
بقلم: جوليان لي
استراتيجي بترول لدى “بلومبرج”
دخلت أول عقوبات أمريكية على إيران حيز التنفيذ مع قليل من الإشارات على تخفيف أى من الطرفين لموقفه
وسيعاد فرض العقوبات على البترول أوائل نوفمبر، وسيكون التأثير أكبر وأسرع من المرة الماضية.. ويبدو أن المتنبئين في قطاع البترول لم يدركوا ذلك بعد.
ولا يوجد شك أن الرئيس دونالد ترامب سيكون أقسى مع إيران من باراك أوباما، ولن يكون هناك تشديد تدريجي للضغوط، ومن المقرر أن يتوقف مستوردي البترول الإيراني عن الشراء بحلول 5 نوفمبر، عندما تدخل القيود حيز التنفيذ.
ولا يهم إذا عارضت الحكومات الأوروبية انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، فقد يعمل الساسة والبيروقراطيين على استمرار صادرات إيران من البترول والغاز، ولكن الشركات في النهاية هي التي تشتري البترول الإيراني وليس الحكومات، وما قد يوقفهم عن الشراء هو منعهم من دخول السوق والنظام المصرفي الأمريكي، وامتناع شركات الشحن العالمية عن نقله وشركات التأمين عن تغطية هذه المشتريات.
إذاً، فماذا سيكون الحال نتيجة فقدان صادرات البترول الإيرانية؟
تراجعت بالفعل صادرات الخام والمكثفات الإيرانية في يوليو بمقدار 430 ألف برميل يوميا أو 15% من مستوياتهم في أبريل، في الشهر السابق لإعلان ترامب عن بدء العقوبات، وقبل أن تدخل القيود حيز التنفيذ.
وتوقفت شركتا “رويال داتش شل”، و”توتال” عن الشراء، وستحذو حذوهما شركات أوروبية أخرى بالتأكيد. وبحلول يوليو، تراجعت وارادت الخام الأوروبي من إيران بحوالي 220 ألف برميل أو 41% من مستوياتها في أبريل، ولا تعجب عندما ترى مستواهم ينخفض إلى الصفر بحلول نوفمبر.
وتظهر تركيا انقسامًا مشابهًا بين الساسة والشركات.
فرغم أن وزير الاقتصاد، نهاد زيبكجي، قال إن العقوبات الأمريكية غير ملزمة لهم، هبطت واردات شركة “توبراش” للبترول والتكرير من الخام الإيراني بنسبة 45% منذ أبريل.
وفي آسيا، أكبر سوق لصادرات إيران، توقفت كوريا الجنوبية عن شراء الخام والمكثفات منذ نهاية يونيو، وهذا يضع طهران في وضع حرج، لأن الكوريتان أكبر مشتر لمتكثفاتها، وشكلتا أكثر من 50% من شحناتها على مدار الـ12 شهرًا المنتهية في يونيو.
ويبدو أن شحنات المتكثفات إلى الإمارات توقفت أيضا، ولا تزال آخر شحنتين تنتظران التفريغ، وكانت شركة البترول الوطنية الإماراتية تستورد الإمدادات من أماكن بعيدة منها الجزائر وغينيا الاستوائية وأمريكا والقطب الشمالي الروسي.
ولن تتحدى اليابان، الولايات المتحدة كذلك، وتراجعت واردات الخام الإيراني بعد العقوبات التي فرضها أوباما وتعافت بشكل طفيف عندما تم تخفيف العقوبات في 2016.
ورغم أن المسئولين اليابانيين لا يزالون يتحدثون مع نظرائهم الأمريكيين، فإن الشركات لا تتوقع أن تتلقى أي إعفاءات وقد تتوقف الواردات تماما قبل نوفمبر.
وهذا يقودنا إلى الهند والصين، اللتين لم تخفضا مشترياتهما بعد.. بل إن الهند رفعتها، وتذهب معظم الإمدادات الإضافية إلى مخزن في مانجالور، ومع ذلك، قد يكون هذا مؤقتا، إذا كانت المصافي ترفع مخزوناتها قبل النقص المتوقع في المعروض.
ومن غير المرجح أن تشتري شركة “هندوستان” للبترول أي بترول إيراني، قبل أن تحصل الهند على إعفاء من الولايات المتحدة، وطلبت وزارة البترول الهندية من المصافي المضي قدما بحذر.
وقالت الصين، التي يرى البعض أنها تلتهم خام إيران المتروك من أماكن أخرى، إنها لن تخفض المشتريات، كما أنها لن تعززها، ومع ذلك ارتفعت شحنات الخام والمكثفات بمقدار 105 آلاف برميل يوميا أو 14% منذ أبريل، ولكن هذه المشتريات قد تنخفض الآن بعدما أزيل الخام الأمريكي من قائمة بضائع أمريكية تستهدفها التعريفات الصينية.
وإلى أين يقودنا كل ذلك؟ تحت رئاسة أوباما، تراجعت صادرات الخام والمكثفات الإيرانية بحوالي 1.2 مليون برميل يوميا على مدار عامين، ولكن تحت رئاسة خلفه، يبدو أن التراجع سيكون أكبر وأسرع، حتى دون الدعم السياسي لحلفاء أمريكا.
ومن السهل أن نرى مليون برميل يوميا يختفون بحلول نوفمبر فوق الـ 430 ألف برميل الذين فقدوا بالفعل، وسيؤي وقف الشحنات إلى أوروبا والإمارات واليابان وانتصاف التدفقات إلى الهند إلى تقليص الصادرات الإيرانية بمقدار 1.5 برميل يوميا على مدار ستة أشهر.
لذا يتعين على السوق الاستعداد لتداعيات هذا الأمر.
إعداد/ رحمة عبدالعزيز.
المصدر/ وكالة أنباء “بلومبرج”.