
العمل المؤسسى يتضمن آليات مراجعة ومراقبة للمسئولين التنفيذيين
ومبادرات مراكز الإبتكارية يمكنها تحسين الأوضاع
يؤكد الشباب أنفسهم فى استقصاء عالمى عام 2015 بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (من سن 16 إلى 30)، أن التعليم الجيد وفرص العمل الأفضل والحكومة الصادقة والمتفاعلة معهم تمثل ثلاثاً من أولويات التنمية الستة عشر التى ستصنع الفارق فى حياتهم.
وتعكس الأولويات الثلاث الحواجز التى يواجهها الشباب كجزء من الانتقال من المدرسة إلى العمل، والتى نوقشت فى قاعات بحثية. ولمواجهة هذه التحديات يجب على المجتمع تعبئة جيل جديد من الباحثين وواضعى السياسات والممارسين، ولتحقيق النجاح يجب معالجة العوامل المساهمة فى ضعف نتائج تشغيل الشباب ثم التغلب على إخفاقات التنفيذ فى الماضى.
ومما لا شك فيه أن التجارب الواقعية أكدت أن صانعى السياسات والمنظمات التى تخدم الشباب بحاجة إلى تحسين هياكل وعمليات التقدير لديهم ومن أجل القيام بذلك ينبغى عليهم التركيز على عدة حقائق.فى البداية يجب التركيز على الوصول إلى الأساسيات الصحيحة؛ حيث تهدف العديد من سياسات وبرامج توظيف الشباب بشكل أساسى إلى التعويض عن الإخفاقات الهيكلية فى المؤسسات التى تدعم الانتقال من المدرسة إلى العمل.
وتعوض البرامج التدريبية الثغرات فى النظم التعليمية التى لا توفر للطلاب المعرفة والمهارات والخبرات التى يحتاجون إليها للنجاح فى سوق العمل، كما تعوض برامج دعم ريادة الأعمال عن وجود نظام بيئى تجارى غير داعم وغير صحى.
وقبل البدء بسياسة أو برنامج جديد لتوظيف الشباب يجب على صانعى السياسة النظر فى التغييرات التى يمكن إدخالها على البرامج والسياسات والنظم العامة الحالية لتحقيق النتائج المرجوة.ويتطلب إضفاء الطابع المؤسسى على هذه العملية تمكين وحدات دعم القرار الحكومية الموجودة فى معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من دراسة البدائل.
ويؤكد الباحثون، أهمية إضفاء الطابع المؤسسى على الابتكار فى السياسات؛ حيث يجب على حكومات المنطقة إدخال الابتكار الحقيقى فى عملية صنع السياسات.
وتتمثل إحدى طرق معالجة مشكلات السياسة العسيرة فى تمكين مجموعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين من معالجتها باستخدام أساليب مبتكرة، وبشكل أساسى ستقود مثل هذه المجموعة عملية تغيير غالباً بدعم من صانع السياسة الرئيسى لضمان المشاركة وتحسين المتابعة.
وتقوم مراكز البحوث للسياسات بجمع البيانات ومتابعة التغييرات المستندة إلى الحقائق والتقييم المستمر وغالباً بمعدلات صغيرة يمكن التحكم فيها لكن يمكن أن يكون لها تأثير تراكمى كبير مع مرور الوقت.ومن الأمثلة الرائدة فى المنطقة، مختبر التسريع «فرصتى» فى وزارة التوظيف والتدريب المهنى التونسية ومركز السياسات فى الهيئة العامة لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة بسلطنة عمان، ومختبر الابتكار الحكومى فى مركز محمد بن راشد للابتكار الحكومى فى دبى.
وينصح الخبراء فى هذا المجال بالإشراف على المشرفين؛ حيث يجب على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إزالة العوائق أمام نمو الأعمال التجارية من أجل إطلاق العنان لفرص العمل فى القطاع الخاص.
وقد ثبت أن هذا أمر صعب فى منطقة تصر فيها الحكومات على إدارة مشاريعها الخاصة التى تتنافس مع القطاع الخاص؛ حيث تلعب المحسوبية دورها ولا تطبق القواعد على قدم المساواة.
والمطلوب هو وكالة عامة على أعلى مستوى حكومى تقوم بمراجعة القواعد وتبسيطها، وتضمن تطبيقها بشفافية ونزاهة، ومن المهم بشكل خاص الحد من كمية المعلومات الزائفة المطلوبة من الشركات، والتى تعيق النشاط التجارى.
ويمكن ضرب مثل بالولايات المتحدة؛ حيث لديها مكتب الإدارة والميزانية وهو أكبر مكتب داخل المكتب التنفيذى للرئيس، فبالإضافة إلى إنتاج ميزانية الرئيس، فإنه يراقب جودة البرامج والسياسات والإجراءات الفيدرالية، بالإضافة إلى مطالبة الوكالات الفيدرالية بالحصول على موافقة قبل طلب أى معلومات من الشركات والجمهور بشكل عام.
ويعزز تقييم الأثر ببيانات موثقة نجاح تصميم حلول البرامج والسياسات، فيتعين على واضعى السياسات والمنظمات التى تخدم الشباب الاستفادة بشكل أفضل من البيانات، ويجب عليهم أيضاً دمج أدوات أكثر فعالية للرصد والتقييم بما فى ذلك حلقات التغذية العكسية، لضمان دمج الدروس المستفادة فى تصميم البرامج والسياسات.
وأخيراً، يتعين على صانعى السياسات والمنظمات التى تخدم الشباب ضمان أن تستهدف برامجهم وسياساتهم الفئات المحرومة والمهمشة، بما فى ذلك الشابات والشباب الذين يعيشون فى المناطق الريفية وبصورة كافية وفعالة.