المؤشرات الاقتصادية عبارة عن إحصائيات وتقارير ربع سنوية ونصف سنوية وسنوية عن ميزان المدفوعات والإنتاج والأجور والأسعار والسياسات النقدية وقطاع الإسكان ومؤشر الثقة ومؤشر سوق العمل، وبالتالى إذا كنت خبيراً أو قارئاً اقتصادياً جيداً فستستطيع معرفة الغث من السمين فى اقتصاد بلدك دون الخوض فى إعلانات الإنجازات أو التشكيك فى الإنجازات والنظرة المستقبلية للاقتصاد الوطنى. وأعتقد هذه المؤشرات الاقتصادية العالمية تحليل واقعى دون الحاجة للتحليل والخوض فى متاهات تقارير المؤسسات المالية العالمية التى عادة تكون ذا طابع سياسى أكثر منه اقتصادياً.
دهاليز مؤشر الأجور والأسعار التى يمس المواطن المصرى هى الأهم فى الوقت الحالى، وهذا المؤشر يعنى بالتضخم الذى يعبر عن انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكى ولذا نرى أن الأجور لا تتناسب مع الأسعار المرتفعة فى مصر، حالياً؛ حيث أصبحت الأجور عبئاً على الدولة؛ بسبب تضخم الجهاز الإدارى للدولة، بل إن الدولة مسئولة مباشرة عن القطاع العام الذى يعانى خسائر؛ بسبب سوء الإدارة من الوزير المختص أو مجالس الإدارات التى لا تحاسب على نتائج، وبالتالى نرى بعض شركات القطاع العام فى طريق التصفية ويجرى التمهيد لذلك وعليه فإن الاقتصاد المصرى لن يشعر المواطن المصرى به إلا فى حالة انخفاض الأسعار، وارتفاع الدخول، وهذا مرهون بتحسن كل ما سبق ذكره من مؤشرات.
إن ارتفاع الأسعار مع ضعف دخل الفرد مؤشر على ضعف الاقتصاد المصرى، بل إن المشروعات الحالية الضخمة التى تنفذ لم تحرك سعر الدولار، ولم تأت بمؤشر الثقة الذى يعتبر مؤشراً يعنى ثقة المستثمرين والمستهلكين والمنتجين فى اقتصاد الدولة المعنية بالأمر، أى أن ما يعنى استثماراً مباشراً فى السندات وأذون الخزانة ما هو إلا قروض تمثل عبئاً على الدولة؛ بسبب عدم الاستفادة من زيادة الإنتاج الذى بناء عليه يزداد الدخل القومى، وزيادة الإنتاج التى تدفع الاقتصاد خطوات فى اتجاه النمو الحقيقى للدولة والتى يعبر عنها بمؤشر الإنتاج، بل هذا المؤشر ذو تأثير مباشر على سوق العمل المعنى بالتوظيف والقضاء على البطالة، فكلما زاد الإنتاج انخفضت البطالة، وأصبح سوق العمل مؤشراً استهلاكياً جيداً.
يجب أن نعترف أن هناك طفرة عقارية فى مجال الإسكان، ولكن بعيد عن متناول الجميع إلا مجموعة الأغنياء التى لا تمثل سوى %5 من الشعب المصرى، ولذا هذا القطاع يعانى فى ظل انخفاض الأجور وارتفاع القيمة الإيجارية، وارتفاع قيمة التمليك فى جميع مشروعات الدولة، بل إن الدولة المصرية أنجزت فى مشروع الإسكان الاجتماعى بالنسبة لمحدودى ومتوسطى الدخل، ولكن توجد مشكلات قائمة فى مشروعات حكومية أخرى حتى اضطر بنك الإسكان والتعمير لتمديد فترة الحجز لأحد المشروعات؛ بسبب عدم قدرة الطبقة الوسطى على الولوج إليه؛ بسبب المبالغة فى الأسعار، بل إن مشروعات العاصمة الإدارية محرمة على جميع فئات الشعب المصرى إلا نسبة الـ%5 وهى طبقة رجال الأعمال حتى مشروعات دار مصر المطروحة على العاملين فى الخارج لم تسلم فى الموعد المحدد، رغم أن السعر بالعملة الصعبة، ولذا يجب على الحكومة أن تقرأ لتعى ماذا تفعل، وأن تكون المشروعات المطروحة على الجمهور واقعية.
وفى النهاية البنك المركزى المصرى لا يستطيع تخفيض الفائدة بسبب كل ما سبق مما يعنى أن الاقتصاد يعانى بعيداً عن شهادات وتصنيفات المؤسسات المالية العالمية، ولكم فى رواندا أسوة حسنة.
بقلم: عادل الزناتى
محاسب قانونى