤخراً محافظاً لـ«المركزى الإيرانى».

وكان سلفه، ولى الله سيف، ضحية للعقوبات، وساعدت المخاوف المتزايدة من تأثيرها على الاقتصاد فى تسريع انهيار الريال، والذى فقد نصف قيمته منذ مارس، ووصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 100 ألف ريال للدولار.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على «سيف» كفرد، وقالت إنه ساعد قوة القدس، وهى ذراع تابع للحرس الثورى الإيراني، وبالتالى اعتبرته أمريكا داعماً للإرهاب، وإذا أراد البيت الأبيض إدارة انهيار للاقتصاد الإيرانى بأى طريقة ممكنة، فلا يمكن أن يتوقع «هيمتى» أى رحمة، ولكن إذا كان الهدف هو «تغيير سلوك القيادة فى إيران، لكى تتماشى مع مايريده فعلاً الشعب الإيرانى»، كما قال وزير الخارجية، مايك بومبيو، فإن وصول مصرفى مركزى جديد- وهو أول تغير فى القيادة الإيرانية منذ أن مزق ترامب الاتفاق النووى – هو فرصة لإعادة تصميم العقوبات بحيث تعمل بشكل أفضل.

وينبغى أن تستغل الولايات المتحدة وصول هيمتى كفرصة لمزامنة سياسة العقوبات مع مجهودات شركائها الأوروبيين،وفى يونيو الماضى، طلبت حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا رسمياً إعفاءات من العقوبات بما يسمح للمؤسسات الأوروبية بالحفاظ على علاقاتها بالبنك المركزى الإيرانى، ورفضت الحكومة الأمريكية طلبهم، وأرسل لهم، سيجل ماندلكير، نائب وزير الخزانة للإرهاب والاستخبارات المالية، رسالة حادة قائلاً: “لا تنخدعوا عندما تتعاملوا مع البنك المركزى الإيرانى”، ومن الواضح أن الولايات المتحدة ستواصل حملة الضغط على إيران، وعلى الأرجح ستستمر أوروبا فى محاولات الانخراط معها فى أعمال، ولكن من الممكن أن يتم الجمع بين الحوافز الأوروبية والروادع الأمريكية لتشكيل أفعال البنك المركزى الإيرانى، فإذا سمحت أمريكا للأوروبيين باستخدام قنوات الدفع الخاصة بالمركزى الإيرانى، فذلك سوف يعطيهم نفوذاً أكبر على قيادة البنك،وتقدم احتمالية استمرار التجارة والاستثمار رغم العقوبات الأمريكية حافزاً قوياً لإصلاح القطاع المالى، ومن الأسهل عادة تعديل السلوك باستخدام سياسة الجزرة والعصا بدلاً من العصا وحدها.

وينبغى السماح لهيمتى بتعزيز مجهودات إيران فى محاربة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، وأعطت مجموعة العمل المالى “فاتف”، وهى هيئة عالمية تروج لسيسات مكافحة الجريمة المالية، لإيران فترة سماح حتى أكتوبر لتنفيذ البنود المتبقية فى خطة عملها وإلا سيتم إدراجها مجدداً فى القائمة السوداء للمجموعة، وهناك دعم سياسى متزايد فى إيران لتنفيذ هذه الاشتراطات، ويعود ذلك جزئياً إلى أن الأوروبيين وضحوا أن نشاطاتهم التجارية فى البلاد ستتوقف على امتثالهم لهذه الاشتراطات، ويحتاج “هيمتى” إلى تمكينه لتوضيح أن إجراء هذه التغيرات فى التصرفات الإيرانية يمكن أن يقود إلى تحولات فى السياسة الأمريكية، ويتعين على حكومة ترامب ألا تجعل الأمر أصعب عليه من خلال تشديد العقوبات، وإعطاء “هيمتى”، مثل فترة السماح تلك، سيثبت أن الولايات المتحدة تلتزم بالإجراءات القانونية الواجبة فى سياسة العقوبات، وهذا الالتزام يعنى اعتبار المحافظ الجديد برىء حتى تثبت إدانته.

وهناك سبب آخر يدعو للتفاؤل بشأن هيمتى، فهو أكاديمى ومؤلف لبحوث بشأن العلاقة بين الدخل واستهلاك الطاقة والمياه، (وتعانى إيران حالياً من انقطاعات للتيار وجفاف)، كما درس العوامل التى تؤثر على التضخم فى إيران، واستنتج أنه فى كل عام “تزداد فيه حدة العقوبات” يرتفع التضخم بأكثر من 8%، بمعنى آخر، هو شخص يفهم مبادئ الإدارة المالية السليمة وتكلفة العقوبات على دولته، وبالإضافة إلى تهدئة المخاوف الأمريكية بشأن الجريمة المالية وتمويل الإرهابيين، ينبغى على »هيمتي« استعادة السيطرة على أزمة العملة فى إيران، ومعالجة ديون البنوك المتزايدة، وإصلاح علاقات إيران مع النظام المالى العالمى، وسيكون نجاح محافظ البنك المركزى الجديد فى صالح الشعب الإيرانى، وحلفاء أمريكا فى أوروبا، وحتى فى صالح حكومة ترامب.

 

بقلم: اسفانديار باتمانقليج

مؤسس شركة «بورص آند بازال» الاعلامية التى تدعم دبلوماسية الأعمال

بين أوروبا وإيران من خلال الدعاية وتنظيم المؤتمرات والأبحاث

إعداد: رحمة عبدالعزيز

المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2018/08/07/1121896