نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية: الصناعات المغذية فى انتظار الدعم الحكومى

القاضى: ظاهرة الـ«أوفر برايس» تشتد بداية مايو المقبل بسبب «خليها تصدى»
الأجور وراء هروب العمالة إلى «التوك توك» و«الدليفرى»
الحكومة رفضت استراتيجية صناعة السيارات.. والحديث عنها أصبح «عيب»

الهيئات والشركات المصرية تعتمد على قطع الغيار المستوردة وتتجاهل «المحلى»

يمثل الارتقاء بصناعة السيارات والصناعات المغذية، بوابة واسعة للانطلاق نحو الارتقاء بعدة صناعات، والتصدير، لكن القطاع يمر حالياً بأزمة طارئة، وإعادة ترتيب، تتمثل فى ركود ما بعد إلغاء الجمارك على السيارات أوروبية المنشأ، وحملات مقاطعة الشراء وأبرزها حملة «خليها تصدى».
قال المهندس عبدالمنعم القاضى، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات وعضو شعبة الصناعات المغذية، لـ«البورصة»، إن الحكومة مطالبة بدعم قطاع الصناعات المغذية على وجه الخصوص. واضاف القاضى فى حواره، أن الاستراتيجية كان من شأنها أن تحدث توازناً فى عالم صناعة السيارات والصناعات المغذية، كما طالب الحكومة بأن تكون حازمة مع المصنعين.. فهناك من يرخص لإنشاء مصنع وينتج 1000 سيارة فقط فى السنة.
كتبت ــ نور أحمد:
● هل أثرت حملة «خليها تصدى» والركود الذى يشهده سوق السيارات على الصناعات المغذية؟
●● بالطبع ودون شك أثرت حملة «خليها تصدى» على مصانع السيارات، فالركود الذى تشهده المبيعات، أثر بالسلب على مصانع تجميع السيارات التى لم تعد تتعاقد على طلبيات من إنتاج مصانع الصناعات المغذية.
والأخيرة لم تعد تعمل بكامل طاقتها، بسبب ضعف الطلب، مما أدى لتقليل أيام العمل إلى 4 أيام فى الأسبوع بدلاً من 5 أيام، كما اضطرت بعض المصانع لمنح العمال إجازات، واعتقد أن هذا الركود والتأثير على الصناعات سيستمر حتى شهر أبريل المقبل.
● وما رأيك فى حملة «خليها تصدى»؟
●● الحملة أثرت بشكل سلبى على قطاع السيارات بشكل عام، لكن تأثيرها الأكثر سلبية يقع على المستهلك، لأنه وبسبب الحملة ستشتد ظاهرة الـ«أوفر برايس» بداية من شهر مايو، ونحن كمصنعين طلبنا من الحكومة التدخل لحل الأزمة.
● ما أهمية استراتيجية صناعة السيارات؟ ولماذا لم تصدر حتى الآن؟
●● يجب أن ننسى هذا الموضوع تماماً، فالحكومة رفضت الاستراتيجية وأى حديث عنها الآن أصبح «عيب».
●● الاستراتيجية كان من شأنها أن تحدث توازناً فى عالم صناعة السيارات والصناعات المغذية، وهى منظومة متكاملة لضبط سوق السيارات تجارياً وصناعياً، وكانت ستنعش سوق السيارات فى مصر وتعيده إلى ما كان عليه قبل عام 2008، لأنها كانت ستعيد شريحة المستهلكين الذين كانوا يشترون السيارات بسعر 100 ألف جنيه أو أقل، والسوق بحاجة إلى هذه الشريحة مرة أخرى.
● ولماذا رفضت الحكومة الاستراتيجية؟
●● هذا السؤال يجب توجيهه إلى الحكومة لمعرفة أسبابها الحقيقية، ولكن من جانبنا هناك سببان قويان وراء عدم اصدار الاستراتيجية، وهما قوة التجار لأنهم كانوا من أكثر المعارضين للاستراتيجية، والسبب الآخر أننا كمصنعين لم نكن على قلب رجل واحد، وهو ما ندم عليه الجميع هذه الأيام بمن فيهم التجار، وكان على الجميع انتظار صدور الاستراتيجية أولاً، ثم نعمل على تعديل السلبيات ومعالجتها.
● ولماذا عارضها التجار؟
●● لأنهم كانوا يعتقدون أنها لصالح الصناعة والمصنعين فقط، رغم أنها كانت لصالح الجميع سواء مصنع أو تاجر أو مستهلك ولصالح الدولة أيضا. فالدولة ستفقد هذا العام 7 مليارات جنيه بعد تطبيق الغاء الجمارك على السيارات الأوروبية المنشأ، والاستراتيجية كانت ستفرض ضريبة ورسوماً أخرى يستحقها من يصنع، وتحقق للدولة دخلاً بديلاً للجمارك الملغاة.
● هل هناك مطالب للمصنعين من الحكومة؟
●● للأسف.. الحكومة رفضت الاستراتيجية تماماً، ونطالبها بأن تكون لها رؤية واضحة فى التصنيع، فمصيبة صناعة السيارات فى مصر أنه لم تكن هناك رؤية واضحة من الحكومة، وهناك بعض الإيجابيات، فالرئيس عبدالفتاح السيسى، سعى لإعادة مصنع مرسيدس للعمل فى مصر.
لكن على الدولة أن تقف إلى جانب الصناعات المغذية، وتحرص على التعاون بين مرسيدس وقطاع الصناعات المغذية المصرى، وعلى مرسيدس أن تعتمد على منتجاتنا إذا كانت ذات جودة، أو تطلب التعديل فيها إذا أرادت تعديلات.
كما يجب أن تكون الحكومة حازمة مع المصنعين، فهناك من يرخص لإنشاء مصنع وينتج 1000 سيارة فقط فى السنة، ولا يطور صناعة السيارات ولا الصناعات المغذية.
وعلى الحكومة أن تشترط على المصنع إنتاج عدد محدد من السيارات خلال السنة، وليكن مثلاً 10 آلاف سيارة، على أن تزداد الكمية خلال فترة معينة إلى 20 أو 30 ألف وحدة، وإذا لم يحقق ذلك يتم إغلاق المصنع، وهذا من أجل النهوض بالصناعة ووضع أسس صحيحة لها.
ما الفائدة التى تعود على الصناعة فى مصر بعد عودة مرسيدس؟
●● الفائدة ستكون ملحوظة، وذات تأثير كبير على الصناعة فى حالة واحدة فقط وهى استعانة هذه الشركات بالصناعات المغذية المصرية، ولكن حال اعتمادها على منتجات مصانعها فى الخارج فلن تكون الفائدة الاقتصادية ذات أثر كبير.
● ما الدور الذى تقوم به شعبة الصناعات المغذية لدعم الصناعة؟
●● شعبة الصناعات المغذية وشعبة وسائل النقل، تلعبان دوراً كبيراً داخل غرفة الصناعات الهندسية لدعم الصناعة.
والشعبتان دشنتا العديد من المبادرات لإقناع الحكومة بحل أزمة السيارات.. لكنها باءت جميعاً بالفشل، ولم نتلق أى رد فعل إيجابى حول هذه المبادرات، كما عقدت الشعبة العديد من الاجتماعات الإضافية فى الفترة الأخيرة لمناقشة أوضاع صناعة السيارات.
● الصناعات المغذية متهمة بالتركيز على الكماليات فقط واستيراد المنتجات الأساسية.. لماذا؟
●● الصناعات المغذية هى جوهر صناعة السيارات، وهى ناجحة فى مصر، لكن إنتاجها قليل، لأن إنتاج السيارات قليل.
فى المقابل، المستثمر لن يجازف بالدخول فى قطاع الصناعات المغذية فى ظل هذا الكم الضئيل من انتاج السيارات، أما الصناعات الموجودة بالفعل فهى على العكس قوية جدا، ونصدر الكثير من قطع الغيار الأصلية إلى العديد من الدول وإلى أوروبا وألمانيا على وجه التحديد، كما نصدر إلى أمريكا وجنوب أفريقيا
● هناك اتهامات موجهة للهيئات الحكومية بالاعتماد على المنتجات المستوردة.. هل هذا صحيح؟
●● بالفعل هناك الكثير من الهيئات والشركات المصرية تعتمد على المنتجات المستوردة ولا تلتفت إلى مصانعنا المحلية، لكن فى الفترة الأخيرة أنشأنا العديد من قنوات الاتصال مع مصانع الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع، وبدأوا الاستجابة لنا وطلبوا العديد من العينات لفحصها، وأرجوهم الاستعانة بمنتجات الصناعات المغذية المصرية التى لا تقل جودة عن المستورد.
● كم تبلغ قيم صادرات قطاع الصناعات المغذية؟
●● غرفة الصناعات الهندسية تضم 10 شعب مختلفة، وجميعها تصدر منتجات بقيمة 2.17 مليار دولار سنوياً ونصيب الصناعات المغذية وحدها 460 مليون دولار، وهو رقم ليس بقليل، كما تصدر شعبة وسائل النقل بقيمة 92 مليون دولار، رغم أن أسعار السيارات أغلى من منتجات الصناعات المغذية.
ونأمل أن تتخطى صادرات الصناعات المغذية لعام 2019 الـ 3 مليارات دولار، وتشكل صادراتنا نسبة كبيرة فى صادرات الصناعات الهندسية، والتى تمثل %2.7 من صادرات الغرفة.
والغرفة تحقق نسبة كبيرة من صادرات مصر أيضاً فصادرات مصر غير البترولية تصل إلى 20 مليار دولار، ورغم أنه رقم ضئيل لدولة بحجم مصر، إلا أن الغرفة تستحوذ على %10 من هذا الرقم، وهوما يمثل حجم صادرات مقبول فى ظل الظروف الراهنة.
ويقع على عاتق الحكومة دور كبير فى زيادة حجم هذه الصادرات ولن يحدث هذا إلا بعد الاهتمام بالصناعة، لكن طالما أن الحكومة لا تدرك أهمية الصناعات فكيف ستتحسن الصادرات الصناعية!
● ما أهم العلامات التى تجمع سياراتها فى مصر ؟
●● «أيسوزو» من أهم العلامات التى يتم تجميعها فى مصر، فأكثر من %70 من مكوناتها مصرية، باستثناء الموتور والفيتيس.
● هل يمكن تصنيع سيارة مصرية %100؟
●● لا أعتقد أنه يمكن صنع سيارة مصرية %100، لكن الأمل فى السيارات الكهربائية، فهناك مستثمر مصرى وهو حسن الدسوقى افتتح خط إنتاج مصرياً للبطاريات الكهربائية، وهى خطوة مهمة جداً لأن البطارية تمثل %60 من سعر السيارة الكهربائية، ويمكن أن نرفع النسبة %10 أخرى بإنتاج قطع غيار للسيارة محلية، وبالتالى نقترب من صنع سيارة مصرية.
وستعقد شعبة الصناعات المغذية، اجتماعاً قريباً مع الدسوقى لدراسة كيفية تطوير مشروع تصنيع البطاريات الكهربائية إلى تصنيع السيارة بالكامل.
● لماذا تعتمد مصانع الصناعات المغذية على معامل الاختبار فى الخارج؟
●● صناعة السيارات من الصناعات المتقدمة جدا، وجميع شركات الصناعات المغذية فى مصر تتبع المواصفات القياسية المنصوص عليها عالمياً لكن الشركات الأم تحرص على اختبار هذه المنتجات بنفسها فى المعامل الخاصة بها فى الخارج.
هل تتوفر لدينا العمالة المدربة للصناعات المغذية؟
●● فى الحقيقة لدينا عجز كبير فى العمالة المدربة فى مجال الصناعات المغذية، لأن «التوكتوك والدليفرى أخدوا كل العمالة».
والعامل يحقق ربحاً من عمله على «التوكتوك» و«الدليفرى» ضعف ما توفره له المصانع، ولسنا قادرين على توفير هذه الأجور للعمال، لكنهم ينظرون تحت أقدامهم. فالعامل يريد تحقيق ربح كبير اليوم، لكنه لا ينظر إلى الطفرة التى تحدث له والترقيات التى يحققها حال التزامه وإتقانه لعمله فى مجال صناعة السيارات.
● كم عدد مصانع السيارات ومصانع الصناعات المغذية محلياً؟
●● لدينا 100 مصنع لصناعة السيارات المباشرة فى مصر، منهم 80 مصنعاً للصناعات المغذية، و20 مصنعاً للتجميع، وهناك بالطبع مصانع أخرى غير مباشرة وغير متخصصة فى السيارات تورد منتجات للمصانع المباشرة مثل البلاستيك والمطاط والزجاج وغيرها.