أحدثت طفرة الاستثمار فى قطاع الطاقة المتجددة وبخاصة طاقتى الشمس والرياح تحولا فى قطاع الطاقة العالمى، ودفعت الدول لتخفيض الدعم المقدم لها مع تراجع التكاليف.
وكشف مسح أجراه الاقتصاديون التابعون لشركة «بريتيش بتروليوم» البريطانية فى مراجعتهم السنوية للطاقة العالمية عن إحصائية مفاجئة تفيد بأن %17 من نمو الطاقة العالمى فى العام الماضى جاء من مصادر متجددة وهى أكبر زيادة على الإطلاق.
وأوضحت البيانات أن التركيبات الجديدة للطاقة المتجددة كانت تعادل إنتاج الطاقة بمقدار 69 مليون طن من البترول أى حوالى الطاقة التى تستهلكها السويد والدنمارك فى عام واحد.
ومع ذلك فإن طفرة الاستثمار فى مصادر الطاقة المتجددة على مدى العقد الماضى جنبا إلى جنب مع انخفاض تكاليف تكنولوجيا الطاقة الجديدة قد أحدثت تحولاً كبيراً فى إنتاج الطاقة العالمى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن جزءا من هذا التحول الهائل جاء بسبب اتفاقية المناخ، التى تم توقيعها فى باريس عام 2015 عندما وافقت أكثر من 170 دولة على تخفيض انبعاثاتها من الكربون للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وقالت كريستيانا فيغيريس، الأمين التنفيذى لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، «إذا نظرت إلى العالم ترى أن هناك بالفعل المزيد من التعاون حول تغير المناخ أكثر من قضايا أخرى تواجهنا».
وأضافت: “لا تزال تحديات كبيرة قائمة بما فى ذلك حقيقة أن الولايات المتحدة التى وقعت فى الأصل على الاتفاقية أعلنت أنها تخطط للانسحاب من الصفقة”.
وبحلول عام 2020 سيتعين على الموقعين على اتفاق باريس بشأن المناخ الاتفاق على حدود ملزمة قانونًا لانبعاثات الكربون الخاصة بهم وكذلك التوصل إلى تمويل للبلدان النامية لدفع تكاليف عملية الانتقال التى كانت نقطة احتكاك فى الماضي.
وسيتم توضيح الحجم الدقيق للمشكلة العام الجارى عندما ستصدر لجنة من العلماء تقريرا عن تأثير 1.5 درجة مئوية من الاحترار العالمى وما هو مستوى خفض الانبعاثات الذى سيكون ضروريا للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى هذا المستوى.
ومن خلال هذا التقرير سيتعين على المندوبين المشاركين فى المحادثات السنوية للأمم المتحدة، بشأن المناخ فى ديسمبر المقبل النظر فى التدابير التى يمكن اتخاذها لخفض الانبعاثات بشكل جذرى أكثر.
وقال ماثيو رايت ، العضو المنتدب لدى «أورستد» شركة الطاقة الدنماركية التى تدير 10 مزارع رياح بحرية فى المملكة المتحدة «اعتقد الناس أن الرياح البحرية لا يمكن أن تكون فعالة من حيث التكلفة قبل عشر سنوات».
وأضاف: «أن التحسن فى تكنولوجيا التوربينات تسبب فى انخفاض الأسعار إلى النصف فى السنوات الثلاث الماضية وأنها الآن فى مرحلة تتنافس فيها بحق مع أشكال أخرى من توليد الطاقة».
وفي مجال الطاقة الشمسية انخفضت أسعار الألواح أيضا حيث تقدر وكالة الطاقة الدولية، أن الطاقة الشمسية ستكون قريباً أرخص مصدر للكهرباء في بعض البلدان.
ومع انخفاض الأسعار يبتعد صانعو السياسات عن الدعم المالي للرياح والطاقة الشمسية ويتحولون نحو الأنظمة القائمة على المزاد لمكافأة المنتجين الأقل تكلفة من الطاقة المتجددة.
وأضاف الانخفاض في الدعم درجة من التقلب إلى قطاعي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومن أكبر المفاجآت كان قرار الصين الشهر الجارى بخفض الدعم عن المنشآت الشمسية الجديدة وهو تغيير في السياسة سيؤدى إلى خفض الطلب العام الجارى في أكبر سوق للألواح الشمسية في العالم.
وبعد سنوات من النمو السريع من المتوقع أن يكون الطلب العالمي على الألواح الشمسية العام الجارى أقل مما كان عليه في عام 2017 .
وارتفع مستوى الاستثمار العالمي في مجال الطاقة النظيفة خلال العقد الماضي وبلغ أعلى مستوياته المقدرة بحوالى 179 مليار دولار في عام 2015 لكنه ظل دون هذا المستوى في عامى 2016 و2017 بسبب انخفاض الاستثمار في أوروبا والأمريكتين.
ومن المرجح أن يشهد الاستثمار في الطاقة النظيفة العام الجارى تأثيراً مخففاً بسبب سياسة القمع الصينية ومن التباطؤ في منشآت طاقة الرياح في أوروبا.
لكن انبعاثات الكربون العالمية ارتفعت مرة أخرى في العام الماضي ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة استهلاك الطاقة في الصين.