بقلم: كريستوفر بالدينج
أستاذ الاقتصاد فى كلية «إتش. أس. بى. سى» للأعمال فى جامعة شينزهين
ربما تمتلك البنوك الصينية مجموعة كبيرة من الديون المعدومة التى تلوح فى اﻷفق، والتى لا يمكن إدراكها من مجرد النظر إلى البيانات الرسمية لعام 2018، التى تشير إلى أن المشكلة قد تم احتواؤها بشكل عام، ولكن الحقيقة هى أن مشكلة التعثر فى سداد الديون كانت تأتى بشكل أسرع مما يمكن للبنوك التخلص منه.
وعملت السلطات الصينية جاهدة لتقييد الاستدانة المالية فى عام 2018، إذ ارتفعت قيمة القروض المستحقة بنسبة متواضعة نسبياً تبلغ 10%، مع تراجع نمو الديون الجديدة بنسبة 14%.
واستطاعت الحكومة إنجاز هذه المهمة من خلال تشديد القيود المفروضة على خدمات نظام الظل المصرفى، ونقل الإقراض إلى النظام المصرفى الرسمى، الذى سجل ارتفاعاً تبلغ نسبته 13% فى القروض الجديدة العام الماضى، ولكن لإفساح المجال أمام هذه الزيادة، وفى ظل انخفاض الودائع الجديدة بنسبة 1% العام الماضى، فقد قامت البنوك ببيع الكثير من الديون المتعثر سدادها لشركات إدارة الأصول.
ووفقاً لتقرير أعده جيسون بيدفورد، المدير التنفيذى لأبحاث المؤسسات المالية الآسيوية فى مجموعة «يو.بى. إس» فى هونج كونج، وصل حجم مبيعات الديون إلى شركات إدارة اﻷصول وغيرها إلى نحو 1.8 تريليون يوان صينى «أى 268 مليار دولار».
ولوضع اﻷمور فى نصابها الصحيح، بدأت الصين العام الماضى بقروض متعثرة تصل قيمتها إلى 1.7 تريليون يوان، وانتهى اﻷمر بوصولها إلى 2 تريليون يوان.
وبعبارة أخرى يمكن القول إنه بعد بيع مخزونات الديون المتعثرة المعلن عنها، أنهت البنوك المقرضة العام بقروض متعثرة تزداد قيمتها على تلك التى بدأت بها العام، ما أحدث ثلاثة تأثيرات على البنوك.
أولا: أصبح يتعين على البنوك توجيه مزيد من اﻷرباح إلى مخصصات خسائر القروض. فعلى سبيل المثال خصص «البنك الصناعى والتجارى الصينى»، 43% من أرباح ما قبل المخصصات لتعزيز احتياطيات رأس المال فى النصف الأول من عام 2018.
ثانياً: تشير الأرقام إلى أن الصين بدأت بالكاد فى اكتشاف أمر الصعوبات الخاصة بالقروض المعدومة لديها، فنسبة الديون المتعثرة التى تم الإبلاغ عنها منخفضة، إذ وصلت لدى «البنك الصناعى والتجارى الصينى»، إلى 1.53% فى نهاية سبتمبر الماضى منخفضة من 1.56% قبل عام، ولكن كان هناك اختلاف منذ فترة طويلة حول مدى دقة هذه الأرقام.
ثالثاً: أصبح القطاع المالى مقيداً برأس المال على نحو متزايد، وستجد البنوك صعوبة أكبر فى جمع الأموال دون التدخلات الحكومية، وسوف تحتاج شركات إدارة اﻷصول، المعروفة أيضاً باسم بنوك اﻷصول السيئة، إلى مزيد من رأس المال، فضلاً عن أنه ليست هناك خطة للتعامل مع الجهات المقرضة صغيرة ومتوسطة الحجم ممن تشتد حاجتها إلى رأسمال إضافى.
وشرعت الجهات المقرضة الرئيسية المملوكة للدولة بالفعل فى تنفيذ طروحات إعادة الرسملة، ففى يناير الماضى أصبح بنك الصين أول بنك يبيع السندات الدائمة- وهى سندات تخلو من وجود موعد استحقاق- ليجمع ما تصل قيمته إلى 40 مليار يوان صينى إثر بيع تلك السندات، كما يخطط «تشاينا سيتيك بنك» لبيع الديون لوضع حصيلتها ضمن الشريحة اﻷولى لرأسمال.
وربما تتطلب هذه القضايا تقديم بنك الشعب الصينى، الدعم اللازم لتحقيق النجاح، إذ قام البنك المركزى فى فبراير الماضى بتبديل ما تصل قيمته إلى 1.5 مليار يوان من السندات ذات فترة الاستحقاق لمدة عام إلى سندات دائمة، وهو أول استخدام لأداة جديدة تهدف إلى زيادة قبول السوق للأوراق المالية وتشجيع المقرضين التجاريين على بيع المزيد، ومن المتوقع الإعلان عن المزيد من هذه المبادلات فى الفترة القادمة.
وينبغى التأكيد على حاجة الصين الماسة إلى كشف كامل وشفاف عن حجم مشكلة الديون المعدومة لديها ووضع خطة واضحة لمعالجتها، فكلما طال التأخير فى حل المشكلة كان الإصلاح أكثر تكلفة وإيلاماً.
إعداد : منى عوض
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج