أعتقد أن مواطن أى دولة لا يعتد بما يقال عن معدلات النمو الاقتصادى فى الدولة أو اختلال توازن الميزان التجارى المعنى بالواردات والصادرات، بل ما يعنيه هو غلاء الأسعار وما يدلل على ذلك هو سوق صرف العملات الذى يعنى بمدى قوة العملة المحلية التى هى المتحكم الرئيسى فى زيادة وانخفاض سعر المنتجات والخدمات.
إن حساسية العملة المحلية بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية من أخطر الأزمات التى تواجه أى سوق اقتصادى، وهذا ما يحدث بالفعل فى تركيا، على الرغم أن الاقتصاد التركى من الاقتصادات الأكثر نمواً تبعاً لتصنيف صندوق النقد الدولى، بل إنَّ الاقتصاد التركى فى المركز السابع عشر على العالم من حيث القوة، ولكن ما خذل الاقتصاد التركى هو هبوط سعر الليرة التركية لمستويات قياسية حتى وصلت إلى 7 ليرات مقابل الدولار ويعزو ذلك لأسباب سياسية واعتماد تركيا على الطفرة فى الاستثمارات العقارية، وعليه اتخذت تركيا خطوة ضد المنتجات الإلكترونية الأمريكية التى تعد أحد الأسباب الرئيسية فى انخفاض العملة التركية، والتى تنذر بانخفاض سعر العملة مجدداً إذا لم تتدارك تركيا ذلك، وتكف الحكومة التدخل فى السياسات النقدية للبنك المركزى التركى. إن تنامى الديون الخارجية هو ما قد يؤدى إلى انهيار الاقتصاديات العالمية والسقف المحدد يجب ألا تتجاوز سقف %60 من الناتج المحلى الإجمالى، لذا ما زالت تركيا تحت هذا السقف، وهذا ينطبق على جميع الاقتصاديات العالمية، وعليه كلما ارتفع مؤشر الدين الخارجى هذا إنذار بالدخول إلى هذا النفق المظلم بعيداً عن تقارير صندوق النقد الدولى والمؤسسات المالية العالمية وفى الغالب تكون مضللة.
إن النمو السريع فى الاستثمارات العقارية نمو وهمى على عكس النمو الحقيقى فى القطاعات الزراعية والصناعية الذى يكون ذا تأثير حقيقى على ارتفاع الأسعار ومحاربة الغلاء والقضاء على التضخم الذى يعنى انخفاض قيمة العملة المحلية للدولة، وبالتالى ما يعتبر إنجازاً فى القطاعات الزراعية والصناعية يعتبر نمواً؛ لأنه بناء عليه هو الذى يحدد عجز أو فائض الميزان التجارى للدولة، وعليه كلما زاد الإنتاج انخفض التضخم، وكلما انخفض الإنتاج زاد التضخم. إذن مؤشرات التنمية الاقتصادية هو القطاع الزراعى والصناعى وليس القطاع العقارى الذى يمثل نمواً سريعاً بعيداً عن الأسس القوية لبناء أى اقتصاد فى الأسواق الناشئة. فى العادة الدول العربية لا يمثل التذبذب فى البورصات أى مؤشر اقتصادى حقيقى بل نتيجة مضاربات وآراء سياسية من خلال تسارع كثير من المستثمرين للتخلص من الأسهم بوتيرة متسارعة يؤدى إلى هبوط هذه البورصات بسبب المجموعات الاستثمارية الأجنبية الذى تعنى الأموال الساخنة والتى تستخدم كذلك فى القروض من خلال أذون وسندات الخزانة.
عليه سجل الإنجازات فى المجال الزراعى والصناعى متبوعاً بالاستثمارات السياحية وضبط الهيكل الضريبى وإصلاح منظومة القوانين الضامن الحقيقى للاستثمارات هو ما يعدو نمواً اقتصادياً يعتد به وعليه يتم خفض سعر العملة الأجنبية مقابل العملة المحلية، وبالتالى خلق فرص عمل للشباب من خلال المشروعات العملاقة فى القطاعات الاقتصادية المذكورة آنفاً. إنَّ جذب الاستثمارات فى ظل عدم استقرار سياسى وأمنى هراء فقط بل زيادة الاستثمارات من العملات الأجنبية عن طريق ضمانة شهادات المؤسسات المالية العالمية لهذا الاقتصاد أو ذاك هو طريق لانهيار اقتصاد نحو الهاوية بنفس قوة الحصول على القروض الاستهلاكية.
بقلم: عادل الزناتى
محاسب قانونى