بقلم: فيرناندو جويجليانو، كاتب مقالات رأى بشأن الاقتصاد الأوروبى لدى بلومبرج، وعضو فى إدارة تحرير صحيفة «فاينانشال تايمز».
لم تتعاف منطقة اليورو، سوى مؤخراً من ركود اقتصادى مزدوج.. ولكن هناك تساؤلات بالفعل حول استعدادها لأزمة جديدة.
وتتجه جميع الأنظار، للبنك المركزى الأوروبى الذى يمثل خط الدفاع الأقوى ضد التباطؤ الاقتصادى.
وبينما يقلق المتشائمون من أن «المركزى الأوروبى» لا يمتلك أدوات كثيرة لإنعاش الاقتصاد – بالنظر إلى أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بالفعل – ولكن هذه المخاوف مبالغ فيها، وتتمثل الخطورة الأكبر فى استبدال رئيس المركزى الأوروبى، ماريو دراجى العام الحالى، وهل سيكون الرئيس الجديد راغباً فى استخدام الأدوات المتاحة لسحب الاتحاد النقدى من أى أزمة؟
أعتقد أن الأمر بعيد كل البعد عن اليقين. ولا يزال «المركزى الأوروبى» يتخلف إلى حد ما عن «الاحتياطى الفيدرالى» فيما يخص إعادة السياسة النقدية إلى وضعها الطبيعى.
ورفع «الفيدرالى»، الفائدة 9 مرات منذ الأزمة المالية العالمية من 0% و0.25% إلى 2.25% و2.5%، كما بدأ بيع بعض الأصول التى اشتراها بموجب برنامج التيسير الكمى فى عملية تعرف بالتضييق الكمى.
وعلى النقيض، لم ينه البنك المركزى لمنطقة اليورو سوى مشترياته من الأصول فى نهاية 2018، بعد أكثر من 4 سنوات على بدء «الفيدرالى» تقليص مشترياته. ولا تزال أسعار الفائدة فى أوروبا شديدة الانخفاض، ويقف معدل إعادة التمويل الأساسى عند صفر بينما فائدة الإيداع سالب 0.4% (ما يعنى أن البنوك تدفع مقابل امتياز إيداع احتياطياتها الفائضة عند المركزى الأوروبى).
وفى مارس الماضى، قال «دراجى» للمستثمرين، إنهم لا ينبغى أن يتوقعوا أى زيادة فى أسعار الفائدة حتى بداية 2020 على الأقل، فى محاولة لتعزيز الإقراض ومساعدة منطقة اليورو خلال فترة من النمو الفاتر، كما أعلن عن جولة جديدة من القروض الرخيصة للبنوك. ولا يعنى ذلك أن أدوات المركزى الأوروبى نفدت للتعامل مع ركود محتمل.
فأولاً، يستطيع «المركزى الأوروبى» إعادة برنامج شراء الأصول لخفض عائدات السندات، وهو ما سيقدم مساحة للحكومات لكى تنفق أكثر وتخفض أسعار الفائدة (ما سيفيد الشركات والمستهلكين).
وقد يفكر «المركزى الأوروبى» فى تخفيض أسعار الفائدة أكثر فى المنطقة السلبية، وهو ما سوف يشجع البنوك على إقراض أموالهم بدلاً من تخزينها عند البنك المركزى، ويخفض قيمة اليورو، ما سيعزز الصادرات.
ويدرس صناع السياسة إذا كانت أسعار الفائدة السلبية، سيكون ضررها على البنوك أكثر من نفعها على المدى البعيد، ولكن حتى إذا كانت هذه هى الحالة، يمكن للبنوك أن تتخذ تدابير من شأنها تخفيف التأثير مثل عدم دفع أى رسوم على إيداع احتياطياتها الفائضة لدى البنك المركزى إلا عندما تصل إلى مستوى معين.
وبالطبع، سيكون لهذه التدابير تأثير محدود عما كان الوضع إذا استمر الأداء الماضى. ولكن هناك تهديداً أكبر بكثير لعدم رغبة المركزى الأوروبى فى توظيف كامل أدواته التقليدية، وقد تجد منطقة اليورو أن سياستها النقدية أصبحت غير فاعلة بجانب عدم وجود سياسة مالية موحدة، وهو ما سيكون وضع مأساوى حقيقى. ولسوء الحظ تعد الخطورة واضحة للغاية.
وتشمل قائمة المرشحين ليحلوا محل دراجى بعض المسئولين فى المركزى الذين يعارضون بعض التدابير غير التقليدية، ومنهم رئيس البنك المركزى الألمانى، ينس فايدمان، والذى لطالما شكك فى استخدام مخططات شراء السندات، وقال فى 2016 إن برامج شراء الأصول الضخمة اقتربت بشكل خطير من تمويل العجوزات الحكومية، وهو أمر غير قانونى بموجب اتفاقات منطقة اليورو.
ولا يعارض «ينس»، التدابير غير التقليدية الأخرى بما فى ذلك أسعار الفائدة السلبية، ومن الممكن إذا أصبح رئيس المركزى الأوروبى الجديد أن يكون أقل تشدداً، أو ربما يختار قادة منطقة اليورو مرشحاً آخر يميل إلى استخدام نفس أدوات «دراجى»، مثل «بينوا كور»، عضو المجلس التنفيذى للبنك المركزى الأوروبى، أو «فرانسوا فيليروى دى غالهاو»، محافظ البنك المركزى الفرنسى.
وكما أوضح «دراجى» سابقاً، تعتمد فاعلية المركزى الأوروبى خلال ركود ما على قيادته أكثر من الأدوات المالية، وفى الوقت الذى يدرس فيه قادة منطقة اليورو استبداله، عليهم التأكد من أن البنك المركزى سيحتفظ بقدرته على القيام بوظيفته بشكل صحيح.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج