عامان على التعويم.. الجنيه مستقر ومخاوف من رفع الفائدة الأمريكية

مؤسسات عالمية: أساسات قوية تدعم الجنيه والتوقعات تشير إلى ارتفاع طفيف للدولار
فرحات: ارتفاع نمو الأصول المحلية غير مقلق.. وثبات سعر الصرف الأقرب الفترة المقبلة

استبعدت توقعات المحللين والمؤسسات البحثية حدوث تغيير كبير فى قيمة العملة المحلية بعد مرور عامين على الإجراء الأكبر فى برنامج الإصلاح الاقتصادى وهو تحرير سعر الصرف.

وعدل عدد من المؤسسات البحثية الداخلية والخارجية تقديراتهم بشأن مستقبل سعر صرف الجنيه ليتجه للانخفاض بصورة طفيفة خلال العام الحالى، وفقد الجنيه أكثر من 50% من قيمته فى عملية إصلاح سوق الصرف فى خريف 2016، لكن الأسعار استقرت بعد ذلك رغم التحركات الطفيفة.

ورغم اشتداد الطلب على العملات الأجنبية تلبية لتخارجات المستثمرين الأجانب من سوق الدين الحكومى والذين سحبوا أكثر من 8 مليارات دولار فى 6 شهور، إلا أن الجنيه لم يفقد أكثر من 1% من قيمته رغم الأداء السىء لعملات الأسواق الناشئة مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتينى التى فقدت ما يقرب من نصف قيمتها منذ بداية العام.

وارتفع معدل النمو الشهرى للأصول المحلية خلال سبتمبر الماضى إلى 2.4% مقابل 2.1% فى أغسطس الماضى، و1.15% فى يوليو، وبصفة عامة ارتفعت الأصول المحلية 11% خلال الفترة من أبريل إلى سبتمبر الماضى، مقابل تراجع 40% فى صافى الأصول الأجنبية خلال الفترة نفسها.

وقال هانى فرحات، الخبير الاقتصادى فى بنك الاستثمار سى آى كابيتال، إن معدلات نمو الأصول المحلية رغم ارتفاعها نسبياً غير مقلقة أو ضاغطة على سعر صرف الجنيه فى ظل امتلاك البنك المركزى سيولة دولارية كافية للحفاظ على استقرار سعر الصرف.

أضاف أن المرحلة الاصعب فى أزمة الأسواق الناشئة مرت خلال الشهور الماضية ولم يتعرض الجنيه لهزات عنيفة مشيراً إلى أن ذلك يدعم تحركه فى نطاق ضيق انخفاضاً أو ارتفاعاً وفق لمستوى التدفقات الدولارية.

وتأتى الذكرى الثالثة لتعويم الجنيه بالتزامن مع تشديد السياسة النقدية فى السوق المتقدمة وارتفاع أسعار البترول وعدد من السلع الأساسية، وهو ما يضغط على موازين مدفوعات الأسواق الناشئة والدول المستوردة للبترول وهما صفتان تنطبقان على مصر.

وترى مؤسسات كابيتال إيكونوميكس، وأرقام كابيتال للأبحاث أن سعر الصرف الجنيه أمام الدولار سيتراجع إلى 18 جنيهاً بنهاية العام الحالى و19 جنيهاً بنهاية 2019 و20 جنيهاً بنهاية 2020، ويبلغ سعر صرف الدولار حالياً 17.97 جنيه.

وبحسب المؤسستان، إن تقديراتهما مدفوعة باستمرار معدلات التضخم المرتفعة على مدار عامين الأمر الذى يخفض سعر الصرف الحقيقى الفعال، رغم تحسن وضع عجز الحساب التجارى.

وحققت مصر نجاحات كبيرة فى تحسين فجوة الحساب الجارى، وخفضت العجز الذى اقترب من 6% من الناتج المحلى عند تعويم الجنيه إلى نحو 2.5%، وعدل بنك بى أن بى باريبا توقعاته لسعر صرف الجنيه أمام الدولار لتصبح انخفاض 18.5 جنيه بنهاية العام المالى الجارى، مقابل 17.9 جنيه بنهاية يونيو الماضى.

وبصفة عامة توقعت المؤسسات البحثية تراجع سعر الصرف باستثناء موديز للتصنيف الائتمانى ووحدة الاستخبارات الذكية فى الإيكونوميست وتراوحت التوقعات بين 18 و19 جنيهاً للعام الحالى.

وقال بنك الإمارات دبى الوطنى، فى تقريره الفصلى عن مصر، إن الجنيه سيستقر نسبيًا خلال الربع الحالى على أن يتراجع بشكل طفيف إلى 18 جنيهاً بنهاية العام، قبل أن يتراجع إلى 19.25 جنيه بنهاية العام المقبل.

أوضح أن تلك التوقعات أخذت فى الاعتبار تفضيل البنك المركزى الحفاظ على قيمة العملة عند معدلات تنافسية وكذلك الأحداث فى الأسواق الناشئة وترقب مزيداً من رفع الفائدة الفيدرالية.

أضاف أنه رغم محدودية تخارج الأجانب من سوق الدين المحلى وتأثيره على الجنيه، مقارنة بما حدث فى الأسواق الناشئة الأخرى، خاصة فى الأرجنتين وتركيا، لكن مصر ضمن البلدان التى تسير على الطريق الصحيح فى ظل الإصلاحات الاقتصادية واستعادة التوازن وخفض عجزى الموازنة والحساب الجارى.

وحالياً تمتلك احتيطيات أجنبية تقدر بنحو 44.5 مليار دولار تستطيع تغطية 8 شهور من الواردات، بينما كانت تلك الاحتياكيات نحو 16 مليار دولار عند التعويم فى 2016، كما أنها تستطيع الحصول على تمويلات خارجية كبيرة وخاصة من أسواق الدين وهو ما يعطى مرونة أكبر لتمويل الطلب على الدولار مقارنة مع خريف 2016 عندما لم تكن هناك سوى الودائع العربية.

أضاف بنك الإمارات دبى الوطنى أن الإصلاحات التى تجريها الحكومة المصرية تحصن الدولة من الهزات المالية التى تحدث فى الأسواق الناشئة، لكن التقرير أوضح أن مصر لم تكن بمعزل عن الأسواق الناشئة كلية فتراجعت استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى، لكن معظمها دخل عبر الية إعادة تحويل الأموال المجنبة عن الاحتياطيات الدولية، ما أدى لاستقرارها وانخفاض طفيف فى قيمة العملة.

وقال معهد التمويل الدولى، إن استثمارات الأجانب ستستمر فى التراجع إلى 6.2 مليار دولار نهاية عام 2020 مقابل نحو 18.4 مليار دولار العام الماضى.

لكن بنك الإمارات دبى الوطنى، قال إن هناك عوامل تدعم استقرار العملة فى مصر بينها ارتفاع العوائد على الدين الحكومى واستقرار سعر الصرف وهو ما سيجذب الأجانب لشراء اوراق الدين الحكومى مجددًا، كما أن تأجيل المركزى لخفض الفائدة خلال 2019 يدعم الجنيه بصورة كبيرة.

وأشار إلى أن التراجع فى قيمة العملة سيحدث عند خفض الفائدة على الجنيه بالتزامن مع رفع الفائدة الأمريكية، إلى جانب بعض الضغوط الطفيفة من عجز الحساب الجارى حال استمرت أسعار البترول عند مستويات مرتفعة.

وقال مدير الخزانة فى أحد البنوك الخاصة، إن نشاط سوق الإنتربنك وقدرته على تغطية احتياجات المستثمرين الأجانب جدد ثقتهم فى الاقتصاد المصرى، متوقعاً عودة تلك الاستثمارات، لكن بصورة أقل من ذى قبل خاصة بعد مكاسب الليرة التركية مؤخراً.

أضاف أن ارتفاع إيرادات السياحة المتوقع بعد عودة الطيران المباشر من روسيا إلى منتجعات البحر الأحمر وارتفاع حصيلة الصادرات يجعلنا نتحول نحو استدامة التدفقات الدولارية، والتى ستؤدى إلى استقرار سعر الصرف وارتفاعه تدريجياً.