تسعى المملكة المغربية لزيادة تواجدها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من أجل تعزيز اقتصادها ومكانتها الدولية.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود من الانسحاب من الاتحاد الإفريقي، انضم المغرب مرة أخرى إلى المنظمة الأفريقية عام 2017.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن هذه المصالحة كانت خطوة تكتيكية وربما كانت التسوية السياسية المستدامة أمرًا جذابا ولكنها أمر أساسي للاقتصاد.
قالت إليسا باريزي كابوني، المحللة البارزة في وكالة “موديز” للتصنيف الائتمانى إن مسعى المغرب للانضمام إلى الاتحادات التجارية والنقابية في أفريقيا، هو جزء من استراتيجية البلاد لزيادة مكانتها الإقليمية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه البلاد للانضمام إلى عضوية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”.
ويتطلع المغرب منذ عام 2010 ، مع النمو البطيء فترة ما بعد الأزمة في أوروبا، ودخول العديد من الاقتصادات العربية حالة من الفوضى عقب انتفاضات الربيع العربى إلى تشجيع الشركات المحلية للبحث عن فرص في دول جنوب الصحراء الكبرى سريعة النمو.
وتأسست مدينة الدار البيضاء المالية، منذ ذلك العام وتم إطلاقها كقاعدة محورية لهذه الاستراتيجية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن المغرب سعى نحو جذب الشركات التي تحرص على استغلال استقرارها السياسي وموقعها الجغرافي الاستراتيجي المتميز بين أوروبا وأفريقيا كقاعدة لتوسيع عمليات دول جنوب الصحراء الكبرى.
وأشارت الصحيفة إلى أن المغرب جنى ثمار هذه الإستراتيجية حيث تضاعفت الصادرات المغربية إلى دول غرب إفريقيا ثلاث مرات بين عامي 2006 و2016.
وكشفت البيانات أن حوالى 90% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمغرب سواء في المشاريع الجديدة أو التوسع في الاستثمارات القائمة، كان من نصيب أفريقيا جنوب الصحراء بين عامي 2010 و2018 وكانت إثيوبيا وساحل العاج والكاميرون الوجهات الرئيسية للاستثمارات المغربية.
وقال سعيد إبراهيمي، المدير التنفيذي للهيئة المالية المغربية، إن افريقيا ستكون محرك النمو العالمي في العقود المقبلة رغم المشكلات السياسية فى بعض بلدانها.
وأصبحت الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للبلاد مركزًا للاستثمار في الخارج حيث نمت الاستثمارات الأجنبية الجديدة من المدينة سريعًا من 61 مليون دولار في عام 2010 إلى ذروة بلغت 5 مليارات دولار في عام 2015.
ومنذ ذلك الحين كانت الوتيرة أكثر هدوءاً وتماشت مع اتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمية.
ومنذ إطلاق مدينة الدار البيضاء المالية، حصلت 160 شركة عالمية على المزايا التنظيمية والمالية بما في ذلك شركات الاستشارات الدولية مثل “ماكنزى” و”بوستون” إلى جانب شركة “كليفورد تشانس” للمحاماة.
وتجني الشركات العاملة في مدينة الدار البيضاء المالية، فوائد كبيرة من انخفاض معدل الضريبة على الشركات وازالة القيود على عمليات الإعادة إلى العملات الأجنبية.
وقال باتريك دوبو، العضو المنتدب ورئيس قسم أفريقيا في شركة “بوستون”، إن المغرب يقدم مجموعة جذابة من اللوائح التنظيمية والقدرة على توظيف الأجانب بالإضافة إلى وجود سياسة مالية وضريبية تنافسية.
واضاف:” انضممنا إلى المغرب عام 2012 وساعدت الموافقة السريعة على التأشيرات التي يمكن أن تستغرق شهوراً في بلدان أفريقية أخرى إلى تسهيل عملية التوسع فى البلاد”.
وأشار دوبو، إلى أن إنشاء فرع للشركة فى المغرب أتاح لنا خدمة المغرب، إذ إن 50% من أعمال الشركة مخصص للبلاد و25% موجه للشركات الافريقية و 25% الأخرى يتم تحصيصه للشركات متعددة الجنسيات.
ولكن تعد بطالة الشباب في المغرب والتى تبلغ نسبتها حوالى 30% وفقاً لأرقام البنك الدولي، مشكلة كبيرة.
وقامت مدينة الدار البيضاء المالية، بتوفير فرص للعمال المهرة ،إذ تضم الكثير من الشباب المتعلمين الذين أصبحوا قادرين على ممارسة الاعمال التجارية بدلاً من الذهاب إلى الخارج للعثور على وظائف عالية الجودة.
وعند إطلاق المدينة المالية قدرت وزارة المالية المغربية أنها ستساهم بنحو 2% في الناتج المحلي الإجمالي وتوفر 35 ألف فرصة عمل جديدة.
ورغم تحول المغرب نحو افريقيا حيث تمتعت الاقتصادات غير النفطية في المنطقة ومنها السنغال وساحل العاج وإثيوبيا بنمو كبير، فإن أكبر أسواق المنطقة مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا غارقة في الركود والمآزق السياسية.
ولكن ربما تتلاشى هذه المشكلات، وسيكون المغرب الأكثر استفادة من هذه القارة مع نمو عدد سكانها والمدن المزدهرة التى ستعزز الطلب فى المستقبل.