إعلان “كيم” الاستقالة يختبر الهيمنة الأمريكية على المؤسسات المالية العالمية
الدول النامية تهدد الاحتكار الأمريكى الأوروبى على صندوق النقد والبنك الدوليين
قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن إعلان جيم يونغ كيم، تخليه عن منصبه كرئيس للبنك الدولى، والانتقال إلى شركة تابعة للقطاع الخاص للتركيز على استثمارات البنية التحتية فى البلدان النامية يخلق معركة بين إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى سيكون لها الدور المركزى فى اختيار بديل له والنقاد الذين يحاولون كسر قبضة الولايات المتحدة على رئاسة البنك الدولى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن المعركة المقبلة ستكون بمثابة اختبار للنهج المتشكك للغاية الذى يتبناه البيت الأبيض، تجاه المؤسسات متعددة الأطراف، خاصةً البنك الدولى، الذى يعمل عن كثب مع الصين ويمول بحماسة شديدة مشروعات تغير المناخ.
ومن المحتمل أن تسعى الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بقبضتها على تعيينات رؤساء البنك الدولى، خاصة بعد أن دعم البيت الأبيض، بشكل غير متوقع زيادة رأسمال المقرض الدولى العام الماضى.
لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب، شككت علناً فى جوانب عمل المقرضين متعددى الأطراف وفى الشهر الماضى، أعرب ديفيد مالباس، أكبر مسؤول فى وزارة الخزانة الأمريكية للشئون الدولية، عن قلقه بشأن التقدم الكبير الذى يقدمه الصينيون فى بنوك التنمية المتعددة الأطراف.
وقال كلاى لورى، المدير الإدارى فى شركة “روك كريك” للاستشارات العالمية، إن الدور الصينى يخلق معضلة للإدارة الأمريكية التى كشفت عن مخاوف عميقة حول المؤسسات متعددة الأطراف، لكنهم لن يرغبوا فى التخلى عن مقعد أمريكى بارز فى هذه المؤسسات.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض أنصار ترامب، سارعوا إلى إعلان الفرصة التى أتاحها رحيل كيم المبكر حيث قالت جودى شيلتون، المديرة التنفيذية الأمريكية فى مجلس إدارة البنك الأوروبى للإنشاء والتعمير، إن الاستقالة تقدم فرصة مثيرة للاهتمام.
وأضافت “نحن بحاجة إلى أفكار جديدة حول تمويل التنمية حيث أصبح تغير المناخ أكثر من مجرد هاجس، مما يؤدى إلى نزوح مشاريع البنية التحتية التى تحتاج إلى مزيد من الإلحاح”.
ولكن إذا دفع البيت الأبيض، بقوة بمرشح يدعم جدول أعمال ترامب، فسوف يؤجج ذلك ثورة بين أصحاب المصالح الآخرين فى البنك الدولى، ولن تقتصر عواقبها على البنك الدولى، فقط بأى حال من الأحوال.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز”، أن خرق التقليد الذى يحافظ على رئاسة المقرض فى أيدى المرشحين الذين توافق عليهم الولايات المتحدة سيكون له آثار مباشرة على صندوق النقد الدولى، الذى دائمًا ما تقوده أوروبا.
وقال براد سيتزر، موظف سابق فى وزارة الخزانة الأمريكية، إنه إذا دفعت إدارة ترامب، بمرشح جديد موثوق به فقد ينتهى الأمر سريعًا ولكن إذا لم يحدث ذلك فإن الاحتكار الأمريكى الأوروبى على صندوق النقد، والبنك الدوليين، يمكن أن يواجه تحديًا كبيرًا.
وتمتعت الولايات المتحدة بقبضة غير منقطعة على رئاسة البنك الدولى، إلا أن رئاستها المتميزة أصبحت تخضع لتدقيقات متزايدة.
وفى عام 2012 عارضت مجموعة من البلدان النامية ترشيح كيم، لرئاسة البنك الدولى، وطالبوا بتعيين نغوزى أوكونجو إيويالا، وزير المالية النيجيرى كمرشح بديل.
وطالبت رابطة موظفى البنك الدولى، بإجراء بحث دولى عن بديل كيم، فى عام 2016 أثناء حملته الانتخابية لفترة ثانية مدتها خمس سنوات ولكن فى النهاية حصل على تجديد مبكر لولايته فى الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما.
وقال مارك سوبل، رئيس مؤسسة “أمفيف” الأمريكية للأبحاث، إنه إذا رغبت الأسواق الناشئة فى كسر تحمل أحد الأمريكيين مقاليد الأمور فى البنك الدولى، وإزاحة أوروبا من الهيمنة على صندوق النقد، فإنهم يحتاجون بسرعة إلى التوحد خلف مرشح موثوق به يحظى باحترام عالمى.
أضاف أن مثل هذا التغيير فى البنك الدولى، سيكون له آثار واضحة على تغيير الحرس فى صندوق النقد، عندما تغادر كريستين لاجارد، رئاسته.
وأشارت “فاينانشيال تايمز” إلى أن إدارة ترامب، لديها سجل مختلط عندما يتعلق الأمر بالتعيينات الدولية، وفى العام الماضى توّج راندال كوارلز، وهو مسئول كبير فى الاحتياطى الفيدرالى، رئاسة مجلس الاستقرار المالى، الذى يشرف على التنظيم المالى العالمى وكان بمثابة انتصار كبير للولايات المتحدة.
ولكن فى وقت سابق من العام الجارى تم تجاهل المرشح الأمريكى لرئاسة وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.
سوف تتولى كريستالينا جورجيفا، مفوض الاتحاد الأوروبى السابق التى كانت تشغل منصب الرئيس التنفيذى للبنك الدولى، منصب الرئيس المؤقت بعد خروج كيم، من منصبه الشهر المقبل.
وقال أحد كبار المسئولين السابقين بالبنك الدولى، إن رئاسة كريستالينا جورجيفا، سيكون حلاً رائعاً يمكن أن يتجنب القتال بين الأمريكيين وبقية أعضاء مجلس الإدارة.
ومع ذلك، قال مجلس إدارة البنك الدولى، يوم الاثنين إنه سوف يبدأ على الفور فى عملية اختيار رئيسه المقبل، وقال متحدث باسم وزارة الخزانة الأمريكية، إن الوزارة تقدّر خدمة كيم، للبنك الدولى وأن وزير الخزانة يتطلع إلى العمل مع زملائه فى اختيار قائد جديد.