لا بد أن المتابع البسيط لاقتصاد دول العالم هذه الأيام يعلم حجم المعاناه التى تجعل المستثمرين قلقين من أداء الأسواق، فالأزمة فى الأساس بين أمريكا والصين حيث إن الصين أطلقت فى 28 مارس من هذا العام ما عرف بالـ»اليوان البترولي» (عقود آجلة مضمونة بالذهب) ولهذا نجد العنف فى السياسات الأمريكية رغبة فى الاستحواذ على أكبر قدر من أموال المستثمرين.
حياة أو موت
نجاح اليوان البترولى هو بمثابة حياة أو موت بالنسبة للصين وأمريكا، حيث إنه تم الاستحواذ على %14 من الحصة السوقية من مبيعات المادة الخام من البترول فقط منذ بداية مارس هذا العام (منذ إطلاق اليوان البترولي) ثم بدأت فكرة «حرب العملات بين الصين وأمريكا»، ثم قامت أمريكا بالعمل على كذا محور فى وجهت نظرى وأقسمها الى محورين أساسيين: (خطة رد فعل وخطة دفاعية)
-1 رفع الفائدة من جانب الفيدرالى الأمريكى (كخطة رد الفعل)
رفع الفائدة مكلف على أمريكا لارتباطه الإيجابى بالفوائد على الدين وتأثيره السلبى على الاقتصاد ككل، فما المقابل؟ رفع الفائدة كان بمثابة حافز لجذب رؤوس الأموال خوفاً من سحبها إلى الصين أو إلى دول الاقتصاد الناشئ ولذلك أشار الفيدرالى إلى ارتفاع تدريجى فى الفائدة يصل إلى %3.5 فى بداية 2020 علاوة على الزيادة التى وصلت إلى %2 خلال العام الجاري، بجانب تأثير رفع الفائدة على ما تعانية البورصة الأمريكية من مبالغة فى التقييم وزيادة فى معدلات التضخم.
2 – استخدام «البيت كوين» (كخطة بديلة)
اعتقادى أن «البيت كوين» فكره أمريكية الأصل (حيث حاولت امريكا تسويق عكس ذلك من خلال مجهولية مخترعين هذه العملة)، تستخدم كخطة بديلة فى حالة انخفاض الدولار وسوق لها من خلال الزيادة غير المبررة فى هذه العملة خصيصاً عن باقى العملات الافتراضية. والجدير بالذكر وجود ارتباط معنوى بين العملات الافتراضية والدولار الأمريكى مما يفقدها أهم ميزة وهى كونها مستقلة عن أى اقتصاد.
ومن الناحية الأخرى، شجعت الصين استخدام العملات الافتراضية وصنفت الحكومة العملات الافتراضية ليأتى «البيت كوين» فى المرتبه رقم 11 (الحادية عشرة) مما يعنى عدم تفضيل الحكومة استخدامة بينما احتل Ethereum المرتبة الأولى فى التصنيف.
المترتب على «حرب العملات» بين الصين و أمريكا
سحب رؤوس الأموال من دول الاقتصاد الناشىء و الدول النامية نظراً لارتفاع الفائده فى أمريكا لنجد ارتفاع الفائدة فى بعض الدول (كرد فعل) لتقلل من سحب العملة الدولارية من أسواقها مثل الأرجنتين. ومن ناحية أخرى تركيا التى عانت هى الأخرى من نفس مشكلة الأسواق الناشئة إضافة إلى العقوبات من الجانب الأمريكي. وفينزويلا التى لم يعد هناك طلب على عملتها حتى وصلت قيمة عملتها لـ»صفر» نتيجة لارتفاع معدل التضخم الذى من متوقع ان يصل الى مليون بالمائة.
إلى أين تتجه رؤوس الأموال؟
فى الرسم البيانى تم اختيار عينه من الاستثمارات المتاحة سواء من بورصات الأوراق الماليه فى الصين وأمريكا ولندن ومصر والأرجنتين والمنتجات مثل البترول والذهب وأيضاً العملات مثل الدولار مقارنة باليورو والاسترلينى وأخرى والعملة الأرجنيتينة (البيسو).
وتم اختيار معدل العائد ما بين بداية العام الجارى 1 يناير حتى 31 أغسطس 2018 مقارنةً بالتذبذب (التغير أو الخطر) الخاص بكل نوع من انواع الاستثمار. وبناء على المذكور فيما سبق من تحالفات ومشاكل اقتصادية تابعة لحرب العملات بين الصين وأمريكا، نجد بجميع الاستثمارات نسب متفاوته من التذبذب فى السعر فى مقابل معدل عائد بالسالب! ما عدا أمريكا والصين ومصر والبترول فى العموم، بينما بورصة شنجهاى وطوكيو (Nekki 225) وبورصة لندن و»البيت كوين» والعملات مثل الاسترلينى واليويرو والعملة الأرجنيتينية والذهب فمعدلات العائد كلها سالبة.
المستثمر فى الأغلب يقارن معدل العائد على الاستثمار بمعدل العائد الخالى من الخاطر بناء على معدل التذبذب (التغير فى السعر) وهو ما يعرف بالعائد المعدل للمخاطر (Risk Adjusted Return) ليستطيع المقارنة بين مختلف الاستثمارات بناء على المعدل الخالى من المخاطر وهو %2 (سعر فائدة الفيدرالى الأمريكي)، وفى الرسم البيانى التالى إيضاح للاستثمارات بناء على العائد المعدل للمخاطر:
ومن الرسم البيانى السابق نجد أن أكبر معدل عائد معدل للمخاطر وأفضل فرصة استثمار هى العقود المستقبيلة لليوان البترولى حيث إن معدل العائد يصل إلى %71 يليها البترول الخام ليصل إلى %38 ثم بورصة أمريكا لمتصل %29 و%5 على التوالي، بينما من المتوقع انخفاض معدل العائد فى البورصات الأمريكية فى الفتره القادمة بسبب المبالغة فى التقييم كما ذكرت من قبل.
وتحليلاً، التكنولوجيا تمثل أفضل القطاعات فى بورصة أمريكا خلال هذا العام حيث إن Netflix وTwitter وTripadvisor فى S&P 500 من أفضل الشركات أداء و Microsoft وApple وVisa فى Dow Jones (DIJA، وهذا يفسر الموقف الرد فعلى لأمركيا حيال محاولات الصين السيطرة من التكنولجيا الأمريكية؛ حيث إن التكنولجيا (أو الشركات المعتمدة عليها) هى الاستثمار المربح الوحيد أمام المستثمرين والدولة تجاه ما تحققه الصين الآن من استحواذ للحصة السوقية لمبيعات البترول من خلال العقود المستقبلية لليوان البترولى التى تمثل %71.
بقلم: أحمد عز
محلل مالى واقتصادى