“كابيتال إيكونوميكس”: النمو العالمى سيظل قاتماً حتى عام 2020
أخذ محافظو البنوك المركزية فى جميع أنحاء العالم على عاتقهم إعادة تنشيط الاقتصاد العالمى خلال العقد الذى تلى الأزمة المالية من خلال إبقاء أسعار الفائدة منخفضة وشراء السندات الحكومية وغيرها من الأصول بقيمة تريليونات الدولارات حيث ساعدت هذه المؤسسات على دعم النمو فى وقت كان العالم بحاجة ماسة إليه.
ولكن عصر السياسة النقدية السهلة يقترب من نهايته حيث أعلن البنك المركزى الأوروبى، أنه سينهى برنامج التحفيز النقدى الشهر الحالى على الرغم من أنه سيظل يعيد الاستثمار فى أسواق السندات بالمنطقة.
وقبيل اجتماع الأسبوع المقبل بشأن السياسة النقدية يستعد الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، لرفع أسعار الفائدة للمرة التاسعة منذ أن بدأ فى تطبيع أسعار الفائدة خلال ديسمبر 2015، بينما ينظر بنك اليابان المركزى، فى الأمر نفسه على الرغم من نوبات التقلب.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” أنه فى الوقت الذى تقوم فيه البنوك المركزية بالتوقف عن استخدام سياسة التيسير النقدى، فإن الحكومات فى جميع أنحاء العالم تتدخل لملء ذلك الفراغ ولكن رغم هذه التدابير فمن المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد العالمى السنوات القادمة.
أوضحت الصحيفة البريطانية أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، قاد سياسة التخفيف المالى أوائل عام 2017 من خلال خفض الضرائب على الشركات واتبعه الكونجرس بإصدار فاتورة إنفاق بقيمة 1.3 تريليون دولار.
وفى الصين وضعت الحكومة من أجل التصدى لتباطؤها المحلى عددًا من إجراءات التحفيز بما فى ذلك تخفيض الضرائب وتقليص مقدار المبالغ النقدية التى يتعين على البنوك الاحتفاظ بها كاحتياطى إلى جانب خفض تكاليف التمويل وتكثيف الإقراض للسلطات المحلية.
وفى الوقت الحالى بدأت العديد من البلدان إنفاق المزيد أيضاً حيث توجد مخططات لدفع الإنفاق خلال العام المقبل.
وهذا يعنى أن الإنفاق الحكومى أصبح الرياح الخلفية حيث تقول دانا بيترسون، المحللة لدى “سيتى بنك” إن هذا الاتجاه سوف يستمر حتى عام 2019 قبل أن ينعكس بعد ذلك.
وفى أوروبا تخطط ألمانيا أخيراً لإنفاق المزيد فى العام المقبل مع تخفيف الضرائب بنسبة 0.75% تقريباً من الناتج المحلى الإجمالى وتشمل التدابير تخفيضات لمساهمات التأمين ضد البطالة والاستثمارات فى المجتمعات الريفية.
وفى الوقت الذى تقوم فيه كندا بزيادة الحوافز الضريبية للشركات أعلن شينزو آبى، رئيس الوزراء اليابانى عن “تعويضات” لتخفيف الضغط على الأسر نتيجة لزيادة الضرائب.
وقالت بيترسون، إن تعزيز الإنفاق الحكومى ليس ميزة على الإطلاق بالنسبة للاقتصادات المتقدمة حيث من المرجح أن تقوم دول مثل كوريا الجنوبية وروسيا وتركيا وبولندا والمكسيك وتايوان باستغلال هذه السياسة بدرجات متفاوتة على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وعلى سبيل المثال على الرغم من تعهد الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، بتحقيق التوازن فى الموازنة، فقد تعهد أيضا بتعزيز الإنفاق على البنية التحتية وزيادة المعاشات التقاعدية لكبار السن وتقديم المنح التعليمية وإصلاحات اجتماعية أخرى.
ويخطط الرئيس المكسيكى لدفع ثمن ذلك ليس عن طريق زيادة الضرائب ولكن مع توفير المدخرات من الحد من الفساد وعدم الفعالية البيروقراطية.
ولكن هذه الخطة تبدو غير قابلة للتصديق حيث تحتاج الحكومة إلى تحقيق وفورات تبلغ حوالى 2% من الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المقبل من أجل الحصول على فائض أساسى فى الموازنة.
ومن غير المرجح أن يؤدى خفض الرواتب الحكومية إلى القيام بذلك وما زالت سياسة القضاء على الفساد غامضة من قبل الرئيس المكسيكى.
ولهذه الأسباب، توقع ألبرتو راموس، المحلل لدى بنك “جولدمان ساكس” أن المكسيك سوف تميل قريباً إلى إدارة عجز بالموازنة.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الجديدة قد تظهر التزام أقوى لوعود حملتها وتوسيع برامج الاستحقاقات الاجتماعية وتعزيز الأعمال العامة أكثر من الانضباط المالى قصير الأجل.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن تعزيز الإنفاق المالى يأتى فى وقت مناسب للاقتصاد العالمى حيث يتجه الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى نحو التراجع ليس فقط على أساس الإجمالى ولكن فى محركات النمو المهمة مثل الهند والصين والولايات المتحدة ومنطقة اليورو.
وتوقع أندرو كيننجهام، المحلل لدى “كابيتال إيكونوميكس” أن النمو حتى عام 2020 سيظل قاتماً على الرغم من الجهود الحثيثة التى تبذلها الحكومات.
وقال إن تعزيز الإنفاق المالى قد يكون قادراً على تهدئة وتيرة التباطؤ فى نهاية المطاف أو حتى إيقافها لفترة أطول ولكن لم يكن الأمر كذلك.
أوضحت الصحيفة أنه مع الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وفوضى الخروج البريطانى وأعمال الشغب فى فرنسا وأزمة ديون إيطاليا فلا يوجد بالتأكيد أى علامات تدل على تراجع النزاع وهو الأمر الذى يثقل كاهل مؤشرات النمو العالمية.