تراجع معدلات الهجرة يهبط بالنمو الاقتصادى فى بلدان متقدمة
215 مليار دولار قيمة إنتاج المهاجرين لبريطانيا من 1990 حتى 2014
النقاش المتزايد حول قضية الهجرة لا يعود إلى تغيير مفاجئ فى أنماطها أو المواقف المجتمعية تجاهها، بل إلى لعبة السياسة الجارية حالياً بعد أن تحولت مع مشكلات الأقليات القومية أو الدينية إلى قضية ساخنة.
ويعود ذلك فى المقام الأول لمحاولة الأحزاب والحركات السياسية الجديدة التى حملت مفاهيم “ترامبية” نسبة إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى ترفع شعارات «أمريكا أولاً» و«الاتحاد» فى إيطاليا تحت حكم ماتيو سالفينى وهى بالنهاية وسيلة لاستغلال الهجرة فى تشكيل قاعدة انتخابية لنفسها، وغالباً تشعر الأحزاب الكبرى بأنها مجبرة على الخوض فى هذا الزخم مما يحرك القضية إلى مركز للسياسات الانتخابية.
وفى سياق هذه المناقشة أصبح ينظر إلى الهجرة الاقتصادية على وجه الخصوص، على أنها سلعة غير مشروعة أو سيئة لا يمكن التعايش معها، ويكشف التناول السطحى للقضية أنه بدون فهم أكثر دقة للأثر الاقتصادى والاجتماعى للهجرة لن تكون هناك قدرة على صياغة سياسات تدعم النمو وتحمى رفاهية المواطنين والمهاجرين على حد سواء.
وأظهرت دراسة حديثة، أن الهجرة ساهمت بشكل كبير فى نمو اقتصادات منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية منذ الأزمة المالية عام 2008، ولكن لم يتم توزيع العائدات الإجمالية بالتساوى بين المناطق ومجموعات الدخل المختلفة وهذا يثبت ما تقوله الدراسة عن وجود أدلة جديدة تشير إلى اتساع الهوة بين التصورات حول الهجرة ودورها فى واقع الحياة.
واتضح أنه مع ارتفاع المد ضد المهاجرين تراجعت موجة الهجرة بشكل عام وترجم ذلك إلى نمو أضعف، مما يشكل مخاطر مالية واجتماعية جديدة.
ويتطلب فهم تداعيات تراجع الهجرة فى الاقتصادات المتقدمة الأخذ بعين الاعتبار أن حوالى ثلثى النمو فى الولايات المتحدة بين عامى 2011 و2016 كان بسبب تأثيرات العمالة المهاجرة على سوق العمل.
وفى المملكة المتحدة تقدر الدراسات الدولية، أنه إذا تم تجميد الهجرة فى عام 1990، فإن الاقتصاد اعتباراً من 2014 كان «بحساب عامل التضخم» أكثر من 175 مليار جنيه استرلينى، وذلك بأسعار صرف عام 2016، وفى ألمانيا فى ظل نفس السيناريو، كانت الخسارة ستكون حوالى 155 مليار يورو بأسعار 2010، وتعطى هذه الأرقام تقديرات أقل من التأثير الحقيقى حول حدوث تجميد الهجرة، لأنها تعكس فقط التأثيرات المباشرة لغياب الوافدين الجدد.
ومع ذلك، فإن للهجرة فوائد أوسع نطاقاً على المدى الطويل فعلى سبيل المثال، يوجد دليل على أن الهجرة الاقتصادية وراء زيادة فرص العمل النسائى من خلال زيادة معدل مشاركة القوى العاملة من النساء ذوات المهارات المنخفضة، ونمو ساعات العمل بين النساء ذوات المهارات العالية.