أتيحت لى الأسبوع الماضى فرصة مشاهدة نتائج أكبر عملية تجميل فى القطاع المصرفى وتحديداً بنك القاهرة هذا البنك الذى عانى لسنوات طويلة من أمراض مصرفية خطيرة لعل أهمها تضخم الديون المتعثرة نتيجة السياسات التى اتبعت فى إدارة البنك من جانب بعض المسئولين الكبار فى حكومة د. كمال الجنزورى فى النصف الثانى من التسعينيات والتى حولت هذا البنك إلى مرتعاً للفساد المصرفى، قروض تعطى بالتليفون وتسهيلات تقدم بدون ضمانات لعدد من رجال الأعمال ومنهم الكثير ممن هربوا وقتها للخارج واستمر البنك يعانى من نزيف الخسائر بسبب أمواله التى نهبت وكان السجن مصيراً لبعض قياداته وتوالت على رئاسته قيادات كثيرة لم تفلح فى إصلاح حاله بل لم تفلح مرحلة الإصلاح المصرفى الأولى التى بدأت بعد عام 2000 باستقدام بعض الخبرات المصرفية المصرية والتى كانت تعمل فى بنوك أجنبية وتعيينها فى مناصب قيادية بعدد من البنوك العامة إلا أن هذه القيادات اصطدمت بأفكار قديمة وبمشاكل قانونية وقضائية جعلت بعضهم يستقيل ويهرب خوفاً من الوقوع فى مشاكل قانونية، إلا أن مرحلة الإصلاح الحقيقى لبنك القاهرة بدأت بعدما قرر البنك المركزى استئصال محفظة الائتمان الخبيثة ببنك القاهرة وتحميلها لبنك مصر الذى اعتاد أن يتحمل كوارث مصرفية أخرى مثل «بنك مصر اكستربور»، وبموجب هذا القرار أزال المركزى ورماً ثقيلاً وخبيثاً كان يعوق نشاط بنك القاهرة ويمنعه من الحركة، وبدأت خطط إنقاذ البنك وشيئاً فشيئ بدأ البنك يعود للسوق المصرفى، وبدأت الدولة تعده للخصخصة فى ثانى تجربة للخصخصة فى القطاع المصرفى بعد بنك الإسكندرية، إلا أن الظروف الاقتصادية الداخلية والخارجية تسببت فى عدم إمكانية الطرح فى الوقت الحالى على الرغم من الإعلان الحكومى عن طرح البنك وأنه مدرج فى برنامج الطروحات الحكومية تخيلت ذكرياتى مع هذا البنك ومعاصرتى لمشاكله والمراحل المرضية التى مر بها.
عشت كل هذه الذكريات ورئيس البنك طارق فايد يعلن نتائج أعمال البنك خلال 6 أشهر وبالأمانة الأرقام تعطى انطباعاً أن هناك استراتيجية لهذا البنك يجرى تنفيذها بحرفية مصرفية متميزة عززت مكانة البنك فى السوق المصرفى بعد غياب طويل، وبصراحة فإن الاستراتيجية الطموحة التى يدار بها المصرف حالياً تؤكد جاهزية البنك للطرح فى البورصة والمؤشرات المالية التى تم الإعلان عنها عن نتائج اعمال 6 أشهر تؤكد ذلك فالبنك تبلغ حصته من السوق %4 وحجم اصوله نحو 150 مليار جنيه وفروعه 220 فرعاً وعملائه نحو 2.1 مليون عميل وارباحه تصل إلى 2.2 مليار جنيه فى 6 أشهر وتصدره لقروض المشروعات الصغيرة والمتوسطة وخطة توسعه فى أفريقيا والإمارات.
بالفعل نحن نرى مصرفاً متعافى خالياً من الأمراض ومؤهلاً للعمل بقوة وتعزيز مكانته فى القطاع المصرفى.