
بقلم ديفيد فيكلينج؛ كاتب مقالات رأي لدى بلومبرج
لطالما كانت متابعة الأحداث فى البحار الجنوبية مهمة لمعرفة أين سيتجه الاقتصاد العالمى، وبالنظر إلى اقتصاداتهم الصغيرة المعتمدة على التجارة وأسواقهم المالية المفتوحة، فإن أى اضطرابات تأتى من أستراليا ونيوزيلاندا عادة ما تكون علامات مبكرة عن مشكلات تظهر فى الدول الرئيسية فى نصف الكرة الشمالى.
وفى أواخر عام 2008، عندما خفضت البنوك المركزية لتلك الدول أسعار الفائدة بحدة استجابة للأزمة المالية العالمية، كان ذلك مؤشراً مبكراً على أن العالم الغنى ينحدر نحو سياسة فائدة صفرية، والآن حان الوقت لنلقى نظرة على ما يحدث فى ذلك الجزء الجنوبى.
وانخفضت الفائدة على سندات نيوزيلاندا لأجل 10 سنوات إلى مستوى قياسى عند %1.719 يوم الأربعاء الماضى، بعد موجة شراء ثقيلة لسندات الجزء الشمالى من الكرة الأرضية خلال الليل والتى تسببت فى تحول منحنى لعائد السندات الأمريكية، وبعد دقائق قليلة، انخفض العائد على السندات الحكومية الأسترالية لأجل 10 سنوات دون المستوى المستهدف لبنكها المركزى منذ 2015، وهو مؤشر قوى على أن المستثمرين يعتمدون على قيام محافظ الاحتياطى الفيدرالى الأسترالى، فيليب لوى، بخفض الفائدة، وهو ما ألمح إليه المحافظ فى خطاب الأسبوع الماضى.
وبطريقة ما، لا ينبغى أن يثير ذلك الدهشة، فقد كانت العائدات السيادية لنيوزيلاندا على الطريق الهبوطى بشكل مستمر منذ خفض الفائدة فى 2008، وانخفضت العائدات السيادية الأسترالية على مدار الستة أشهر الماضية، باستثناء ارتفاعها بشكل طفيف بعد فوز ائتلاف اليمين الوسطى فى انتخابات الشهر الجارى، وتقف فائدة الإيداع والإقراض لليلة واحدة منذ ثلاثة أشهر عند %1.1695، ما يوحى باحتمالات قوية لخفض أسعار الفائدة الرئيسية بنسبة %0.5 خلال الأسابيع العشرة المقبلة.
وفى الوقت نفسه، ينبغى أن تكون وتيرة التراجع فى العائدات فى الآونة الأخيرة سبباً للقلق.
ويقول سو لين أونج، رئيس استراتيجية الدخل الثابت فى بنك أستكندا الملكى فى سيدنى، إن ما يثير الاهتمام بشأن الارتفاع فى أسواق السندات يوم الثلاثاء الماضى هو أنه لم يكن يوجد أى محفز له، وهو ما يثير الشكوك حول استعداد الأسواق لإعادة تقييمهم.
ويبدو الحال متشابهاً عندما تنظر إلى مؤشرات الأسهم فى أستراليا ونيوزيلاندا، فقد تجاوزا مستوياتهم القياسية على المدى البعيد، ويتمتعون بتقييمات قوية ما يشير إلى أن المستثمرين لا يزالون يراهنون على النمو رغم الصورة الاقتصادية الكلية القاتمة بشكل متزايد نتيجة الحرب التجارية التى تلوح فى الأفق، وضعف الاقتصاد الصيني، وإذا استمر تفاؤل المستثمرون وأقبلوا بأعداد كبيرة على هذه السندات، فتوقعوا أن نرى مزيدا من التراجع فى عائدات تلك السندات أكثر.
وتمثل الصين مصدر قلق بشكل خاص، فاستراليا هى اقتصاد مجموعة العشرين الأكثر عرضة لتباطؤ الصادرات إلى الصين، تليها كوريا الجنوبية التى أيضا تتجه عائدات سنداتها إلى أدنى مستوى لها فى ثلاثة أعوام، تليهم نيوزيلاندا فى المرتبة الثالثة للاكثر تضررا.
وكما كتب زميلي، دانيال موس، فإن استراليا تحتاج لأن تتحرر من صورتها كاقتصاد مضاد للركود، خاصة وأن النمو للفرد يتراجع لربعين متتالين، وحتى الآن، لم يتعرض الاقتصاد الاسترالى لأسوأ تأثيرات التباطؤ فى الصين، ورغم معاناة مؤشرات مديرى المشتريات الصينية للبقاء فى المنطقة الإيجابية، فإن نقص معروض الحديد الخام تعنى أن أسعار هذه السلعة التصديرية الرئيسية قوية، ما يوفر الحماية للاقتصاد بفضل شروطه التجارية الجيدة كذلك.
ولكن لا ينبغى أن تعتمد استراليا على ذلك للأبد، لأن ارتفاع الأسعار المدفوع بالطلب هو ما يمكن الاعتماد عليه على المدى الطويل، وبالنسبة للصين والعالم يبدو هذا النوع من ارتفاع الأسعار هزيل للغاية.
وتعد استراليا ونيوزيلاندا بمثابة عصافير الكنارى الصغيرة فى الاقتصاد العالمى البالغة قيمته 80 تريليون دولار، ومع ذلك، عندما يتوقفون عن التغريد، يحين الوقت للحذر.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء بلومبرج