تشهد البنوك المقرضة في منطقة الخليج أكبر إصلاحات في تاريخها على اﻷرجح، حيث شارك 6 بنوك على الأقل في محادثات الاندماج والاستحواذ، فعلى سبيل المثال تدرس أبوظبي اندماجا بين ثلاث من بنوكها، ما يشكل ثاني اندماج بين بنوك الإمارة خلال عام تقريبا، كما شهدت السعودية أول اندماج بنكي لها، في 20 عاما، في مايو الماضي.
وقالت وكالة أنباء بلومبرج إن الأسباب الكامنة خلف اندماج العديد من البنوك الخليجية تدور حول تواجد الكثير من البنوك في المنطقة مما يدفع المقرضين إلى الاندماج سعيا للحفاظ على القدرة التنافسية في حقبة يتخللها انخفاض أسعار البترول، حيث تنطوي دول مجلس التعاون الخليجي الست على أكثر من 73 مصرفا تلبي احتياجات سكان يبلغ عددهم 51 مليون نسمة تقريبا.
بالإضافة إلى ذلك، تعتمد البنوك الإقليمية بشكل كبير على الودائع الحكومية التي تتضاءل تزامنا مع انخفاض أسعار البترول الخام.
وفيما يخص الدافع المنطقي وراء اندماج ثلاث بنوك في إمارة أبوظبي، كانت أكبر المصارف المقرضة في الإمارة قد أكملت عملية اندماج في العام الماضي لخلق “بنك أبوظبي الأول”، كما أن التحالف القائم بين شركة “مبادلة” للاستثمار ومجلس أبوظبي للاستثمار في مارس الماضي قد أسفر عن صندوق ثروة سيادي تصل قيمة أصوله إلى 220 مليار دولار تقريبا.
ويجري الآن كل من بنك أبوظبي التجاري وبنك الاتحاد الوطني وبنك الهلال محادثات من أجل الاندماج، وهو ما قد يخلق قوة إقليمية ذات أصول تصل إلى نحو 110 مليارات دولار، علما بأن البنوك الثلاث تشترك في نفس الملكية الأغلبية في “مبادلة”، لذا يجب أن تكون عملية الدمج سلسة.
ويرتبط النمو في الأصول المصرفية إلى حد كبير مع نمو الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي، والذي يتحرك إلى حد كبير بالتزامن مع أسعار البترول.
ومنذ عام 2014، تضررت دول مجلس التعاون الخليجي الست، وهي البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات، إثر فترة انخفاض مستدامة لأسعار البترول الخام، مما دفع الحكومات إلى إعادة تقييم الموازنات وكذلك الانخفاض في ودائع الدولة، كما واجهت البنوك ضغوطا ناجمة عن ارتفاع تكاليف الامتثال بسبب المعايير المحاسبية الجديدة والتغيرات التكنولوجية وإدخال ضريبة القيمة المضافة.
أما فيما يتعلق بعمليات الاندماج والاستحواذ الأخرى التي تشهدها المنطقة، شهدت السعودية اندماجا مهما في مايو الماضي، حيث اندمج البنك السعودي البريطاني التابع لمجموعة “أتش.أس.بي.سي” والبنك اﻷول، الذي كان مدعوما من رويال بنك أوف سكوتلاند، في صفقة بقيمة 5 مليارات دولار، وبعد مرور شهر باعت مجموعة “جي.بي مورغان تشيس” حصتها البالغة 7.5% في البنك السعودي للاستثمار إلى المصرف نفسه الذي يتخذ من الرياض مقرا له.
وتتمتع قطر ببنوك عددها أعلى بكثير بالنسبة لعدد مواطنيها مقارنة ببقية دول المنطقة، حيث يوجد 18 مقرضا محليا ودوليا لخدمة 2.7 مليون شخص، مع الإشارة إلى أن بنكي بروة وقطر الدولي توصلان إلى اتفاق نهائي للاندماج في أغسطس الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، تشهد سلطنة عمان، حيث تستحوذ أكبر البنوك المقرضة على نحو 35% من كل الأصول المصرفية، إجراء عمليتي اندماج منفصلتين.
ومن الصعب تأكيد حدوث مزيد من الاندماج، فهي عملية معقدة، خاصة بالنظر إلى الحيازات الضخمة التي تمتلكها الحكومات والتي تعتمد بشكل كبير على الدعم السياسي.