يمكن القول إن إنتاج المملكة العربية السعودية من البترول هو الرقم اﻷهم فى الصناعة، ويحدد ما إذا كان السوق سيشهد معروضًا أقل أو أكثر، ويتتبعه عن كثب عدد من الجهات المؤثرة بدءًا من تجار البترول وصولاً إلى البيت الأبيض.. لذلك تجذب السعودية الانتباه سريعًا بمجرد إثارة المفاجآت.
وتعهدت السعودية في يونيو الماضي برفع إنتاجها من البترول، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها استجابة للضغوط المفروضة من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن وصلت أسعار البترول إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2014.
لكن بعد رفع إنتاجها في هذا الشهر، أعلنت السعودية تخفيضه مرة أخرى في يوليو الماضي، فاﻷرقام التي قدمتها البلاد إلى منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” تشير إلى أنها خفضت الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميا الشهر الماضي، ليصل إلى 10.3 مليون برميل يوميا، مما ألغى حوالي 40% من الزيادة السابقة.
ومن الإنصاف القول إن سوق البترول، وربما البيت الأبيض – قد يتساءلان عما يحدث، في حين قدمت السعودية تفسيرا مبدئيا، إذ قالت إنها تستجيب ببساطة لمستوى الطلب في السوق، مما يجعلها تنتج براميل البترول التي يحتاجها عملاء مصافي التكرير.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن الخطوة التي اتخذتها السعودية لم يتم قبولها بسهولة من قبل الجميع في السوق، خصوصا أن جزءًا من السبب الذي جعلها تستجيب للمرة اﻷولى لضغوط البيت الأبيض لزيادة الإنتاج، هو إعادة فرض العقوبات الأمريكية على منافسها الرئيسي إيران.
وفي الوقت الذي لن تدخل فيه العقوبات البترولية حيز التنفيذ إلا في نوفمبر المقبل، يشير الرأي إلى وجوب رفع السعودية للإنتاج بصرف النظر عن طلب العملاء لتوفير الإمدادات الاحتياطية عند نقص البراميل الإيرانية الذي يلوح في اﻷفق، فالتجار يتوقعون بشكل متزايد عرقلة العقوبات الأمريكية لمليون برميل يوميا على الأقل من الصادرات الإيرانية.
وقالت شركة “انرجي اسبكتس” لاستشارات الأبحاث البترولية البريطانية إنها تعتقد أن حجم الإنتاج البالغ 10.3 مليون برميل يوميا، الذي أعلنته السعودية مؤخرا، كان منخفضا للغاية وربما يكون محاولة لدعم الأسعار، مشيرة إلى الصور الملتقطة بالأقمار الصناعية يقال إنها أظهرت بناء مخزونات محلية في السعودية.
وقد تشعر السعودية بالضغط المفروض من قبل البيت اﻷبيض لتخفيض اﻷسعار.. لكنها لا ترغب في انهيار السوق نظرا لاعتمادها الاقتصادي على البترول، وبالتالي فهي تحاول بدلاً من ذلك موازنة سعر البترول الخام بين 70 و80 دولاراً للبرميل، كما أنها لا تريد أن تثير استياء إيران، العضوة الزميلة في اﻷوبك، التي عارضت رفع إنتاج الكارتل بقوة.
ولكن مهما كانت الحقيقة التي تدور حول إنتاج السعودية من البترول في يوليو الماضي، سيتحول الاهتمام قريبا إلى اﻷرقام المسجلة في أغسطس، حيث سيستعد التجار للمفاجأة التالية ما لم يكن هناك المزيد من الوضوح في المقام اﻷول.