ارتفاع الطلب العالمى على الطاقة بأسرع وتيرة له فى 10 أعوام
ارتفعت انبعاثات ثانى أكسيد الكربون على مستوى العالم إلى أعلى مستوياتها العام الماضى بعد زيادة الطلب على الطاقة التى أشعلها الاقتصاد القوى ومستوى الطقس القاسى.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن الطلب على الطاقة ارتفع بنسبة 2.3% العام الماضى وهو أسرع معدل له منذ عام 2010 الأمر الذى دفع الانبعاثات العالمية من ثانى أكسيد الكربون إلى مستوى قياسى بلغ 33 مليار طن فى العام الماضى بزيادة 1.7% على 2017.
وقال فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية، إن ارتفاع الطلب على الطاقة كان «استثنائياً» و«مفاجئاً» بالنسبة للكثيرين الأمر الذى أبعد العالم عن أهدافه المناخية.
وأضاف، «لقد شهدنا زيادة غير عادية فى الطلب العالمى على الطاقة فى عام 2018؛ حيث نما بأسرع وتيرة له خلال العقد الحالى بالنظر إلى الاقتصاد العالمى فى عام 2019 سيكون من المفاجئ أن نرى نفس مستوى النمو لعام 2018».
وأوضح «بيرول»، أنه على الرغم من نمو مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير، فإن الانبعاثات الكربونية العالمية لا تزال آخذة فى الارتفاع، ما يدل مرة أخرى على الحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات العاجلة لتطوير جميع حلول الطاقة النظيفة والحد من الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وتحفيز الاستثمارات والابتكار.
وأوضحت الوكالة التى تتخذ من باريس مقراً لها أنه على الرغم من الجهود العالمية المبذولة لخفض انبعاثات ثانى أكسيد الكربون فقد ارتفع استخدام الوقود الأحفورى فى العام الماضى مع زيادة الطلب على الفحم والبترول والغاز الطبيعى.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن هذ هو العام الثانى على التوالى من ارتفاع الانبعاثات بعد فترة كانت فيها انبعاثات ثانى أكسيد الكربون ثابتة فى معظمها بين عامى 2014 و2016.
وحققت الصين والولايات المتحدة والهند أكبر زيادة فى الانبعاثات فى حين شهدت مناطق مثل الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة انخفاضًا فى الانبعاثات العام الماضي.
وأدت أنماط الطقس غير المعتادة فى العام الماضى إلى زيادة الطلب على الطاقة الأمر الذى ساهم فى زيادة الانبعاثات حيث تستخدم البلدان التى لديها درجات حرارة عالية خاصة فى فصل الصيف مزيداً من أجهزة التكييف بينما تسببت برودة الشتاء القاسية فى زيادة الحاجة إلى التدفئة.
وأوضحت الوكالة، فى تقرير صادر عنها لتقييم الاستهلاك العالمى للطاقة والانبعاثات الكربونية المرتبطة بالطاقة لعام 2018، أن هذا الأداء الاستثنائى كان مدفوعاً بقوة الاقتصاد العالمى وقوة الطلب على التدفئة والتبريد فى بعض المناطق.
وأوضح التقرير أن الصين والولايات المتحدة والهند ساهمت جميعها بما يقرب من 70% من الزيادة فى الطلب على الطاقة فى جميع أنحاء العالم.
وشهدت الولايات المتحدة أكبر زيادة فى الطلب على البترول والغاز فى العالم، حيث قفز استهلاكها من الغاز بنسبة 10% مقارنة بالعام السابق، وهى أسرع زيادة منذ بداية سجلات الوكالة الدولية للطاقة فى عام 1971، كما أن الزيادة السنوية فى الطلب الأمريكى فى العام الماضى كانت تعادل استهلاك المملكة المتحدة الحالى من الغاز.
وأوضح التقرير أن الغاز الطبيعى برز كوقود مفضل بالنسبة للمستهلكين، حيث سجل أكبر المكاسب كما أنه يمثل 45% من الزيادة فى استهلاك الطاقة. وكان نمو الطلب على الغاز الطبيعى قوياً بشكل خاص فى الولايات المتحدة والصين. بالإضافة إلى ذلك، ارتفع الطلب على جميع أنواع الوقود، حيث حقق الوقود الأحفورى حوالى 70% من النمو للعام الثانى على التوالي.
وارتفع الطلب على البترول بنسبة 1.3% فى جميع أنحاء العالم، حيث قادت الولايات المتحدة مرة أخرى الزيادة العالمية للمرة اﻷولى منذ نحو 20 عاما، بفضل التوسع القوى فى البتروكيماويات وزيادة الإنتاج الصناعى وخدمات النقل بالشاحنات.
وعلى الرغم من نمو توليد الطاقة المتجددة فى العام الماضى بنحو 7%، فإنَّ هذا المعدل لم يكن كافياً لمواكبة الزيادة فى الطلب.
وشكلت مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية والطاقة الحيوية 26% من توليد الكهرباء فى العالم العام الماضى بينما شكل الفحم حوالى 38%.
وأوضحت وكالة الطاقة الدولية، أن الفحم هو أكبر مصدر لزيادة درجة الحرارة العالمية ومثل ثلث الزيادة فى الانبعاثات فى العام الماضى ويرجع ذلك أساسا إلى المحطات الجديدة لتوليد الطاقة فى آسيا.
وفى الوقت نفسه، ارتفع الطلب العالمى على الكهرباء بنسبة 4% العام الماضي، ليصل إلى أكثر من 23 ألف تيرا واط فى الساعة، مما يدفعها إلى استحواذ نحو 20% من إجمالى الاستهلاك النهائى للطاقة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى نمت فيه الطاقة النووية أيضا العام الماضى وبحلول نهاية عام 2018 كان توليد الطاقة النووية العالمى قد وصل إلى نفس المستوى فى عام 2010 قبل أن يؤدى حادث كارثى فى مفاعل «فوكوشيما» فى اليابان إلى حدوث تباطؤ عالمى فى الطاقة النووية.