قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن الحرب الدائرة فى اليمن لم تكن وحدها الهجوم الوحيد الذى يدفع الملايين من الناس إلى حافة المجاعة ولكن تقود الحكومة أيضاً “حرباً اقتصادية”، حيث أنها ترفض دفع أجور موظفى الخدمة المدنية وسط انهيار العملة الوطنية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن الضغوط تتزايد على الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية لتخفيف هجومها الاقتصادى مع تفاقم النقص فى الغذاء بسبب الضربات الجوية حول “الحديدة”، الميناء الرئيسى فى البلاد.
وقال مارتن جريفيث، مبعوث الأمم المتحدة فى اليمن والذى يقود الجهود للتوسط بوقف إطلاق النار، إن البنك المركزى اليمنى بحاجة إلى وضع حد للمجاعة عن طريق ضخ الأموال فى الاقتصاد على وجه السرعة.
وأعلنت الأمم المتحدة، أن الأطفال يموتون جوعاً فى اليمن جرّاء الصراع المستمر منذ 3 سنوات بين تحالف تقوده السعودية والمقاتلين الحوثيين الموالين لإيران، والذى يهدد نصف سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة بالمجاعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن حجم المجاعة الوشيكة التى يقول المسئولون أنها من صنع الإنسان بالكامل يسلط الضوء على المدى الذى تتسبب فيه السياسات الاقتصادية للحكومة فى المعاناة إلى جانب قصف قوات التحالف.
ومنذ مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى، فى تركيا حولت الولايات المتحدة موقفها من اليمن داعية إلى إنهاء صراع استمر لأكثر من 3 سنوات.
وقال المسئولون فى المجال الإنسانى، إن اليمن يواجه “مجاعة دخل” بسبب السياسات التى أدت إلى زيادة فقر السكان الذين هم فقراء بالفعل.
ويواجه اليمنيون انخفاضًا مرتبطًا بالحرب فى قيمة العملة الأمر الذى جعل من الصعب على مستوردى السلع جلب البضائع من الخارج.
وفى الوقت نفسه، يتقلص دخل الأسرة لأن الحكومة قد احتجزت رواتب موظفى الخدمة المدنية بما فى ذلك المدرسين والعاملين الصحيين فى الشمال الذى يسيطر عليه الحوثيون لمدة عامين، ويعيش فيه معظم سكان اليمن فى الشمال ويمثلون نسبة كبيرة من القوى العاملة فى الدولة.
وقال جريفيث، لصحيفة “فاينانشال تايمز” إن الإلحاح الدولى يمكن أن يشجع الحكومة على توفير الدولارات للمستوردين.
وتسعى الأمم المتحدة، إلى اتخاذ تدابير لبناء الثقة بما فى ذلك إدخال آلية جديدة للبنك المركزى من أجل دفع الأجور.
وقال عبدالرحمن ثابت، وهو مدرس فى صنعاء وأب لـ5 أطفال إنه يعتمد على المساعدات لإبقاء عائلته على قيد الحياة بعد إيقاف راتبه مؤكداً أن الأزمة الاقتصادية أكثر خطورة من المعارك، حيث أن الجوع يقتل المزيد من الناس، لأننا لا نستطيع الهروب منه.
وقال أليكس دى وال، المدير التنفيذى لمؤسسة السلام العالمى، وهى منظمة بحثية مقرها الولايات المتحدة، إن التجويع فى اليمن يستخدم “كأداة حرب” مشيراً إلى ان العديد من الحقول وقوارب الصيد ومرافق الإنتاج الغذائى دمرتها الحرب.
أضاف أن القيود على التحويلات المالية للبلاد من اليمنيين العاملين بدول الخليج تستخدم أيضاً كسلاح.
يذكر أن السعودية قادت ائتلافاً عسكرياً لشن حرب ضد المتمردين الحوثيين منذ أن استولوا على العاصمة صنعاء عام 2015، وفى الماضى قدمت الولايات المتحدة بعض الدعم للتحالف، لكن أعضاء الكونجرس الأمريكى أغضبهم العدد الكبير من الضحايا المدنيين.
وقال فارع المسلمى، محلل بمركز “صنعاء” للأبحاث، إن الطعام متوفر فى المتاجر، لكن الناس لم يعد بوسعهم شراءه مطالباً الحكومة فى عدن بدفع الرواتب بجميع أنحاء اليمن وتوجد حاجة للضغط لتفعيل هدنة اقتصادية، حيث أن عدم دفع الرواتب هو شكل من أشكال الحرب الاقتصادية.
وأوضحت منسقة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية فى اليمن ليز غراندى، أن كل يوم يمر لا يعرف 8.5 مليون يمنى أين سيجدون وجبتهم القادمة.
وأضافت: “إذا امتلكت الحكومة اليمنية القدرة على ضخ السيولة فى الاقتصاد حتى يحصل المستوردون على الأموال التى يحتاجونها لإحضار الشحنات، فإن هذا سيحدث فارقاً كبيراً”.