في مواجهة التضخم الجامح والعائدات الحقيقية التي بلغت الصفر تقريبا ً على الودائع بالعملة المحلية حولت الأسر والشركات في تركيا 18 مليار دولار من مدخراتهم بالليرة إلى العملة الأمريكية واليورو منذ سبتمبر الماضى.
وكشفت بيانات “بلومبرج” أن حصة العملة الأجنبية التي يحتفظ بها السكان الأتراك بلغت 47% من إجمالي الودائع وهو أعلى مستوى في 13 عامًا على الأقل.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن الزحف نحو الدولار بمثابة علامة تحوط ضد نوبات الهبوط واستمرار ارتفاع التضخم على الرغم من جهود البنك المركزي لتعزيز العملة المحلية.
ورفعت السلطة النقدية أسعار الفائدة بقوة في سبتمبر الماضى لوقف هبوط الليرة مما أدى إلى تعافى ملحوظ في العملة ؛ حيث استردت الليرة فى الوقت الحالى حوالي ثلث قيمتها مقابل الدولار من مستوى قياسي منخفض سجلته في أغسطس الماضى.
وقال تيموثي آش ، الخبير الاستراتيجي فى شركة “بلوباى” لإدارة الأصول في لندن إنه أمر يثير القلق وسط معدلات الإيداع المنخفضة والقلق الأكبر سيكون على توقعات التضخم والشكوك حول الضوابط المفروضة على الأسعار والتي اتخذتها الحكومة مؤخرًا.
وفى الوقت الذى حرص فيه البنك المركزي التركي على تسليط الضوء في الحفاظ على سياسة نقدية صارمة حتى يرى تضخمًا معتدلاً ؛ كانت الحكومة تميل إلى المقرضين وتضغط عليهم للاحتفاظ بأسعار الفائدة قبل الانتخابات المقررة في مارس المقبل.
وانخفض متوسط سعر حساب الودائع بالليرة بأكثر من 600 نقطة أساس من أعلى مستوى في سبتمبر ليصل إلى 21.1% بسبب النقص في الطلب على الائتمان والمنافسة الصامتة على الودائع بين البنوك ؛وبلغ معدل التضخم الرئيسي في يناير الماضى 20.35%.
وعلى الرغم من تباطؤ التضخم من أعلى مستوياته منذ 15 عامًا عند 25.2٪ في أكتوبر الماضى إلا أن هناك مخاوف متزايدة من أن بعض الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمعالجة المشكلة هي حلول مؤقتة وهذا يضيف إلى قائمة الأسباب التي جعلت الأتراك يتخلون عن عملتهم.
وفى وقت سابق الأسبوع الماضى وجدت تركيا أن التحذيرات وحدها ليست كافية لردع التجار الذين ينتهزون ارتفاع التضخم لزيادة أسعار الغذاء بمستويات قياسية.
وبعد أسابيع من ملاحقة التجار الذين تعتبرهم الحكومة خونة وإرهابيين يدّعم حزب العدالة والتنمية، الذى يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، هذه التهديدات بالأفعال.
وقالت وزيرة التجارة روشار بيكان، إن الغرامات في طريقها للتطبيق بعد حملات على أسواق الجملة للمواد الغذائية فى 5محافظات وتبين وجود زيادات قياسية فى الأسعار تصل 800% لبعض السلع.
وترغب السلطات التركية أيضاً فى خفض الوسطاء عن طريق شراء الخضراوات مباشرة من المزارعين وبيعها بأسعار مخفضة في أكبر مدينتين فى تركيا.
يأتى ذلك بعد أن أدى انخفاض قيمة الليرة فى أغسطس الماضى إلى ارتفاع تكلفة الواردات الغذائية والنقل.