تتميز الصين بوجودها الكبير والمثير للجدل في أوروبا، ولكن في غرب البلقان، تسببت عرقلة الاتحاد الأوروبي لتقدم الصين السريع في وضع صربيا- وهي واحدة من المستفيدين الرئيسيين من الاستثمار الصيني– في مأزق.
ويعد هذا الوضع الذي تواجهه صربيا صعبا حقا، فقد اعتمد البرلمان الأوروبي مؤخرا بشكل رسمي لوائح جديدة تحدد إطارا لفحص الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاتحاد الأوروبي، وفي جوهرها تسمح هذه اﻷطر الجديدة للاتحاد بفحص الشركات الأجنبية، التي تستهدف الأصول الاستراتيجية الأوروبية، للمشتريات، وربما تشعر الدول غير اﻷعضاء في الاتحاد اﻷوروبي، مثل صربيا، التي تطمح إلى الانضمام إلى الكتلة، بضغوط للامتثال.
وأوضحت الصحيفة أن كل ما يريده الاتحاد اﻷوروبي هو منع وصول المستثمرين الأجانب إلى المؤسسات الأوروبية، حيث يمكنهم الوصول إلى المعلومات الحساسة والبيانات الشخصية لمواطني الكتلة.
وتعمل صربيا منذ بعض الوقت لتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والمؤسسية التي طالب بها الاتحاد الأوروبي كشرط للانضمام إلى الدول اﻷعضاء، ولكن التحدي الأكبر الذي تواجهه البلاد هو تطبيع علاقاتها مع كوسوفو، فآمال الجمع بين الجانبين تتلاشى سريعا، ولكن الصين تستخدم تلك التوترات كفرصة للدخول السوق اﻷوروبية المربحة عبر البلقان.
وعلى مدى العشرة أعوام الماضية، جلبت الشركات الصينية أو استثمرت في أصول تصل قيمتها إلى 318 مليار دولار على الأقل، مما يشير إلى أن إطار الاتحاد الأوروبي لفحص الاستثمارات الأجنبية المباشرة هو بالفعل أمرا متواجدا لعرقلة الاستثمار في البلاد.
وأوضحت “فاينانشيال تايمز” أن مبادرة الحزام والطريق، التي تعرف بكونها مشروعا طموحا لبناء شبكات أرضية وبحرية تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا، تعد أبرز المشاريع الصينية، كما استولت الشركات الصينية على صناعات حرجة في صربيا، مثل مناجم للنحاس وصناعة الصلب ومحطات الطاقة الحرارية، بجانب خطوط السكك الحديدية والطرق والموانئ.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر “هواوي” صربيا في الوقت الحالي مركزا إقليميا لديه القدرة على تغطية سوق جنوب شرق أوروبا بأكمله، بما في ذلك البوسنة والهرسك وكرواتيا وسلوفينيا وألبانيا.
وعلى النقيض تماما، يفتقر الزعماء اﻷوروبيين للرغبة في الاعتراف بالإمكانيات الهائلة التي توفرها صربيا، ولكن هناك استثمارا مهما تقوده مجموعة “زيجين” الصينية في منجم “أر.تي.بي بور” للنحاس، حيث يقود هذا الاستثمار الآن نموا تزداد الحاجة إليه ويحمي الوظائف، كما أنه يساعد صربيا في تمويل الإصلاحات التي تحتاجها لتحقيق هدفها المتمثل في الانضمام إلى الاتحاد اﻷوروبي في عام 2025.
بالإضافة إلى ذلك، استطاعت بكين ملء فجوة أخرى في صربيا، بعد أن استحوذت على مصنع الصلب الوحيد في صربيا، زيليزارا سميديريفو، وبالتالي فإن الاتحاد الأوروبي يتخذ خطوة لتنظيم الاستثمار الصيني.
ومن جانبه، يحرص الاتحاد على الإشارة إلى أنه يستحوذ على أكثر من 70% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في صربيا، ولكن بغض النظر عن ذلك، تحتاج صربيا، كغيرها من دول منطقة البلقان الأخرى، إلى المزيد لتحقيق نمو مستدام.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تردد الاتحاد الأوروبي في ضم صربيا إليه، يجبرها في الواقع للاتجاه إلى أحضان الصين.