الليرة التركية بين الإرهصات الاقتصادية والسياسية صعوداً وهبوطاً، ولذا هذه المعاناة للعملة التركية على غير الواقع الاقتصادى القائم، حالياً، وذلك إذا علمت أن تركيا السابع عشر عالمياً ومن مجموعة العشرين اقتصادياً، ولذا سوف نتعرف على دعائم الاقتصاد التركى، ومدى تحصين هذه الاقتصاديات للعملة التركية (الليرة) من الانهيار.
إنَّ تركيا دولة زراعية من الطراز الأول، وهى تنتج 1500 منتج زراعى يصدر لعدد 150 دولة، ولقوة ومتانة هذا القطاع احتلت المركز الثالث عالمياً، بعد الهند والصين، وعليه هذا القطاع يمثل 20% من الناتج القومى، بل يمثل نسبة التشغيل فيه بما يقارب 58% من الأيدى العاملة بهذا القطاع، بل زاد التطوير فيه بصناعات كثيرة ساهمت فى توفير فرص عمل للشباب، مما حدَّ من البطالة، بل حدَّ من التضخم وزيادة التصدير.
الصناعة التركية فى مراكز متقدمة جعلتها فى المركز السادس عالمياً لما تشتهر به من صناعة السيارات والمنسوجات والسفن والحديد والصلب والأسلحة وغيرها من الصناعات الثقيلة والمتعددة، ويستوعب هذا القطاع من الأيدى العاملة ما يفوق 400 ألف عامل، بل لها بصمات فى بعض المجالات الصناعية كالحديد والصلب، وتحتل فى الترتيب الثامن عالمياً. وفى إنتاج العسل الثانى عالمياً بعد الصين متصدرة الترتيب، بل يوجد بها أكثر من 30 ألف مصنع قابلة للزيادة، إذن هى دولة صناعية، ويمثل 24% من الناتج القومى.
العائدات من قطاع الخدمات تمثل 65% من الناتج القومى تقريباً؛ بسبب أنها من المدن السياحية الأجمل عالمياً، بل من إحدى أهم مدن التسوق فى العالم، ومازال التطوير مستمراً.
الضرائب والرسوم فى تركيا تبلغ 33% من ناتج الدخل القومى، ما يعنى لا يمثل بند الإيرادات الرئيسية فى الموازنة التركية، وتأتى البيانات المالية من مصادرها لتعطى دلالة أن الفرص الاستثمارية قوية جداً، بل تبلغ الاستثمارات المباشرة بحدود 50% من إجمالى الاستثمارات، ولذا الهدف من هذه البيانات التعرف على حقيقة الأزمة الاقتصادية المتمثلة فى انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار حتى أصبح يتراوح بين 6.5 إلى 7 مقابل الدولار الأمريكى.
وفى اعتقادى بدأت أزمة الليرة التركية منذ محاولة الانقلاب الفاشل فى 2016 الذى تسبب فى سحب الأموال الساخنة لتجنب الأحداث السياسية فى المستقبل، ما أدى إلى تخوف المستثمر على المديين القصير والمتوسط من مجهول هذه العواصف السياسية المقبلة، وما زاد الطينة بلة هو القبض على القس الأمريكى أحد أهم أسباب الانقلاب الأمريكى على تركيا التى تطالب بالإفراج عنه أو مواجهة العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
وهذا السبب الذى سبق ذكره توافق مع زيادة التدخل الحكومى فى سياسية البنك المركزى التركى بل زيادة الاستثمارات الخليجية العقارية التى تعد نمواً لا يعتد به فى الدول المتقدمة كأساس للنمو الاقتصادى، وأن انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار أدى إلى عجز تركيا فى مواجهة سداد فاتورة الاستيراد من الغاز الطبيعى الذى يبلغ 90% من الواردات التركية، بل إنَّ قروض تركيا تزداد وتفاقم عجز الحكومة التركية من سداد فاتورة خدمة الدين الخارجى، وبالتالى يزيد من عجز الموازنة العامة للدولة.
وفى النهاية تركيا تدفع فاتورة انخفاض سعر الليرة بسبب التدخلات السياسية الخارجية فى كثير من الدول العربية مما يزيد من ميزانية الأمن القومى، ويعد أحد معوقات التنمية الاقتصادية، علاوة على التوترات الداخلية والصراع مع حزب العمال الكردستانى متمثلة فى المشكلة الكردية المستمرة منذ عقود دون علاج جذرى. إذن ما هى نهاية الصراع الحالى فى المستقبل القريب؟ الليرة تنجو أم مزيد من التدهور فى سعر صرف مقابل الدولار الأمريك؟