قال موقع “فيراسي” الهولندي إن قصص النجاح الاقتصادية المصرية في الآونة للاخيرة مبهرة، وتنتقل اكتشافات الغاز في البحر المتوسط من نجاح إلى آخر، وأغرقت شركة “إيني” الإيطالية، مشغل حقل “ظهر” العملاق، وشركة “بريتيش بتروليوم بي بي” البريطانية وسائل الإعلام بأنباء عن اكتشافات عملاقة عبر الدولة، وتنخرط مصر مع جيرانها أيضا لتطوير إمكاناتها، ووقعت اتفاقا مع قبرص لإنشاء خط أنابيب بحري لنقل الغاز والذي سيربط الحقول القبرصية ببنية الغاز التحتية ومشروعات الغاز الطبيعي المسال في مصر.
كما أن الاتفاق الذي توصلت إليه مؤخرا شركة غاز الشرق مع الشركتين الإسرائيليتين “ديليك” و”نوبل إنرجي” لشراء حصة بنسبة 39% من شركة غاز شرق المتوسط بقيمة 518 مليون دولار، سوف يساعدد على توريد 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر على مدار 10 سنوات من حقلي تامار ولوثيان الإسرائيليين، وهو ما سيمكن مصر من العودة إلى صفوف الدول المصدرة للغاز.
وفي نفس الوقت، تخوض مصر برنامج إصلاح اقتصادي بدأ بتعويم العلمة المحلية في أواخر 2016 للتعامل مع نقص الدولار، كما سعت لخفض عجز الموازنة ووضعت عدة مخططات استثمارية لتعزيز الاقتصاد، وأظهرت البيانات تحسنا طفيفا بعد سنوات من الركود نتيجة عوامل محلية وإقليمية.
وأضاف الموقع أن جزء من هذا التحسن في النمو يرجع إلى دعم صندوق النقد الدولي الذي قدم للدولة قرضا بقيمة 12 مليار دولار، حصلت عليه ثلثيه حتى الآن، وأعلنت كريستين لاجارد، رئيس صندوق النقد، في 24 سبتمبر الجاري عن أن الاقتصاد المصري أصبح واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في الشرق الأوسط.
وكان صندوق النقد الدولي يراقب أداء الاقتصاد المصري بقلق بعدما وافق على منحها القرض في 2016، والذي يلزم مصر بخفض دعم الطاقة خفضا شديد، وبفرض ضرائب جديدة، وتعويم العملة لجذب المستثمرين مجددا، وخلال السنوات الماضية رفعت مصر أسعار الكهرباء والوقود عدة مرات بجانب تطبيقها لإصلاحات أخرى.
وصنف تقرير صادر عن مركز التنمية الدولي في جامعة “هارفارد” مصر كواحدة من أسرع الاقتصادات نموا العقد المقبل في المركز الثالث بعد أوغندا والهند.
ورغم أن قطاعات رائدة عديدة من الاقتصاد تظهر علامات على النمو الصحي، فلا يزال هناك مصدرا رئيسيا للقلق في السوق وهو تزايد التقارير عن مواجهة القاهرة لفقاعة عقارية قريبا، ومع الطلب القوي للغاية يظهر سوق العقارات شهية لأكثر من 900 ألف منزل جديد في السنوات المقبلة، ورغم ان المحللين المصريين يرون ان هذا الطلب صحي، فإنه يظهر علامات كلية على التباطؤ وهذه أول علامات الفقاعة العقارية ولكن لا يزال بالإمكان الوقاية منها.
وتنتج الفقاعة العقارية عن ارتفاع أسعار العقارات بسبب زيادة الطلب ونقص المعروض ما يزيد التكهنات بانفجار الفقاعة وتراجع الأسعار بالأخير، ولكن على عكس الأسواق الأوروبية والصينية واليابانية، من غير المتوقع انفجار فقاعة رهون عقارية في الدولة، نظرا لأن 3% فقط من الصفقات تقوم على الرهن العقاري.
ويمكن القول إن نمو الطلب في القطاع لا يزال صحيا ومن غير المتوقع ان يهدأ، بالنظرإلى الفجوة بين العرض والطلب حيث يتم بناء 50 إلى 60 ألف منزل جديد سنويا من قبل القطاع الخاص، وأيضا لقوة النمو السكاني عند 2.5 مليون نسمة سنويا.
وبالتالي، فإن الفقاعة العقارية التقليدية ليست تهديدا، وإنما نظرا لأن معظم المشتريات تتم نقدا فإن ارتفاع التضخم واستمرار مستويات الأجور المتدنية يمهدان الطريق لأزمة محتملة.
وفي منتصف 2017 بعد أشهر قليلة من تعويم العملة، انخفضت القوة الشرائية للمصريين مع انخفاض الجنيه، ولا يسمح الوضع المالي الحالي للمصريين بدخول سوق العقارات، وإذا استمر الوضع كذلك، قد تصبح الفقاعة العقارية واقعا، وإذا كانت أسعار العقارات في السوق أعلى من قيمتها الحقيقية، فسوف يظهر تباطؤ سريع يغذي فقاعة، وستكون الفئات الأكثر عرضة للتهديد هي الوحدات الكبيرة الأعلى سعرا، بينما سيستمر الطلب على الوحدات الأصغر لفترة أطول.
وهناك تهديد آخر يواجه القطاع الخاص، وهو أن الحكومة المصرية ومؤسساتها السيادية دخلت سوق العقارات واستهدفت بناء وتسليم وحدات كاملة التشطيب للفئات السكانية ذات الدخل الأعلى، وأظهرت البحوث المصرية أن 25% من الوحدات التي بنتها الحكومة لم يتم بيعها ويرجع ذلك إلى ارتفاع سعر الأراضي بحد عن مستويات مزادات هيئة المجتمعات العمرانية في 2004، وقفزت أسعار الأراضي المعروضة للبيع في المزادات في 6 أكتوبر والقاهرة الجديدة بنسبة 130%.
ويتعين على الحكومة مراقبة قطاع العقارات عن كثب نظرا لأنه يشكل 16.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم كبير بالمقارنة بالقطاعات الرئيسية الأخرى، وصعد النشاط في قطاع الإنشاءات والعقارت بنسبة 225% و952% في الفترة من 2010/2011 و2016/2017 على التوالي، وقد تؤدي أي أزمة في قطاع الإسكان والعقارت إلى انهيار كبير في القطاعات الأخرى.