بقلم/ إيلي لايك، كاتب مقالات رأي لدى “بلومبرج” يغطي الأمن القومي والسياسة الخارجية
خلال الشهر الماضي، بدا أن حملة الرئيس دونالد ترامب لفرض أقصى ضغوط ممكنة على إيران، ستتضمن ثغرات.
وسيعاد فرض العقوبات على البنوك وصادرات البترول والسفن والموانيء الإيرانية – والتي تم رفعها في 2015 كجزء من الاتفاق النووي – اليوم الاثنين.
ولكن لم يكن واضحا حتى يوم الجمعة الماضية، ما إذا كان سيُسمح للبنوك المشاركة في جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك “سويفت”، وهو النظام الذي يسمح للبنوك العالمية بالتواصل مع بعضها البعض ويجعل المعاملات العالمية ممكنة، أم لا؟
وأنهى وزير الخارجية، ستيف منوشين، الشكوك، وقال في مؤتمر هاتفي مع الصحفيين: “لقد حذرنا سويفت بأنه يجب أن يفصل أي مؤسسة مالية إيرانية نحددها، عن النظام في أقرب وقت ممكن فنيا، لتجنب التعرض لعقوبات”.
ونظام “سويف” له أهمية كبيرة. وعزل طهران عنه يفاقم أزمتها المالية.
وحتى لو كانت الشركات مستعدة لأن تمنع من الوصول للاقتصاد الامريكي من أجل شراء البترول الإيراني، فسيكون من المستحيل تقريبا على إيران استلام المدفوعات إذا لم تكن البنوك جزءا من “سويفت”.
ومن غير المثير للدهشة أن “سويفت” كان في مركز العراك السياسي داخل حكومة ترامب والكونجرس.
فمن ناحية كانت وزارتا “الخزانة” و”المالية”، واللتان تقلقان من أن قطع إيران تماما عن “سويفت” سيوتر العلاقات مع الحلفاء في أوروبا الذين يحاولون الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران بجانب روسيا والصين.
ومن ناحية أخرى، كان مستشار الأمن القومي جون بولتن، والمتشددون في الكونجرس الذين يخشون من أن وصول إيران إلى “سويفت”، سيكون بمثابة شريان حياة لتجنب العقوبات ولانتظار حكومة أمريكية أخرى، أكثر ودا.
وناقشت مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موجيريني، خططا لإنشاء أداة سياسية تهدئ المخاوف الاوروبية من العقوبات الامريكية، مثل آلية ترتكز على وصول إيران إلى “سويفت”.
وأخبرتني مصادر في الحكومة والكونجرس، أن قرار “سويفت ” تم اتخاذه مساء الخميس الماضي.
وكان معظم مراقبي السياسة الإيرانية، يتوقعون أن تتحرك حكومة ترامب. ونشرت مجلة “بوليتيكو” مساء الخميس أن السيناتور تيد كروز من تكساس، كان يحضر تشريعا لإجبار “سويفت” على فصل المؤسسات الإيرانية.
وفي النهاية توصل الساسة إلى حل وسط. وقال منوشين إن بعض المؤسسات المالية الإيرانية التي لم تخضع لعقوبات يمكن أن تظل في “سويفت”.. ولكن لإجراء معاملات تتعلق بالغذاء والدواء فقط.
ومع ذلك، تعالت أصوات المتشددين بشأن إيران، وقال ريتشارد جولدبيرج، سيناتور جمهوري سابق ساعد في تصميم العقوبات على إيران في أوائل الألفينات، إنه من الأفضل فصل جميع المؤسسات المالية الإيرانية من نظام “سويفت”.. لكنه أضاف أن الحل الوسط أفضل من ترك جميع البنوك الإيرانية على النظام.
وأخبرني جولدبيرج، أن وزارة الخزانة ستضطر إلى مراقبة الإعفاءات الإنسانية عبر “سويفت” عن كثب.
وفي واحدة من أكبر مخططات التهرب من العقوبات في التاريخ، مررت البنوك التركية ما يصل إلى 100 مليار دولار، وفقا لبعض التقديرات، إلى الخزانة الإيرانية في 2013 و2014، تحت ستار المعاملات الإنسانية.
وكذلك قال المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، وأحد المتشددين في جدل العقوبات الإيراني في العقد الماضي، لي مارك دوبويتز، إنه أيضا سعيد بالإعلان الخاص بـ”سويفت”.
وأوضح أن عزلها بمثابة صفعة مادية ونفسية للجمهورية الإسلامية، لأنه يصعب ممارسة الأعمال بها سواء للمستثمرين أو شعبها الخاص.. لكنه قال إنه أيضا يؤيد استثناء المعاملات الإنسانية.
والكرة الآن في ملعب إيران، فمنذ أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو الماضي، حذر القادة الإيرانيين من أنهم سيواصلون الإنتاج الصناعي للوقود النووي الذي تم تعليقه بعد تطبيق الاتفاق في 2016.
وسنكتشف قريبا، إذا كان الطرد من “سويفت” كافيا لجعل النظام الإيراني ينفذ هذا التهديد أم لا؟
وبالنسبة للاقتصاد الإيراني، فإن الليل مظلم ومليء بالأهوال.
إعداد: رحمة عبدالعزيز.
المصدر:وكالة أنباء “بلومبرج”.