غالباً ما يصف المستثمرون عالم الأعمال بمصطلحات لها علاقة بالحيوانات، مثل الدببة والثيران والصقور والحمائم والكلاب، ولكن فى الوقت الراهن يتم تقديم المهور الصغيرة على أنها أحادى القرن، أو ما يعرف أيضاً باسم “اليونيكورن”.
وفى عالم الأعمال، تُعرف “اليونيكورن” بأنها الشركات التكنولوجية الناشئة التى تزيد قيمتها على مليار دولار، والتى يُفترض كونها شركات قوية والأفضل فى العالم تقريباً.
وسلطت مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية الضوء على شركات “اليونيكورن” التى تعزم طرح أسهمها فى البورصة، فعلى سبيل المثال هناك “أوبر” التى تخطط لجمع نحو 10 مليارات دولار فى مايو المقبل فى خطوة ربما تعد أكبر طرح عام أولى لهذا العام، وثالث أكبر اكتتاب فى مجال التكنولوجيا بالولايات المتحدة بعد “على بابا” و”فيس بوك”.
بالإضافة إلى ذلك، ربما تتبع شركتا “إير بى إن بى” و”وى ورك” خطى شركتى “ليفت” و”بينترست”، اللتين طرحتا أسهمهما للاكتتاب العام بالفعل فى أبريل.
أما فى الصين، فلا تزال موجة الاكتتاب العام التى بدأت العام الماضى مستمرة حتى الآن؛ حيث يسارع كل من الشركات الناشئة الصينية وممولى رأس المال المخاطر لبيع الأسهم بأسعار مرتفعة لصناديق الاستثمار المشتركة وأنظمة المعاشات التقاعدية الخاصة بالأفراد العاديين.
ومع ذلك، لا تزال نماذج الأعمال هى المشكلة الأساسية التى تواجه شركات “اليونيكورن”.
وذكرت المجلة البريطانية، أن العشرات من شركات “اليونيكورن”، التى أدرجت بالفعل أو متوقع إدراجها فى البورصة، سجلت خسائر مجمعة تصل قيمتها إلى 14 مليار دولار خلال العام الماضى، فى حين تبلغ خسائرها المتراكمة 47 مليار دولار.
وغالباً ما تكون الخدمات التى تقدمها تلك الشركات، بدءاً من خدمات الركوب وحتى تأجير المكاتب، مقومة بأسعار منخفضة للغاية من أجل تعزيز نمو الإيرادات، ويمكن تبرير ذلك بمذهب “وادى السيليكون” المتعلق بـ”الحرب الخاطفة”، التى تسمح للشركات بغزو الأسواق التى عادة ما تظفر بكل شىء، وبالتالى النمو بمعدلات أسرع بكثير من الشركات المنافسة.
ومع ذلك، تفتقر بعض شركات “اليونيكورن” إلى اقتصادات الحجم، وفى الوقت نفسه سوف يتسبب تشديد الرقابة فى تقييد حرية تلك الشركات فى التحرك بشكل سريع وتخطى الأمور.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج رواد الأعمال العاملون فى مجال التكنولوجيا ومؤيدوهم إلى إعادة التفكير فيما أصبح نهجاً غير مستدام لبناء الشركات وتسويق الأفكار.
ولم تكن فكرة إنشاء شركات “اليونيكورن” ممكنة قبل 25 عاماً، ففى عام 1994 لم يتدفق سوى 6 مليارات دولار على صناديق رأس المال المغامر، ما أدى إلى تقديم شيكات تقل قيمتها عن 10 ملايين دولار.
وقبل أن تنظم شركة “أمازون” طرحها العام الأولى فى 1997، جمعت 10 ملايين دولار فقط، ولكن تغيرت 3 أشياء فقط منذ ذلك الحين، فقد أصبح النمو السريع أسهل بفضل الحوسبة السحابية والهواتف الذكية ووسائل الإعلام الاجتماعية، التى سمحت للشركات الناشئة بالانتشار سريعاً فى جميع أنحاء العالم، كما سمحت أسعار الفائدة المنخفضة للمستثمرين بمطاردة العوائد.
وأثبتت نخبة صغيرة من الشركات الخارقة، بما فى ذلك “جوجل” و”فيس بوك” و”على بابا” و”تينسنت”، أن الأسواق الضخمة والأرباح المرتفعة والاحتكارات الطبيعية، بجانب الأصول المادية المحدودة والتنظيم الخفيف، كانت سراً للثروات للهائلة، وأصبحت التكنولوجيا تطبق هذه الوصفة السحرية بشكل مفاجئ على أكبر عدد ممكن من الصناعات، مستخدمة فى ذلك أكواماً من المال لتسريع العملية.
وتعد شركات “اليونيكورن” أكثر موضوعية من الشركات التى تواجدت فى فقاعة تكنولوجا المعلومات، التى امتدت بين عامى 1995 و2000، مثل شركة “بتس دوت كوم”، التى أعلنت إفلاسها بعد 10 أشهر من الطرح العام الأولى.
وأوضحت “ذا إيكونوميست”، أن شركات “اليونيكورن”، مثل “جوجل” و”على بابا”، عادة ما يكون لديها قواعد مستخدمين كبيرة، كما أن وثائق الاكتتاب العام الأولى الخاصة بها تشير إلى أن مبيعاتها تنمو سريعاً.
ومع ذلك لا تزال فكرة أسواق “اليونيكورن” متنازعاً عليها، خاصة أن هوامشها لم تتحسن باستمرار رغم ارتفاع حجم المبيعات سريعاً، ويشعر المديرون بالفزع من خفض الإنفاق التسويقى؛ خوفاً من خسارة العملاء، كما أن هناك العديد من الشركات التى تسعى لتطوير منتجات إضافية فى محاولة لجنى مزيد من الأموال من مستخدميها.
ولا تزال هناك علامة استفهام كبيرة متواجدة دائماً على “اليونيكورن”، فإذا كانت قيمة “أوبر” الحقيقية تبلغ 100 مليار دولار، بعد استثمار 15 مليار دولار فقط أو ما يقرب من ذلك، فلماذا لا يواصل منافسوها تجربة حظهم فى هذا المجال؟
وأوضحت المجلة، أن القوى الخارجية ستجعل نهج “الحرب الخاطفة” أكثر صعوبة أيضاً، فالجيل السابق من الشركات لم يواجه العديد من التشريعات، فهى تمكنت من فرض صدارتها أولاً والتوسل للصفح عنها فى وقت لاحق.
وتوجد شركات اتبعت هذا النهج، فعلى سبيل المثال تجنبت شركة “إير بى إنى بى” فرض ضرائب على الفنادق، كما شقت “أوبر” طريقها من خلال اللوائح الخاصة بترخيص سيارات الأجرة، ولكن ردود الأفعال اليوم وصلت إلى ذروتها، خاصة أن النشرات الخاصة بالمستثمرين فى “اليونيكورن” تحتوى على صفحات توضح المخاطر القانونية والتنظيمية الخاصة بهم.
فى الواقع، تواجه معظم شركات “اليونيكورن” حرباً طويلة من الإنهاك، ولكن يمكن فى النهاية شراء الشركات المتعثرة، وبالتالى سينشأ خطر آخر فى هذه الحالة فمعظم “اليونيكورن” تحد من حقوق تصويت المستثمرين، باستثناء “أوبر”، كما أن الكثير منهم يمتلك تكتيكات دفاعية تستخدم لمنع أو تثبيط محاولات الاستحواذ العدائى، ما يصعب عمليات الاستحواذ، ويقيد قدرة المستثمرين على التدخل إذا لم تجد الشركات فى نهاية المطاف وسيلة لتحقيق أرباح كافية لتبرير تقييمات اكتتاباتهم.
وأثارت “ذا إيكونوميست” تساؤلاً حول “وادى السيليكون” والمراكز التكنولوجية فى الصين، التى أوجدت فيها فكرة “اليونيكورن”، فهناك مليارات الدولارات تتدفق على صناديق رأس المال المغامر ومؤسسى شركات التكنولوجيا والموظفين، وبالتالى كيف ستتم إعادة تدوير رأس المال فى شركات التكنولوجيا الجديدة، خاصة أن فلسفة الحرب الخاطفة بلغت ذروتها.
وأوضحت المجلة، أن العالم سيحتاج أن يشهد تصميم نوع جديد وأكثر إقناعاً من الشركات الناشئة، بعد “اليونيكورن”.
