خبراء يطالبون الحكومة بدعم الصناعة المحلية وتحرير «المكونات» المستوردة
توقعات بازدهار مبيعات الصينى وتراجع الكورى واليابانى
يمر سوق السيارات، حالياً، بحالة من الترقب، بعدما أعلن عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، عن بدء تنفيذ قرار إلغاء الجمارك على سيارات الركوب الأوروبية المستوردة اعتباراً من يناير 2019.
ويأتى القرار تنفيذاً لبنود اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية.
ورغم أن السوق المحلى يعرف منذ نحو عقد من الزمان، فإنَّ الجمارك على السيارات الأوروبية ستصبح 0% بحلول 2019، لكن البعض كان يشكك فى الالتزام بالجدول الزمنى.
وفور إعلان الوزير عمرو نصار، فى سبتمبر الماضى، أن مصر ملتزمة بالاتفاقية، وستلغى الجمارك مطلع يناير، ظهرت حالة من الركود فى سوق السيارات. فالمستهلك ينتظر الأسعار الجديدة؛ أملاً فى انخفاض «الأوروبى».
حالة الترقب لم تسيطر على المستهلكين وحدهم، وإنما امتدت إلى خبراء القطاع أنفسهم، الذين تضاربت آراؤهم.
فالبعض يرى أن أسعار مودلات 2019 الأوروبية لن تتأثر.. بل ربما سترتفع، خصوصاً بعد قرار الحكومة تحرير سعر الدولار الجمركى على بعض السلع ومن بينها السيارات.
وهناك فريق آخر يتوقع انخفاض الأسعار.
وطال التضارب شركات تصنيع وتجميع السيارات المحلية، والتى يخشى بعضها اتجاه المستهلكين إلى السيارات الأوروبية بدلاً من المجمعة محلياً.. لكن بعضهم لا يرى مجالاً للمنافسة بين السيارات الأوروبية ذات الفئات المرتفعة مع السيارات المصرية أو المجمعة محلياً، والأقل فى الفئة والإمكانيات وكذلك السعر. ورغم حالة التضارب هذه، فإنَّ الخبراء اتفقوا على ضرورة دعم الحكومة للتصنيع المحلى، والإسراع فى وضع استراتيجية السيارات، مطالبين الحكومة بتحديد موقف واضح من التجميع والتصنيع والدعم الجمركى على مكونات السيارات التى يتم استيرادها، واستخدامها فى التجميع.
قال المهندس وائل عمار، رئيس شعبة وسائل النقل بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إنَّ مهمة النهوض بالصناعة المحلية للسيارات تقع على عاتق الحكومة.
وأضاف: «موقف الحكومة غير واضح حتى الآن.. والشعبة فى انتظار تقدمها باستراتيجية صناعة السيارات حتى تتمكن الشركات من فهم الموقف كاملاً وبناء عليه تضع خططها للنهوض بالصناعة».
أوضح «عمار»، أن الحكومة ليست لديها خطة واضحة تجاه صناعة السيارات فى مصر حتى الآن، ولم توضح بعد هل تريد الإبقاء على الصناعة والنهوض بها أم لا، مشيراً إلى أن شركات السيارات المحلية هى فى النهاية شركات استثمارية، وتريد أن تحقق نسباً من الربح فى ظل سياسة واضحة تضعها الحكومة.
وحول أسعار السيارات المستوردة من أوروبا فى 2019، توقع «عمار» عدم انخفاض أسعارها، مشيراً إلى أن أسعارها ستظل ثابتة.. هذا إذا لم ترتفع.
كما توقع رئيس شعبة وسائل النقل، أن يشهد عام 2019 ازدهاراً ونمواً فى سوق السيارات، وأن ترتفع نسبة المبيعات من 10 إلى 15%، مقارنة بعام 2018.
واقترح اللواء حسين مصطفى، الخبير فى صناعة السيارات، إلغاء الجمارك على المكونات المستوردة التى تدخل فى إنتاج السيارات، لمساعدة المصانع والشركات المحلية على المنافسة مع مطلع العام الجديد، موضحاً أن الجمارك على مكونات السيارات فى الوقت الحالى من 5 الى 7%، ويتمنى أن تصل إلى 0%. وتوقع «مصطفى»، أن يكون تأثير إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية مطلع 2019 طفيفاً، خصوصاً على السيارات التى تقل سعتها عن 1600 سى سى، متمنياً أن تتخذ الحكومة إجراءات لدعم صناعة السيارات المحلية فى مقابل السيارات الأوروبية المستوردة.
وحول دور الشركات التى تجمع السيارات محلياً فى مصر، قال خبير السيارات، إنَّ هذه الشركات ستضطر إلى التنازل عن جزء من أرباحها للتواجد فى السوق، والقدرة على المنافسة.
أكد «مصطفى»، أنه بشكل عام لن يكون قرار إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية مهدداً للصناعات المحلية بالشكل الذى يتوقعه البعض، مشيراً إلى أنه تم تخفيض الجمارك أكثر من مرة. كما أن السيارات الأوروبية المستوردة الأقل من 1300 سى سى جماركها «صفر%» منذ عامين.. ولم نلحظ تغييراً أو تأثيراً على مبيعات السوق المحلى.
وتوقع أن تكون الأشهر الثلاثة الأولى من 2019، بمثابة فترة اختبار لسوق السيارات إلى أن يصل لمرحلة التوازن فى الربع الثانى من العام، متمنياً أن يعود السوق للازدهار مرة أخرى خلال 2019، بعد الانكماش فى المبيعات عام2017، والانفراجة القليلة التى حلت على السوق خلال 2018.
أما المهندس سمير علام، نائب رئيس شعبة وسائل النقل، فيرى أن تهديد السيارات الأوروبية المستوردة فى 2019 للسيارات المصنعة محلياً مجرد تهديد نظرى، موضحاً أن فئات السيارت الأوروبية المستوردة لا تنافس الأنواع التى يتم تجميعها محلياً، مثل سيارتى نيسان الأشهر، وهما «صنى» و«سنترا» اللتان لا يوجد لهما منافس أوروبى مستورد.
وكذلك سيارات «شيفروليه» للركوب، ومنها «لانوس» و«أفيو»، والنقل بشكل عام مثل «جامبو» و«الدبابة».. فكل هذه السيارات التى تنتج محلياً لا يوجد منافس أوروبى مستورد لها، وبالتالى إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية المستوردة لا يشكل خطراً عليها.
وعن الفئات الأعلى من السيارات التى تنتج محلياً ومنها بعض موديلات «كيا» وسيارات الـ4×4 مثل الـ«جيب»، فإنَّ أسعارها مناسبة جداً بالنسبة للفئة الخاصة بها، وبالتالى فلن تواجه خطراً هى الأخرى أمام منافساتها الأوروبية.
وعلى عكس بعض الخبراء وشركات التصنيع المحلى للسيارات، توقع علام ارتفاعاً فى أسعار السيارات الأوروبية المستوردة خلال 2019، مشيراً إلى أنه بعد ارتفاع أسعار السيارات بشكل عالمى فى 2019 ومع إضافة بعض المصاريف الإضافية عند شراء السيارة مثل ضريبة القيمة المضافة وغيرها فإنَّ سعر السيارات الأوروبية سيرتفع أو على الأقل سيظل ثابتاً ولن ينخفض.
وأكد نائب رئيس شعبة السيارات، أن كل ما يحدث فى سوق السيارات بما فيه رفع الجمارك عن السيارات الأوروبية يصب فى مصلحة الصناعات المحلية، موضحاً أن قرار الحكومة تحرير سعر الدولار الجمركى عن بعض السلع، ومنها السيارات يأتى فى مصلحة السيارات المحلية التى سيقبل عليها المستهلك، بدلاً من المستوردة الأغلى فى السعر.
كما توقع علام ازدهاراً فى سوق السيارات بشكل عالمى ومحلى خلال عام 2019، استكمالاً للانفراجة التى شهدها السوق فى عام 2018، ما سينعكس إيجابياً على السوق المحلى والصناعات المصرية التى تشكل 50% من حجم سوق السيارات فى مصر، وبالتالى ستزدهر صناعة السيارات المحلية أيضاً.
وأكد شاذلى مصطفى، الخبير التسويقى للسيارات، أن انخفاض أسعار السيارات الأوروبية المستوردة لن يؤثر على السيارات المجمعة محلياً، موضحاً أن معظم السيارات الأوروبية التى يتم استيرادها من فئات عالية وبالتالى لن تؤثر على سيارات السوق المحلى؛ لأن معظمها سيارات صينية من فئات أقل لذلك لا يوجد مجال للمنافسة بينها.
وأوضح أن القرارات الجديدة تأتى فى صالح السوق المحلى وشركات تجميع السيارات الصينية؛ لأنها تحفزها على تحسين الإنتاج والصيانة والجودة بها لتكون قادرة على تقديم سيارة تقترب من جودة الأوروبى ولكن بسعر مناسب للسوق المحلى.
وأشار «مصطفى» إلى أن السيارات الكورية واليابانية هى الأكثر تضرراً، خلال العام الجديد، فى السوق المصرى؛ لأنها ليست لديها الحرية أو الدعم الجمركى، كما هو الحال مع السيارات الأوروبية التى ستشهد تحرراً من الجمارك مع بداية العام.
كما أنها لا تملك المرونة اللازمة لمواكبة السوق ومتطلباته كما هو الحال مع السيارات الصينية التى تستطيع أن تطور من نفسها وتفرض وجودها فى السوق المصرى، مضيفاً أن عام 2019 سيشهد رواجاً فى مبيعات السيارات الأوروبية والصينية على حد سواء فى السوق المصرى.
يذكر أن إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية المستوردة جاء بناء على اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية التى وقعتها مصر مع الاتحاد الأوروبى، ويتم تنفيذها منذ عام 2010، التى تنص على خفض 10% سنوياً على الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية، وتم تخفيض الجمارك تدريجياً، ويأتى عام 2019 لتصبح الجمارك على سيارات الركوب الأوروبية «صفر%».
كتبت – نور أحمد