%200 زيادة فى عدد الهجمات بالقارة من 2009 إلى 2015.. و750% ارتفاعاً بوفيات العمليات المسلحة
مثل الأمراض المعدية، يزدهر المتطرفون العنيفون فى بيئات وظروف معينة وعلى وجه التحديد ينجذبون نحو المناطق التى يتفشى فيها الفساد الحكومى والصراع الداخلى ومؤسسات الدولة الضعيفة فهى أفضل بيئة مواتية لهم.
وتعتبر الدول التى تصنف على أنها دول ضعيفة أكثر عرضة من الدول الأخرى 3 مرات للإصابة بهجمات إرهابية قاتلة فبينما كان هناك بعض الجدل بين العلماء حول ما إذا كانت “البلدان الفاشلة” هى مناطق خصبة لنمو الكيانات المتطرفة، فهناك إجماع على أن الظروف فى العديد من البلدان الأفريقية تجعلها أكثر عرضة للنشاط المتطرف.
ويعزز هذا التوافق الحقائق على الأرض، فقد وثَّق مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية الأمريكية ومعهد الدراسات والتحليلات العسكرية زيادة كبيرة بالنشاط الإرهابى فى شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فى السنوات الأخيرة.
وترسخ نشاط تنظيم الدولة الإسلامية فى ليبيا وتونس، كما أن تنظيم القاعدة فى الصومال وفرعها من حركة الشباب استولى على القرى وشن هجمات فى كل من كينيا وجيبوتى المجاورة.
ويستعيد تنظيم القاعدة نشاطه فى بلدان الساحل مثل مالى والنيجر وكوت ديفوار وبوركينا فاسو، كما أن الجماعات المتطرفة الأخرى التى كانت تعمل فى الشرق الأوسط قد طورت روابط قوية مع إفريقيا.
وتشير التقديرات إلى أن ما يقدر بـ6 آلاف من عناصر داعش ينحدرون من تونس وهو ضعف عددهم من أى دولة أخرى ويأتى 1800 آخرون من المغرب ومصر.
ونتيجة لتزايد التطرف فى أفريقيا ارتفع عدد الهجمات الإرهابية السنوية فى القارة بأكثر من 200% – والوفيات بأكثر من 750% – بين عامى 2009 و2015.
ويرى مركز “اى إتش إس جين” للإرهاب والتمرد أنه منذ توسع تنظيم الدولة فى أفريقيا نفذت جماعة “بوكو حرام” فى نيجيريا والدول المحيطة بها عدداً قياسياً من التفجيرات الانتحارية.
وعلاوة على ذلك، قامت العديد من الجماعات المتطرفة المحلية بإعادة صياغة أساليب الدعاية والتوظيف الخاصة بها لتشبه تلك الدعاية الخاصة بتنيظم الدولة.
ورداً على هجرة تنظيم الدولة الإسلامية إلى إفريقيا، يعمل تنظيم القاعدة على توسيع وجوده فبينما تحاول المجموعتان التفوق على بعضهما بعضاً فإن الإرهاب الناتج عن ذلك أدى إلى المزيد من الهجمات بل وأكثرها فتكاً فى القارة.
وفى الوقت نفسه الذى أصبحت فيه المنظمات الإرهابية أكثر قوة فى إفريقيا، أصبحت الهجمات فى أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية أكثر فتكاً أيضاً.
وفضلاً عن الخسائر فى الأرواح، يقدر معهد الاقتصاد والسلام التكلفة العالمية للإرهاب فى عام 2015 وحده بحوالى 89.6 مليار دولار، بعد أن ارتفعت 11 مرة على مدى السنوات الـ15 الماضية، وبالنظر إلى المستقبل، ستتحمل الدول الغربية مثل هذه التكاليف بشكل متزايد.
وعلى الرغم من هذا الخطر الواضح، فإن الغرب لم يفعل شيئاً يذكر لوقف انتشار التطرف فى أفريقيا، لكن الأمر ليس كما لو أن وجود المتطرفين فى القارة هو مجرد مصادفة فبعد أن فقد تنظيم الدولة معقله فى الرقة ومعظم أراضيه فى سوريا والعراق تراجع إلى أفريقيا للاستفادة من الوجود العسكرى والدبلوماسى الغربى بشكل أخف هناك.
واعتباراً من عام 2017 كان لدى الولايات المتحدة ما يقرب من 22 ألف من أفراد الخدمة الفعلية المتمركزين فى أفغانستان والعراق وسوريا، مقارنة بـ6 آلاف جندى متمركزين فى القارة الأفريقية بأكملها.
ومنذ إنشائها فى عام 2008، تم تخفيض ميزانية “أفريكوم – قسم القيادة العسكرية الأمريكية للمسرح الأفريقى” بنسبة 40%، من 389 مليون دولار إلى 225.3 مليون دولار فى 2018.
وتضاعف الاهتمام العسكرى الأمريكى الضئيل نسبياً فى أفريقيا بسبب الافتقار إلى المشاركة الدبلوماسية، وتظل سفارات الولايات المتحدة شاغرة فى العديد من الدول الأفريقية أكثر من أى قارة أخرى.
وبينما عقد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عدة اجتماعات ثنائية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 ، كان هناك اجتماع واحد فقط مع دولة أفريقية وهى مصر.
ولقد كان الإهمال العسكرى والدبلوماسى الأمريكى عاملاً مهماً فى جعل أفريقيا الحاضنة الرائدة فى العالم للجماعات المتطرفة والتى تصمم على زعزعة استقرار النظام الدولى.