بقلم: أندي موخرجي
كاتب مقالات رأي في بلومبرج
تحتاج الهند إلى وزير للاستثمار.
ولكن أيا كان الفائز في الانتخابات المقرر إعلان نتائجها في 23 مايو الحالي، يجب على الحكومة القادمة أن تجد شخصا يفتح اﻷبواب بكل شجاعة أمام الولايات المتحدة واليابان.
وربما لا تبدو فكرة إحضار رجل إحصائي آخر، في بلد يسعى جاهدا لحل مشكلاته في ظل البيروقراطية الزائدة، حلاً ﻷي شئ على الإطلاق، ولكن حتى تتحرر الهند من فخ الدخل المتوسط الأدنى سيحتاج المسؤولون إلى تنظيم وتخصيص كافة اﻷموال بحكمة بالغة وتصحيح الأخطاء بشكل سريع.
وتعد فكرة الحصول على وزير المالية فقط أمرا غير كاف، كما أظهرت تجربة الهند.
فقد فشلت الشركات الهندية الكبرى بمعدلات تنذر بالخطر، ولكن مزودي رأس المال، سواء البنوك أو المستثمرين في سوق رأس المال، ليست لديهم أدنى فكرة حول كيفية التعافي من أي شيء.
ويبدو أن الوقت قد حان لكي تتدخل التكنوقراطية للتعامل مع حالة الإجهاد التي تصيب الاستثمارات، على أن يكون الوزير المرشح خبيرا في سياسة الاقتصاد الكلي والسياسة المالية الأوسع نطاقا.
وتعد الخدمات المالية، بما في ذلك الخدمات المصرفية والتأمين والمعاشات وأسواق رأس المال، حاليا قسما جديدا ضمن وزارة المالية، ولكن الوزارة لم تحدّث اﻷمر على موقعها الإلكتروني منذ سبتمبر الماضي، رغم أنها تضيف انتقالات الموظفين باستمرار ضمن قسم “ما الجديد”.
وفي الوقت نفسه، بالنظر إلى جميع الاضطرابات التي عانت منها الهند منذ سبتمبر الماضي، فقد عانت مجموعة البنية التحتية الكبيرة “آي إل آند إف سي” من خسارة قدرها 12.8 مليار دولار، مما أثر سلبا على أسواق التمويل إجمالا.
وتتحمل شركة الطيران الهندية “جت إيرويز”، وهي أقدم شركة طيران للقطاع الخاص في البلاد، صافي ديون بقيمة مليار دولار. كما أنها توقفت عن القيام برحلات جوية، في حين تخلى رجل الأعمال الهندي “أنيل أمباني” عن محاولة سداد 7 مليارات دولار إلى دائني شركة الاتصالات الخاصة به عن طريق إبرام صفقات بعيدا عن محاكم الإفلاس.
ويواجه أمباني الآن مشكلة جديدة تتمثل في أزمة السيولة وتخفيض التصنيف الائتماني لشركة “ريلاينس كابيتال”، وهي أحد شركاته الرئيسية، إذ امتنعت الوحدة التابعة لها “ريلاينس هوم فاينانس”، عن سداد بعض مدفوعات الديون.
وتعد مشكلة مصارف الظل في الهند من أكثر المشاكل التي تثير رعب البلاد، فهي تؤثر سلبا على كل من المستخدمين النهائيين للصناديق، خاصة صناعة البناء، ومورديها الأصليين، مثل البنوك وصناديق الاستثمار المشتركة.
وقامت المحاكم في أبريل الماضي بكبح جهود محافظ البنك المركزي السابق للتعامل مع عمليات تسويات الإفلاس، التي تشتد الحاجة إليها. ولكن وزير الاستثمار المنتظر يمكن أن يضع حلولا جديدة للأمر، كما أن البيروقراطية ملزمة بإيجاد قانونا، من بين عشرات القوانين التي تشرف عليها، لمنحه الشرعية اللازمة، فالعثور على المجال القانوني المطلوب واحدا من وظائف الحكومة.
ويمثل رأس المال الأجنبي الحل الأكثر أناقة لإعادة الرسملة، ولكن بدلا من طلب اﻷموال من المستثمرين بشكل مباشر، هناك تجربة محفوفة بالمخاطر للحصول على تلك اﻷموال بطريقة غير مباشرة.
وتعمل السلطة النقدية على دفع الشركات المالية، التي تعاني من ضائقة مالية، لاقتراض الدولارات من الخارج، ومن ثم إحضارها إلى الداخل ومقايضتها بثمن بخس مقابل الروبية الهندية من قبل البنك المركزي الهندي، فكل ما يتطلبه الأمر هو قول الوزير الجديد: “لماذا يجب علينا اقتراض دولارات المستثمرين لثلاثة أعوام في حين ترغب شركات مثل واربورغ بينكوس في شراء الشركات المتعثرة؟ لماذا نحمي رجال أعمالنا من عواقب فشلهم؟”
ولن يبقى اﻷجانب في البلاد إلى اﻷبد، فبمجرد أن تسترد الهند موقعها، فإنها سترغب في إعادة شراء الأصول التي اضطرت لبيعها، وقد لا يرغب رواد الأعمال المحليون اليوم في دفع السعر المرتفع الذي ستطالب به شركات الاستحواذ الأمريكية أو اليابانية في نهاية المطاف، ولكن الجيل الجديد ربما يسدد تلك اﻷقساط.
وكان التغلب على فخ الدخل المتوسط اﻷدنى أمرا سهلا نسبيا على الصين، ولكن التحدي الذي تواجهه بكين الآن هو فخ الطبقة المتوسطة العليا، فحتى تتمكن من البلاد من عبورها والتحول لتصبح ثرية سيتطلب اﻷمر من الصين تحقيق انجازات في الملكية الفكرية.
ومع ذلك ينبغي أن يظل تعزيز الصحة وتعليم العمال وكفاءة رأس المال ضمن أولويات نيودله.
إنها لعبة طويلة، ولكن يمكن لوزير الاستثمار بدء رحلة الإصلاح على الأقل في الأعوام الخمسة التي ستستمتع بها الحكومة المقبلة.
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج
إعداد: منى عوض