قالت صحيفة فاينانشيال تايمز، إن المصريين عادة ما يفضل تكوين عائلات كبيرة الحجم، ولكن مثل هذه العادة تأتي بتكاليف اقتصادية كبيرة على كل من الوالدين والبلد، لذلك أطلقت الحكومة برنامج تنظيم اﻷسرة تحت عنوان “اثنين كفاية”، في محاولة منها للسيطرة على ارتفاع أعداد المواليد.
وأوضحت الصحيفة البريطانية إن السلطات المصرية تريد إقناع ملايين اﻷفراد، ممن يرغبون في إنجاب المزيد من اﻷطفال، بأنهم إذا كان لديهم عدد أقل من اﻷطفال، فإنهم سيستطيعون توفير حياة أفضل ﻷطفالهم، بجانب تخفيف العبء المفروض على الدولة، التي تناضل لتلبية الطلب المتزايد على الوظائف والخدمات.
وقال عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن الاجتماعي، إن عدد السكان في مصر وصل إلى 98 مليون نسمة في ديسمبر الماضي، وسيرتفع بمقدار 20 مليون نسمة أخرى خلال العقد المقبل، إذا لم ينخفض معدل المواليد.
ومن جانبه، وصف الرئيس عبدالفتاح السيسي كلاً من النمو السكاني والإرهاب بأنهما التهديدات اﻷكبر التي تواجه البلاد.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي إلى 5.5% في 2018، إلا أن مصر فشلت في توفير أكثر من 800 ألف وظيفة مطلوبة بشكل سنوي لاستيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل.
ومع ذلك، تحسنت مؤشرات الاقتصاد المصري، كما أن صندوق النقد الدولي قد أشاد بالإصلاحات التي تجريها البلاد.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن معظم المصريين يكافحون من أجل العيش على مستويات دخل منخفضة، في ظل ارتفاع اﻷسعار واعتزام الحكومة رفع الدعم عن الوقود، كما أن معدلات البطالة وصلت إلى 10%.
وقال المحللون إن القطاعات الخدمية، مثل الصحة والتعليم، تحتاج إلى استثمارات ضخمة لمواكبة حجم الطلب الحالي عليها، فضلا عن الضغوط الناتجة عن ارتفاع الكثافة السكانية بشكل سريع.
وقال أنجوس بلير، الرئيس التنفيذي للعمليات لدى بنك “فاروس إنفستمنتس” الاستثماري، الذي يتخذ من القاهرة مقرا له، إن الضغوط ستزداد في ظل الزيادة الكبيرة في عدد السكان، محذرا من أن مصر تواجه مشاكل عديدة، بما في ذلك محدودية توفير المياه وقضايا الأمن الغذائي، كما أنها ستحتاج للتعامل مع هذه التحديات في ظل التغييرات المناخية.
وكانت مصر قد أجرت بالفعل برنامجا ناجحا لتنظيم اﻷسرة، مما ساعد على خفض معدلات المواليد إلى 3.1 طفل لكل امرأة في عام 2008، بعد أن كانت 5.6 طفل في عام 1976، ولكن بمجرد انتهاء البرنامج، الممول من الولايات المتحدة، في عام 2008، بدأت أعداد المواليد في الارتفاع مرة أخرى.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن الحكومة اﻷمريكية، بجانب الجهات المانحة الدولية اﻷخرى، تدعم أيضا برنامج تنظيم اﻷسرة الجديد بنحو 20 مليون دولار.
واشارت نهلة عبد التواب، مديرة مكتب مجلس السكان الدولي، وهي منظمة بحثية دولية، إلى ضرورة ضمان استدامة البرنامج، حتى لا ترتفع معدلات الخصوبة مرة أخرى بمجرد انتهاء فترة التمويل، مشيرة إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال إدخال برامج تنظيم الأسرة إلى مناهج المدارس الثانوية، نظرا لأن بعض الفتيات يتزوجن مباشرة بعد إنهاء فترة التعليم الثانوي.