تستعد إيطاليا التى تعد بوابة الصين إلى أوروبا فى الوقت الحالى، لفتح موانئها أمام الصين كنقطة دخول أوروبية لمبادرة “الحزام والطريق” التى تعد مصممة لتعزيز مبيعات السلع والخدمات صينية الصنع فى جميع أنحاء العالم.
قالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن إيطاليا ستكون الدولة الأولى فى مجموعة الدول الصناعية السبع، التى ستتعاون مع الصين بشأن هذه المبادرة، الأمر الذى يعد تحدياً واضحاً لتحذيرات الولايات المتحدة التى أعربت عن قلقها بشأن “الحزام والطريق”، إذ أفادت بأنها وسيلة لبكين لتوسيع نطاق نفوذها العالمى.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، أن إيطاليا تحتل مكان الصدارة لكونها أول اقتصاد كبير مستعد للتوقيع على صفقات مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
وفى الحقيقة تعد روما ثالث أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو شريكاً صينياً تجارياً واستثمارياً أصغر من نظرائه في الاتحاد الأوروبى، لكن الرغبة فى اللحاق بالركب والوضع السياسى فى إيطاليا يهيئ الظروف للبلد لكسر مقاومة بلدان مجموعة السبع الأخرى لدعم المشروع الصينى.
وكشفت بيانات شركة “إف دى آى ماركتس”، أن إيطاليا تحتل المرتبة 76 عالمياً لرأس المال الصينى المستثمر فى المشاريع الجديدة فى السنوات العشر الماضية، وبلغت استثمارات الصين في ألمانيا ما يقرب من 8 أضعاف ما استثمرته بكين فى إيطاليا.
وحتى عندما يتم احتساب عمليات الدمج والاستحواذ وأشكال الاستثمار الأخرى، فإن إيطاليا – التى تضم أكبر عدد من السكان الصينيين فى أوروبا – تتخلف عن نظيراتها فيما يتعلق بالاستثمار الصينى.
وبلغ الاستثمار الأجنبى المباشر فى إيطاليا 18.2 مليار يورو العام الماضى، أى أقل من نصف 48.1 مليار يورو التى سجلتها البلاد فى 2007 وهو العام الذى سبق الأزمة المالية العالمية.
ورغم أن البلدين ليسا شريكين تجاريين مقربين، فقد بلغت صادرات البضائع الإيطالية إلى الصين العام الماضى 13 مليار يورو، وهو مبلغ صغير مقارنة بـ 94 مليار يورو لألمانيا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى توجه فيه إيطاليا نسبة 6.5% من إجمالى صادراتها إلى الصين، مقارنة بنسبة تبلغ 17% لألمانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيطاليا لا ترتبط جيدًا بالصين عبر طرق الشحن، إذ أظهر مؤشر الربط الثنائى للشحن البحرى الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” الذى يحتوى على تدابير تتبع مثل عدد الشحنات المطلوبة بين البلدان أو حجم السفن على الطرق، أن بلجيكا وإسبانيا ترتبطان بشكل أفضل بالصين.
وأكدّ الرئيس الصينى، شي جين بينج، أن تحسين الاتصال بين إيطاليا والصين سيتم بشكل خاص من خلال “بناء الموانئ” من أجل خلق حقبة جديدة لمبادرة “الحزام والطريق” في قطاعات مثل النقل البحرى، والتى ستشمل الموانئ الشمالية لإيطاليا مثل تريست، وجنوة.
ويبدو أن الإيطاليين يتفقون على أن اهتمام الصين سيساعد في تطوير التجارة والاستثمار، حيث أفاد معظمهم بإن صفقات “الحزام والطريق” الجديدة ستكون فرصة اقتصادية عظيمة، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة “إى إم جى أكوا” مؤخراً
وذكرت الصحيفة، أن محاولات إيطاليا للتواصل مع شى، الذى كشف النقاب عن مبادرة “الحزام والطريق” فى عام 2013، مازالت تثير الانتقادات داخل البلاد وخارجها.
وحذرت الولايات المتحدة، إيطاليا من الوقوف إلى جانب منافستها التجارية، وقال مجلس الأمن القومى، بالبيت الأبيض، يوم 9 مارس الحالى، إن إقرار الاستثمار لن يجلب أى فوائد للشعب الإيطالى.
ولكن يخلق الوضع السياسى والاقتصادى لإيطاليا المكانة المناسبة لمخالفة دول مجموعة السبع الأخرى والاتحاد الأوروبى، التى تشكك فى مبادرة “الحزام والطريق” وسط مخاوف بشأن الشفافية والسيطرة الصينية على البنية التحتية الرئيسية.
وقال أندريا كولى، أستاذ الاقتصاد بجامعة “بوكونى”، إن التوقيت السياسى لمشاركة إيطاليا “مناسب تماماً” بسبب موقف الحكومة الغامض والمتناقض تجاه الاتحاد الأوروبى.
وقد تكون مصادر التمويل الجديدة جذابة للاقتصاد الإيطالى الذي لم ينتعش بعد إلى مستويات ما قبل الأزمة منذ أكثر من عقد من الزمان والذى توقف تعافيه الاقتصادى.
ولايزال الاستثمار في البنية التحتية في إيطاليا أقل بنسبة 40% من الذروة التى سبقت الأزمة، إذ أبلغت الحكومة نصف البلديات عن وجود فجوة فى الاستثمار فى السنوات الخمس الماضية.
وقال أندرو كينى، زميل مشارك في شركة “تشاتام هاوس”، إن تحرك إيطاليا نحو الصين يمكن أن يمثل إما بداية أكثر انفتاحًا بشأن المعايير الدولية أو انتشار أوسع للممارسات الصينية الحالية.