استخدام المقايضات لتعزيز النقد الأجنبى يزيد مخاوف القدرة على الدفاع عن الليرة
عزز البنك المركزى التركى احتياطياته من العملات الأجنبية بمليارات الدولارات من الأموال المقترضة قصيرة الأجل، ما أثار مخاوف بين المحللين والمستثمرين من أن البلاد تبالغ فى تقدير قدرتها على الدفاع عن نفسها فى أزمة الليرة الجديدة.
وبلغ صافى الاحتياطيات الأجنبية التى أبلغ عنها البنك المركزى 28.1 مليار دولار أوائل الشهر الجارى، وهو مبلغ اعتقد المستثمرون بالفعل أنه غير كافٍ؛ بسبب حاجة تركيا الشديدة للعملة الأجنبية لتغطية الديون والتجارة الخارجية.
لكن الحسابات التى أجرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز» تشير إلى أن هذا الإجمالى قد تعزز من خلال الارتفاع غير المعتاد فى استخدام الاقتراض قصير الأجل أو «المقايضات» منذ 25 مارس الماضى.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يشعر فيه المحللون والمستثمرون الذين يشككون بالفعل فى ضخ النقدية لأجل العمل بتركيا فى ضوء اتجاه السياسة الاقتصادية خلال عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، وسط القلق من أن حالة الدفاعات المالية تجعل البلاد غير مجهزة للتعامل مع أى أزمة محتملة فى السوق.
وأقر البنك المركزى، علناً لأول مرة، أن استخدامه مقايضات العملة «قد يؤثر على أرقام الاحتياطيات» لكنه أكدّ أن طريقة حسابها كانت متوافقة تماماً مع المعايير الدولية.
ومع ذلك، أعرب بعض مراقبى السوق عن عدم الارتياح؛ حيث قال جوليان ريمر، وهو تاجر أسهم بالأسواق الناشئة فى بنك «انفستك»: «لا أعتقد أن هذه عمليات تقليدية»، مصيفاً أنها أقل شفافية إلى حد ما، ولا يمكن للبنك المركزى أن يخاطر بأن ينظر إليها على أنها خطوة اقتصادية.
وقال مسئول كبير سابق فى البنك المركزى التركى، لم يرغب فى ذكر اسمه، إنَّ الدولارات الإضافية قد تم اقتراضها ولكن هذه ليست طريقة تقليدية لتراكم الاحتياطيات لدى البنك المركزى.
وتراجعت العملة لفترة وجيزة، أواخر الشهر الماضى، وسط مخاوف من انخفاض حاد فى الاحتياطيات الأجنبية بعد الأزمة التى اجتاحت الليرة الصيف الماضى، وأدت إلى حدوث تضخم وأول ركود منذ عقد من الزمان.
وفى نهاية المطاف بدأت أرقام احتياطى البنك المركزى، فى الارتفاع مرة أخرى لكن التحليل الذى أجرته «فاينانشيال تايمز» يثير أسئلة حول حقيقة هذا الانتعاش.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن تركيا أثارت المخاوف من خلال دعم احتياطيات العملات الأجنبية.
وكشفت البيانات، أن حجم الاقتراض قصير الأجل للبنك المركزى بلغ 13 مليار دولار بحلول 8 أبريل الجارى، وهى زيادة حادة منذ مطلع العام وحتى 25 مارس الماضى عندما لم يتجاوز الاقتراض 500 مليون دولار، وفقاً لأرقام البنك المركزى المتاحة من خلال خدمة بيانات «بلومبرج».
واقترضت الحكومة الأموال من البنوك التركية التى تغمرها الدولارات بعد أن تدفق الأفراد والشركات على العملة الصعبة كملاذ آمن.
وقال تيم آش، استراتيجى الأسواق الناشئة لدى «بلو باى» لإدارة الأصول: «هناك قلق عام بشأن ما يجرى وراء الكواليس»، وحذر من أن قلة الشفافية تقوض مصداقية البنك المركزى الهشة بالفعل.
وأعرب 5 مستثمرين ومحللين آخرين راقبوا عن كثب أنشطة البنك المركزى، فى الأسابيع الأخيرة عن مخاوفهم بشأن الاحتياطيات.
وكان العديد منهم يخشون التحدث علناً حول هذه القضية بعد أن أطلقت الجهات التنظيمية التركية تحقيقات فى تقرير نشره بنك «جى بى مورجان»، الشهر الماضى؛ بسبب نصائحه للعملاء ببيع الليرة.
ويشعر المستثمرون الدوليون بالقلق إزاء اتجاه السياسة الاقتصادية فى عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال المستثمرون إنهم قلقون بشأن ممارسة استخدام مقايضات العملة لمدة أسبوع واحد؛ حيث يتم تبادل الليرة مقابل الدولار الأمريكى مع البنوك المحلية باتفاق على عكس الصفقة فى وقت لاحق.
وأفاد بعض المستثمرين بأنه ينبغى تجريد الأموال المقترضة من صافى بيانات الاحتياطى الأجنبى، تاركين المبلغ المتبقى أقل بكثير من 20 مليار دولار.
وأكد البنك المركزى، أن الدولارات المقترضة فى الجزء الأول من هذه المعاملات تضاف إلى الميزانية العمومية.
وزاد استخدام المقايضات من المخاوف التى بدأت تتجمع الشهر الماضى من أن البنك المركزى، كان يدعم العملة الصعبة لإبقاء الليرة ثابتة فى الفترة التى سبقت الانتخابات المحلية التى جرت يوم 31 مارس الماضى.
وارتفع صافى الأصول الأجنبية المحسوبة بطرح المطلوبات الأجنبية للبنك من أصوله وتحويلها إلى دولارات وتراجع بالتوازى مع المبلغ المقترض من خلال المقايضات.
وانخفض صافى الأصول الأجنبية بمقدار 9.4 مليار دولار بين 6 مارس و22 مارس الماضى إلى 19.5 مليار دولار وهو أدنى مستوى على أساس الدولار الأمريكى منذ عام 2007.
وبحلول 5 أبريل انتعش الرقم إلى 23.6 مليار دولار مدعوماً بزيادة فى المقايضات.
وكشفت البيانات أنه باستثناء المقايضات بلغ صافى الأصول الأجنبية أقل من 11.5 مليار دولار خلال شهر أبريل بأكمله منخفضاً من 28.7 مليار دولار فى بداية مارس الماضى.
وفى الوقت الذى أعلن فيه البنك المركزى أن خطواته تتفق مع المعايير الدولية، قال بعض المحللين والمستثمرين، إن هذه التكتيكات تهدد بتقويض مصداقيته.
وقال بويتر ماتياس، استراتيجى العملات بالأسواق الناشئة فى «رابوبنك»، إن استخدام المقايضات يبدو نوعاً من الخداع لخلق انطباع بوجود احتياطيات كبيرة.
وأشار «تيم آش»، استراتيجى الأسواق الناشئة لدى «بلو باى» إلى أن الجميع فى السوق يعلم أن تركيا ليس لديها احتياطيات كافية من العملات الأجنبية لتكوين دفاع مستدام وموثوق به عن الليرة.