يمر عدد قليل من الرؤساء التنفيذيين بسقوط شديد كذلك الذى مر به كارلوس غصن، الذى كان يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذى لتحالف شركات “رينو – نيسان – ميتسوبيشى” المتخصصة فى صناعة السيارات.
كان غصن يشتهر بأسلوبه النابليونى فى منتصف نوفمبر الجارى، ولكنه بحلول 20 نوفمبر أصبح محتجزاً من قبل السلطات اليابانية بعد أن اتهمته “نيسان” بعدم الإبلاغ عن دخله الحقيقى للمنظمين، حيث وصلت القيمة الإجمالية التى لم يبلغ عنها إلى نحو 45 مليون دولار على مدار 5 أعوام.
وبعد انتشار أخبار المخالفات المالية التى ارتكبها غصن، انخفضت القيمة السوقية لتحالف شركات السيارات الثلاث بمقدار 5 مليارات دولار أو ما نسبته 7%، وشعر المستثمرون بالقلق من كون غصن هو الشخص الوحيد القادر على إدارة التحالف المعقد بين الشركات الثلاث، ولكنه أصبح موصوماً بالعار بشكل مفاجئ وربما لا يمكن استبداله.
وذكرت مجلة “الإيكونوميست” البريطانية، أن خطر الكوادر المهمة يحدث عندما يؤثر وجود فرد أو غيابه أو سلوكه على قيمة الشركة، وقد يبدو الأمر غير بديهى وسط انتشار الذكاء الاصطناعي، ولكنه خطر منتشر، مشيرة إلى أن تحالف “رينو-نيسان-ميتسوبيشى” يأتى ضمن اﻷمثلة العديدة المندرجة ضمن هذا الخطر خلال العام الجارى.
وانخفضت أسهم شركة “دبليو.بي.بي”، وهي أكبر شركة إعلانات في العالم، بنسبة 27% منذ استقالة مؤسس الشركة السير مارتن سوريل في أبريل الماضي، كما تراجعت أسهم شركة “تيسلا” بنسبة 14% في 28 سبتمبر الماضي بعد إعلان المنظمين أن رئيس الشركة والمؤسس المشارك بها إيلون ماسك أدلى بتصريحات مضللة عبر موقع التغريدات القصيرة تويتر.
ووفقاً لهذا الصدد، يبدو أنه من بين الشركات الـ20 اﻷكثر قيمة فى العالم، هناك ثمانية شركات فقط معرضة لخطر سيطرة الكوادر الهامة، بما فى ذلك “أمازون” و”بيركشير هاثاواى” و”جى.بى مورغان تشيس”.
ووفقاً لبيانات المخاطر المقدمة إلى المنظمين الأمريكيين بشكل سنوى، قد تتعرض 66% من الشركات المدرجة ضمن مؤشر “ستاندارد آند بورز 500” إلى ضرر جوهرى إذا تعرض رئيسها التنفيذى، أو فى بعض الحالات كبار المسئولين التنفيذيين الآخرين، لحادث تصادم بحافلة.
ويأتى الخطر الناتج عن الكوادر المهمة فى الشركة فى 3 أشكال، أولها وأصعبها يأتى عندما يكون لدى الشخص الخاطئ سلطة شبه مطلقة ناتجة عن سيطرته على حقوق تصويت الشركة، فهذا هو المأزق الذى وجدت شركة “فيسبوك” نفسها واقعة فيه بعد فضائح متعددة، فعلى الرغم من عدم قدرة مارك زوكربيرغ التعامل مع اﻷمر، إلا أنه أبدى عدم رغبته فى تعيين رؤساء أكثر فاعلية أو مجلس موثوق به.
أما الشكل الثانى، فيأتى عندما يعتقد أن الشركة تتسم أمورها بالتعقيد بحيث لا يستطيع سوى شخص واحد فقط المحافظة على مجريات اﻷمور، فعلى سبيل المثال غصن، الرئيس السابق لتحالف رينو ونيسان وميتسوبيشى، ذلك التحالف الذى يتمتع بملكية مشتركة للأسهم ومشروع مشترك يعمل على إدارة عمليات الشراء بالجملة، فقد كان غصن يعمل على تنسيق التعاون بين الشركات الثلاث.
وهناك شكل ثالث أكثر اعتدالاً لهذا النوع من المخاطر، ويأتى عندما يكون الرئيس ممتازاً فى وظيفته، ويعد بنك “جى.بى مورجان تشيس” مثالاً على ذلك، حيث أنه يعد البنك الأكبر أداءً فى العالم على مدار العقد الماضى، وذلك بفضل رئيسه التنفيذى جيمى ديمون، وهناك شركة “أبل” التى ازدهرت فى عهد تيم كوك، ولكن حتى هذا النوع من الاعتماد يمكن أن يكون صعباً، خاصة عندما تُثار الأسئلة حول المدة التى سيدوم خلالها هذا السحر؟
وبالنظر إلى وضع “جي.بي مورجان تشيس”، فقد بذل رئيسه التنفيذى جهوداً كبيرة لدعم خلفاء جيدين له، مثل ماريان ليك، رئيسة الشئون المالية في البنك، ولكنه مع ذلك أعلن أنه يخطط للبقاء فى منصبه حتى عام 2023، لتمتد فترة ولايته بذلك إلى 17 عاماً.
وهناك عدة دروس تظهر نتيجة التعامل مع خطر الكوار المهمة، فعندما يكون لدى الشركات حقوق تصويت غير متساوية يتعين على المستثمرين المطالبة بالحصول على خصم عند شراء الأسهم كتعويض عن خطر اتخاذ الفرد المتحكم فى السلطة قرارات سيئة، كما أنه ينبغى على الرؤساء التنفيذيين الأفضل أداء الخضوع لتاريخ تتنتهى عنده جميع صلاحياتهم.