إن الإبقاء على سعر الفائدة للمرة الرابعة على التوالى فى الاجتماع الأخير للجنة السياسات النقدية لم يكن مفاجأة، فبينما كان بعض الخبراء الاقتصاديون العلميون يتوقعون انخفاض سعر الفائده ارتكازاً على توقعات المؤسسات المالية الدولية والمحلية بانخفاض معدل التضخم خلال عام 2019 ليصل إلى 12% ووصوله إلى رقم أحادى فى العام 2020.
كان البعض الآخر الواقعيون يتوقعون الإبقاء على الكوريدور دون تغيير لأسباب ليست كلها علمية، ولكن بعضها اقتصادى والآخر سياسى ومنها الحفاظ على معدل الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى للحفاظ على الاحتياطى النقدي لدينا.
وفى الحقيقة أن الاعتماد على النظريات الاقتصادية التقليدية للتنبؤ بسعر الكوريدور لم يعد وسيلة ناجحة منذ تعويم سعر العملة أو بالأخص منذ بداية العام، حيث أننا نجد أن الارتفاعات المتتالية في سعر الكوريدور منذ نهاية عام 2016، والتى وصلت إلى 18.75% للإيداع و19.75% للاقتراض كلها كانت قرارات صائبة لامتصاص الموجات التضخمية المتوقعة بعد التعويم.
بل على العكس، فإن رفع أسعار الفائده في ذلك الوقت كان أقل من المفروض لامتصاص الآثار التضخمية، وبالتالى خسر المدخرون الفرق بين العوائد على مدخراتهم والذي وصل في أقصاه إلى 20 % ومعدل التضخم الثلاثينى فى معظم العام.
أما الآن وبعد انخفاض التضخم منذ فبراير 2018 ليصل إلى 13% ثم يعاود الارتفاع مرة أخرى إلى 16%، نتيجة موجة جديدة من موجات ارتفاع أسعار المحروقات، فإن سعر الكوريدور يعتبر مناسب جداً بل ومثالى للمدخرين وهو 16.75% للإيداع و17.75% الإقراض.
وهو مقارب جداً للمعدلات العالمية فى الأسواق الأوروبية، وحيث أنه من المتوقع استمرار انخفاض معدل التضخم مع بدايه العام القادم وبعد استيعاب السوق لآثار ارتفاع المحروقات الأخير يجب النظر جدياً فى سعر الفائدة، والتى يجب أن يبدأ انخفاضها تدريجياً وبمعدل 2% حتى نهاية العام لتشجيع الاستثمار الداخلى وزيادة الإنتاج، لأنه وفقاً لتقرير البنك المركزى الأخير عن ميزان المدفوعات يوليه/مارس للعام المالى 2017-2018 وبالرغم انه يوضح تحقيق فائض كلى 11 مليار جنيه، إلا أن هذا الفائض يتركز في ميزان الخدمات والتحويلات من الخارج ومازال عجز الميزان التجارى، كما هو تقريباً في العام المالى السابق وهو 28 مليار جنيه.
لذا فنحن نحتاج إلى تحفيز الإنتاج والاستثمار وتقليل التكلف بقدر الإمكان، مما سيكون له عظيم الأثر على التصدير والمنافسة العالمية وسعر الفائدة جزء لا يتجزأ من التكلفة الكلية للمنتج، وخير مثال على ذلك ما يحدث هذه الأيام في سوق الأقطان.
حيث قامت الأسواق الدولية بتحديد سعر الأقطان 1600 جنيه للقنطار وهو أقل بكثير من السعر المعلن من الحكومة فى فبراير الماضى للشراء من المزارعين وهو 2700 جنيه للقنطار وجه بحرى والسبب الرئيسى فى ذلك هو عدم القدرى على ضبط التكاليف، والتى من ضمنها تكلفة الإقراض.
دكتور. شريف الأحمدى
دكتوراة إدارة الأعمال