تدفقات الاستثمار الأجنبى للندن مرشحة للتراجع 10 ـ 26% خلال 15 عاماً
من المؤكد أن البريطانيين القلقين ليسوا وحدهم فى انتظار اتخاذ المملكة المتحدة قرار بشأن مغادرتها المحتملة للاتحاد الأوروبى، بل يبحث قادة الأعمال فى الشرق الأوسط أيضاً عن حلول حاسمة لهذا القلق.
وقال الرئيس التنفيذى لمجموعة موانئ دبى العالمية، سلطان أحمد بن سليم، والتى استحوذت فبراير الماضى على شركة “بي أند أو فيريز” للشحن البريطانية مقابل 322 مليون جنيه إسترليني: “مشكلتنا هى عدم استقرار الحكومة البريطانية، فنحن كرجال أعمال لا نهتم بخروج بريطانيا أو خروجها باتفاق، أو حتى خروجها باتفاق جيد أو سىء”.
وأضاف بن سليم، فى تصريحات أدلى بها في دبي الشهر الماضي، أن حالة عدم اليقين بشأن الصفقة التى ستعقدها البلاد مع الاتحاد الأوروبى، إن وجدت، يمكن أن تؤثر سلباً على الأسواق فى الوقت الراهن.
وأوضحت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الصادرة باللغة الإنجليزية، أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، لم تحصل بعد على تأييد البرلمان لاتفاق الخروج، كما أنها مهدت الطريق لاحتمال تأخير الخروج إلى ما بعد الموعد المقرر فى 29 مارس الحالى.
وفي الوقت نفسه، يلحق الجدل السياسى المطول، الضرر بالشركات البريطانية، التي أفادت الأسبوع الماضي بمعاناتها من أضعف نمو لها منذ نحو 6 أعوام.
وفي عام 2016، قدرت وزارة الخزانة البريطانية، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي ستكون أقل بنسبة تتراوح بين 10% و26% بعد 15 عاماً إذا غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبى.
وقال كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولي، غاربس إيراديان، إن الخروج سيكون تأثيره سلبياً على الاقتصاد البريطاني بشكل عام، خصوصا على المدى القصير، فعندما يرتفع التضخم ستنخفض الأسهم البريطانية المقومة بالدولار الأمريكي بحدة، وسيتباطأ النمو الاقتصادى.
ومع ذلك، قال المحللون إن التأثير الاقتصادي على دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيكون أقل حدة، فبالنسبة لبعض الصناعات، ومنها العقارات، يعتبر انخفاض قيمة العملة البريطانية بمثابة “نعمة” لأن ذلك يعني أن المستثمرين الذين يشترون بالعملات المرتبطة بالدولار، كالدرهم، يمكنهم الحصول على صفقات مخفضة القيمة.
وفي الوقت نفسه، قالت الشركات فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنه من السابق لأوانه التنبؤ بتأثير الخروج على عملياتها أو أنه لن يكون هناك أى تأثير يذكر، لأن تجارتها مع المملكة المتحدة تتم من خلال علاقات مباشرة ليس للاتحاد الأوروبى صلة بها.
وقال الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر “سبينيس” فى الإمارات ولبنان، مايكل رايت، إن السلبيات المنتشرة حول التأثير الذى يمكن أن يحدثه الخروج على سلاسل التوريد مبالغ فيه تماما من قبل وسائل الإعلام وهيئات المصالح الخاصة، ولكن لن يكون هناك أي تأثير على التجارة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وأضاف أن لبنان والإمارات ليستا جزءاً من الاتحاد الأوروبى، ولا يوجد لدى أي من البلدين مشكلة في التبادل التجاري مع العالم والاتحاد الأوروبي، لذا سيكون الأمر نفسه بالنسبة للمملكة المتحدة، التي تتجه منتجاتها مباشرة للمنطقة.
أما كبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولي، غاربس إيراديان، فعاد ليقول إن التأثير على اقتصادات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيكون سلبياً بصورة طفيفة بشكل عام، مضيفاً أن بريطانيا تعد شريكا تجاريا مهم للإمارات، حيث تتركز شراكتهما التجارية في مجالي العقارات والسياحة.
وفي العام الماضي، احتلت المملكة المتحدة المركز الثالث فيما يخص أعداد السائحين الزائرين لدبي، في حين أن المستثمرين البريطانيين عادة ما يأتون ضمن أكبر 3 جنسيات أجنبية تشتري عقارات دبي.
وتوقعت وكالة “موديز” للتصنيفات الائتمانية، في تقرير أصدرته عام 2016، احتمالية تأثر قيمة استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في المملكة المتحدة بأسعار الأصول وتحركات أسعار الصرف نتيجة الخروج، ومع ذلك سيكون التأثير ضئيلاً على الدول السيادية بمجلس التعاون الخليجى، بالنظر إلى هوامش أمانها الاستثمارية الضخمة وحجم تجارتها المحدود.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة 2.7% من حجم التجارة في المنطقة عام 2015، وارتفع حجم التجارة إلى 40.1 مليار جنيه إسترلينى فى 2017، بزيادة سنوية تبلغ نسبتها 14.8%.
وتعد دول مجلس التعاون الخليجي الآن رابع أكبر سوق تصديرية لبضائع المملكة المتحدة، بعد الولايات المتحدة والصين وهونج كونج. وارتفعت واردات المملكة المتحدة من دول مجلس التعاون الخليجى بنسبة 21.5% منذ عام 2016، بقيادة قطاعى المعادن والهيدروكربونات.
وقال المفوض التجارى البريطاني لمنطقة الشرق الأوسط، سايمون بينى: “رغم أن تقلبات أسعار صرف العملات قد تؤثر على بعض الواردات، إلا أن تقلبات الجنيه الإسترليني عززت القدرة التنافسية للعديد من الصادرات البريطانية.كما أن التدفقات التجارية بين بريطانيا والشرق الأوسط لاتزال جيدة للغاية”، وأوضح أن انخفاض قيمة الجنيه الإسترلينى ستشجع مزيداً من الشركات على التصدير إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعتزم الحكومة البريطانية زيادة الصادرات على المستوى العالمي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من نسبتها الحالية البالغة 30% إلى 35%، كما أنها مستعدة لاستخدام مواردها من أجل توفير أقصى عدد من الفرص ودعم أى تحولات في النشاط التجارى، وفقاً لما قاله المفوض التجارى البريطانى.
وفي إطار ذلك، تعمل المملكة المتحدة مع سلطات دول الخليج لمعالجة القضايا المتعلقة بالوصول إلى الأسواق، فعلى سبيل المثال تعد الإمارات من بين أفضل 20 سوقا للطعام والشراب للمملكة المتحدة على مستوى العالم، وتعمل الدولتان لضمان حصول الشركات البريطانية على فكرة واضحة عن المعايير واللوائح الغذائية فى الإمارات للتشجيع على دخول مزيد من المنتجات للسوق.