إقراض الحكومة لا يزال يشكل دعامة أساسية لعائدات البنوك المحلية
على الرغم من الصدمات المتتالية التي عانى منها الاقتصاد المصري منذ ثورة 2011، أثبتت البنوك الغنية بالسيولة النقدية في البلاد أنها تتمتع بالمرونة والقدرة على تحقيق الربح وتوسيع قواعد ودائعها.
ولا يزال إقراض الحكومة لتمويل عجز موازنتها، الذي تقترب نسبته من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، يشكل ركيزة أساسية لعائدات البنوك، مما يوفر دخلا مجزيا بأسعار فائدة تحوم حول 18%.
وبحسب ما قالته وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تمثل أوراق الدين الحكومية حوالي 40% من أصول البنوك.
وأفاد المصرفيون أن الإقراض للقطاع الخاص آخذ في النمو مع استقرار الاقتصاد واقتراب مصر من استكمال العام الثاني من برنامج الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، الذي بدوره يتوقع نمو اقتصاد البلاد بنسبة 5.5% في العام المالي المنتهي في يونيو المقبل.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إن انتعاش السياحة والارتفاع القياسي في التحويلات المالية من المصريين في الخارج واحتمالية بدء تصدير الغاز الطبيعي من العام المقبل تساعد في تحسين المعنويات.
وقال المصرفيون إن معظم القروض المصرفية التى حصلت عليها الشركات الخاصة كانت لتمويل رأس المال العامل بدلا من الاستثمار الجديد حتى الآن، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة بنسبة تقترب من 24% بالنسبة للشركات المقترضة، مما تسبب في تقويض شهية القطاع الخاص تجاه الإنفاق الرأسمالي.
ورفعت مصر أسعار الفائدة بشكل حاد لمواجهة التضخم، الذي ارتفع بعد أن سمحت البلاد بتحرير سعر صرف العملة المحلية في نوفمبر 2016، كجزء من خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، حيث انخفضت قيمة الجنيه المصري إلى النصف مقابل الدولار الأمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، تضمن برنامج صندوق النقد الدولي تخفيضات كبيرة في دعم الطاقة، مما أدى إلى ارتفاع التضخم الذي وصل إلى ذروته عند 33% في يوليو عام 2017، قبل أن يتراجع إلى 16% في سبتمبر الماضي.
وقال البنك التجاري الدولي، الذي يعرف بأنه أكبر بنك في القطاع الخاص في مصر ويمتلك نحو 800 عميل من الشركات، إن القروض التي يمنحها للأعمال التجارية زادت بنسبة 13% في النصف الأول من عام 2018.
وقال محمد سلطان، الرئيس التنفيذي للعمليات لدى البنك التجاري الدولي، إن الجزء الأكبر من الإقراض مخصص لرأس المال العامل وليس النفقات الرأسمالية، ولكن الشركات متعددة الجنسيات والمصرية أيضا تتعافى.
وأضاف سلطان أن المصانع التي كانت تعمل بطاقة تتراوح بين 50% و 60% في العام الماضي، أصبحت طاقتها الآن بين 70% و80%، ولكن حتى يعود الإقراض الرأسمالي، يجب أن تعمل المصانع بنسبة 90% كما يجب أن تتراجع أسعار الفائدة.
ويتوقع المحللون تخفيض البنك المركزي أسعار الفائدة الرئيسية خلال العام الجاري نحو 5%، مع انخفاض معدلات التضخم، الذي كان يسود القلق الرئيسي حول ارتفاعه في الأشهر الأخيرة نتيجة لخفض الدعم الحكومي للطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، أدت الظروف الدولية، بما في ذلك الضغوط المفروضة على الأسواق الناشئة، إلى تأجيل البنك المركزي لتخفيض أسعار الفائدة للحفاظ على جاذبية سندات الدين المصرية بالنسبة للمستثمرين الأجانب، فقد قررت لجنة السياسات النقدية التابعة للبنك المركزي، في اجتماعها اﻷخير في سبتمبر الماضي، الإبقاء على أسعار الفائدة على الإيداع دون تغيير عند مستوى 16.75%.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الاستثمار الحكومي في مشاريع البنية التحتية الكبرى كان سمة رئيسية للاقتصاد منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014، فقد كان التركيز اﻷكبر على تشييد الطرق ومحطات الطاقة والطاقة الشمسية وأنابيب الغاز الطبيعي.
وقال محمد شريف، المدير المالي لدى بنك وفا التجاري في مصر، إن العملاء الذين يشاركون في قطاعات مرتبطة بالبنية التحتية والتطوير العقاري يبلون بلاء حسنا ويتوسعون، مشيرا إلى أنه يعتقد أن الشركات المصرية أصبحت أكثر ثقة الآن، كما أن الشركات المصنعة التي تقوم بالتصدير أصبح أمامها الآن فرصة لأن أسعار الصرف في صالحها.