ديون مصر الداخلية كانت فى يونيو 1999 حوالى 216 مليار جنيه. ارتفعت إلى 960 مليار جنيه فى يونيو 2010 ثم إلى 1600 مليار جنيه فى يونيو 2013، ثم إلى 2500 مليار جنيه فى يونيو 2016 حتى وصلت الأن فى يونيو 2018 إلى 3600 مليار جنيه.
كل %1 فائدة على هذه الديون الداخلية تساوى الآن 36 مليار جنيه سنوياً، أى أن قرار طارق عامر، الحفاظ على سعر الفائدة عند %17.25 يكلف الدين الحكومى حوالى 621 مليار جنيه سنوياً. هذا بخلاف أن الدولة عليها أيضاً أن تدفع أصل هذا الدين، وبخلاف أن هذه الفائدة غير مشجعة للمستثمر. فعادة أى فائدة أعلى من %8 تصبح غير مشجعة للكثير من المستثمرين. إذا نجحنا فى خفض الفائدة بنسبة %5 سيحقق ذلك وفراً فى الموازنة العامة بقيمة 180 مليار جنيه سنوياً، وإذا نجحنا فى تخفيض %10 سنحقق وفراً 360 مليار جنيه.
هل لا يعلم طارق عامر ذلك؟ طبعاً يعلمه ولكن المشكلة تكمن أنه إذا خفض الفائدة سيسحب المصريون والأجانب أموالهم بالجنيه المصرى ويحولونه إلى دولار أو ذهب (هذا يعنى دولاراً أيضاً) أو إلى استثمارات (وهذا يعنى أيضاً تحويلات دولارية)، وبالتالى سيزيد الطلب على الدولار، وسينخفض الجنيه إلى أدنى مما هو عليه الآن، وستزيد الأسعار من جديد.
ما هو الحل؟
الحل هو فى وضع خطة لزيادة صادرات مصر من 28 مليار دولار للحاق بدولة مثل تركيا (157 مليار دولار) أو ماليزيا (حوالى 216 مليار دولار طبقاً لمنظمة التجارة العالمية)؛ لأن الصادرات ستجلب الدولار، والدولار سيجعلنا نستطيع تخفيض الفائدة وتخفيض مصروفاتنا.
مع بعض الدراسة فى صادرات الدول التى تصدر أكثر من 100 مليار دولار سنوياً سيجد كل مصرى أن معظم الصادرات هى صادرات صناعية، وبالتالى تطوير الصناعة هو الحل. وأول خطوة هى تجهيز مناطق صناعية بكامل المرافق والمبانى (1000 متر و2500 متر وأكثر من ذلك) بالإيجار كما تفعل الصين وفيتنام؛ لأن تجارة الأراضى التى نعشقها لن تجدى، ولكن الجدية فى خلق مناطق صناعية كثيرة بأسعار مناسبة هى التى ستحقق الهدف.
فيتنام عندها حوالى 300 منطقة صناعية (3 أضعاف ما عندنا). لماذا لا ننفذ نفس الطريقة التى عملوها؟ الدولة توصل المرافق الأساسية والمطور يوصل الباقى. وليس كما يتحقق عندنا أن الدولة توصل بعض المرافق وليس كل المرافق، وبالتالى يتعثر المطور ويخسر الجميع.
الحاجة الثانية هى أن علينا أن نعطى حوافز مناسبة لكل قطاع. إذا لم نعط حوافز فلن يأتى لنا المستثمر ولو بعد 100 عام. علينا أن نفهم ذلك ونفهم الحوافز المطلوبة لكل قطاع وتكلفتها والعائد منها. لا بد أن يكون بالحكومة كفاءات تستطيع عمل هذه الحسابات. بدونهم لن نفهم لغة المستثمر كأننا نتكلم العربية وهو يتكلم الهيروغليفية!! أنا رأيى الشخصى هو تخفيض الفائدة %2 فى أسرع فرصة وتوجيه هذا الوفر فى الفائدة التى كنا سندفعها فى سنة (72 مليار جنيه أو 36 مليار جنيه لكل %1) إلى توفير مناطق صناعية بسعر مناسب ووضع برنامج حوافز قوى لكل قطاع صناعى. فما هى المشكلة من توفير مبانٍ صناعية بكامل مرافقها بسعر مخفض جداً لجذب المستثمر لسيناء أو حلايب وبأسعار أعلى للقاهرة، ولكن أحسن من الدول المنافسة. وما هى المشكلة من إعطاء حوافز؟ الفائدة العالية الآن خطأ وضررها أكبر من نفعها. علينا أن نتحرك ونوجه مصروفاتنا لدعم الفائدة إلى دعم تطوير الصناعة والصادرات. علينا أن نفعل 10 أضعاف ما نفعله الآن فى الصناعة والصادرات لكى نلحق بنفس صادرات تركيا أو ماليزيا ولكى نحقق إيرادات للدولة أعلى تجعلنا نستطيع الصرف على التعليم والصحة والبنية التحتية كما فعلت الدول التى نجحت.