بقلم، جوليان لى
استراتيجى البترول لدى وكالة أنباء “بلومبرج”
يقترب فصل الشتاء، وبدأ سوق البترول يظهر علامات على ضيق المعروض، وتراجعت صادرات البترول الإيرانية بمقدار الثلث تقريباً منذ أن قال الرئيس دونالد ترامب فى أبريل، إن الولايات المتحدة سوف تنسحب من الاتفاق النووى، وتعيد فرض العقوبات.
وانخفضت صادرات الدولة دون 2 مليون برميل يومياً فى أغسطس وواصلت التدهور فى النصف الأول من شهر سبتمبر، ما يراكم الخام المخزن فى حاويات عائمة فى البحر.
ونظرياً، هناك طاقة إنتاجية فائضة لدى المنتجين فى منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وروسيا لتعويض التراجع في الإمدادات الإيرانية، ولكن ما يوجد على الورق لن يكون بالضرورة نفس ما يمكن إنتاجه فى الشهر المقبل أو نحو ذلك.
وأضف إلى ذلك، الزيادة الموسمية فى استخدام البترول واحتمالية انخفاض الإنتاج فى مناطق أخرى من العالم، وقد يبدأ المعروض بجدية التخلف عن الطلب خلال أسابيع، وهذا قد يكون كافياً لرفع أسعار البترول.
وانخفضت القدرة الإنتاجية بين الدول الأعضاء فى أوبك بالفعل بمقدار يقل قليلاً عن 2 مليون برميل يومياً، والدول التى تستطيع تعزيز إنتاجها فعلت ذلك بالفعل استجابة إلى قرار يونيو بالتخلي عن أهداف الإنتاج الفردية.
ونظرياً تستطيع السعودية فوراً رفع إنتاجها إلى 11.5 مليون برميل يومياً، وفقاً لما قاله ولى العهد، محمد بن سلمان، لوكالة بلومبرج فى أبريل من 2016، ولكنها لم تضطر أبدا إلى إنتاج هذا القدر، ولم تختبر قدرتها قط على القيام بذلك، وقد يستغرق الوصول إلى هذا المستوى شهوراً عدة ويتطلب حفراً كبيراً.
وازداد عدد الحفارات فى السعودية منذ أبريل، ولكنه عاد فقط إلى ما كان عليه فى ربيع 2017، عندما كان تركيز المملكة على خفض وليس تعزيز الإنتاج، وقال مستشارو شركة “أنرجى أسبكتس” للطاقة فى لندن، أمريتا سن، ومايكل مايدن، يوم 10 سبتمبر الجارى، إنه حتى إذا بدأت المملكة توسيع حقل خريص، والذى تبلغ قدرته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، فإنها لن تصل إلى 11.5 مليون برميل إلا ببطء.
وبعد اجتماعات يونيو بين اوبك وأصدقائها، كان هناك الكثير من الحديث حول إعادة الإنتاج فى حقول المنطقة المحايدة بين السعودية والكويت، ولكن كان هناك القليل من التحركات على الأرض، وبالتالى ليس من المتوقع أن نرى أى إنتاج من هذه الحقول قبل الربع الأول على الأقل من العام المقبل.
وفى أماكن أخرى، رفعت روسيا إنتاجها بحوالى 250 ألف برميل يومياً منذ مايو، ولدى الدولة القدرة على تعزيز الإنتاج بحوالى 300 ألف برميل إضافية، وفق ما قاله وزير البترول الروسى، ألكساندر نوفاك، لوكالة “بلومبرج” الأسبوع الماضى، ولكنها لن تقرر إذا كان العالم بحاجة إلى هذا البترول الإضافى أم لا، إلا بعد الاجتماع مع حلفائها من أوبك فى وقت لاحق من الشهر الجارى فى الجزائر.
وبحلول الاجتماع سوف يكون الربع الرابع على الأبواب، وهذا هو وقت ازدياد الأمور سوءاً، وتقدر “أنرجى اسبكتس” أن العالم سوف يحتاج 33.5 مليون برميل يومياً من أوبك فى الربع الرابع، وهو ما تماشى مع توقعات المنظمة نفسها، وحالياً تمد أوبك السوق بـ 23.7 مليون برميل يومياً، وفقاً لدراسة مسحية أجرتها “بلومبرج”، وهذا فى الوقت الذى تنتج فيه العراق ونيجيريا وليبيا بالقرب من أعلى مستويات لها منذ سنوات رغم تدهور أوضاعهم الأمنية.
وإذا تكررت اضطرابات الإمدادات في أي من الدول الأفريقية أو انتشرت الاضطرابات في العراق بالقرب من حقول البترول، فإن التراجع فى الإمدادات قد يزيد بسهولة على مليون برميل يومياً، كما أن التراجع فى إنتاج البترول فى فنزويللا سوف يجعل الصورة أسوأ.
وهذا بخلاف المخاوف بشأن آفاق الدول النامية وتأثير الحرب التجارية التى يشنها الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، والتى تزيد قتامة توقعات الطلب على البترول، ورغم أن هذه المخاوف شرعية، فإنها لن تظهر قبل العام المقبل.
أما القضية الأكثر إلحاحاً هى حقيقة أن الصادرات الإيرانية تتراجع بقدر أكبر من توقعات معظم المحللين، وقد يكون النقص في المعروض كافياً لدفع برنت فوق 80 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ 2014.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”