
الآباء يفضلون المدارس الخاصة، وجدت دراسة استقصائية عالمية فى عام 2017، أنه من المرجح بدرجة أكبر أن يحصل التدريس فى المدارس على تصنيف إيجابى إذا كان خاصاً مقارنة بما لو كان عاماً.
الحكومات غالباً ما تكون أقل حرصاً على دعم التعليم الخاص، وتكمن بعض أسباب عدائها فى أفكار سيئة منها عدم الرغبة فى فقد السيطرة على التعليم، وفرصة التأثير على الأجيال، وتأثير نقابات المعلمين، لكن صورة القطاع الخاص فى ميدان العمل ليست وردية كذلك.
ويفتقد القطاع الخاص أدلة الجودة الواضحة، لكن تسيطر المؤسسات الخاصة على الرتب العليا لبطولات التعليم العالى العالمية، وسبعة من المراكز العشرة الأولى فى تصنيف «تايمز» للتعليم العالى احتلتها جامعات أمريكية غير ربحية وثلاث مؤسسات بريطانية، والتى على الرغم من اعتبارها عامة فى بريطانيا، فإنها تديرها وتمولها إلى حد كبير رسوم المستخدمين.
الاختبار الأفضل للمدارس هو ما إذا كانت تضيف قيمة ففى أحدث اختبار فى منظمة التعاون الاقتصادى كان أداء تلاميذ المدارس الخاصة أفضل بكثير من تلاميذ المدارس العامة فى القراءة والعلوم، لكن خلصت دراسة أمريكية إلى أن المدارس الخاصة لم تضف أى قيمة بينما المدارس البريطانية على النقيض فالذين التحقوا بالمدارس الخاصة أفضل بكثير من خريجى المدارس الحكومية بفضل التركيز على التحصيل الدراسى.
وفى البلدان الفقيرة، تميل الأدلة إلى تفضيل القطاع الخاص فمن بين 21 دراسة فى أفريقيا وجنوب آسيا شملتها الدراسة الاستقصائية لوزارة التنمية الدولية البريطانية، وجدت 14 دراسة أن الأطفال يتعلمون أكثر فى المدارس الخاصة.
لكن الدراسة وجدت أن فى الهند مثلاً تدريس الرياضيات باللغة المحلية يعطى مستوى أفضل من تدريسها باللغة الإنجليزية سواء فى المدارس الخاصة أو الحكومية.
ومن مفاجآت الأبحاث التى رصدتها مجلة «إيكونوميست»، أن ميزانية التعليم فى المدارس الخاصة أقل من الحكومية عند حساب التكلفة ومن بين 7 دراسات بريطانية لم تظهر مدارس حكومية أرخص من الخاصة.
كما وجدت دراسة قارنت بين فاعلية المدارس الحكومية والخاصة من حيث التكلفة فى 8 ولايات هندية، أن القطاع الخاص كان أفضل فى جميع هذه المدارس، وتراوح الفرق بين 1.5 مرة فى بيهار و29 مرة فى ولاية أوتار براديش.
وتعتبر كفاءة إدارة الموارد فى القطاع الخاص أحد أسباب نجاحه فى توفير التعليم الأفضل، كما أن الميزة الأخرى هى سرعته فى تلبية الطلب؛ حيث ينتشر أسرع فى المدن خاصة تلك التى تتأخر الحكومات فى الوصول إليها.
وبحسب مراد راس، وزير التعليم فى مقاطعة البنجاب الباكستانية، حيث يوجد 2.6 مليون طفل فى مدارس خاصة على أنظمة القطاع الخاص و11 مليون فى المدارس الحكومية فإن الأطفال يولدون كل يوم وليس لديهم الأموال اللازمة لاستيعابهم جميعاً، ما يجعلهم منفتحين للغاية على أى شىء يمكن أن يفيدهم.
ويبدو أن السبب الرئيسى وراء الكفاءة الفائقة للقطاع الخاص هو المعلمين الذين يتلقون أجوراً أقل ويلتزمون بالحضور للعمل أكثر من المدارس الحكومية.
وعلى صعيد المنافسة بين القطاعين الخاص والحكومى، فإنَّ السوق لم يصل إلى ذروته بعد، ويعود ذلك جزئياً إلى أولويات الآباء الذين يرغبون فى تحقيق نتائج أفضل ليس هذا فحسب، ولكن أيضاً أن يكون زملاؤهم فى الصف من أسر جيدة اقتصادياً واجتماعياً كى يحتفظوا بعلاقات ستشكل سلوكهم وتوفر شبكة علاقاتهم المستقبلية ما يجعل الأداء الدراسى الجيد فى القطاع الخاص يعود نسبياً إلى بيئة النشأة أكثر من المدارس نفسها، لكن فى النهاية تكون هذه الخلطة على حساب الاهتمام بالقيمة المضافة الناتجة عن العملية التعليمية، فضلاً عن زيادة التقسيم الطبقى للمجتمع.
ويشجع هذا النمط الأبوى فى التفكير ارتفاع الرسوم والقبول الانتقائى الذى يفضل الأطفال الأثرياء ويشجع المدارس والأسر على تصنيف أنفسهم حسب الدخل وبالنسبة للحكومات المعنية بالتجانس الاجتماعى فهذه مشكلة.
ويجب أن تتوقف الحكومات عن التصدى للتعليم الخاص كعدو، فنموه هو نتيجة رغبة الناس فى رعاية أطفالهم سواء من خلال شراء منازل باهظة الثمن بالقرب من أفضل المدارس الحكومية أو عن طريق دفع رسوم المدارس الخاصة.
وقد تعمل طفرة التعليم الخاص على تعزيز عدم المساواة، ولكنها تتسبب أيضاً فى إنفاق مبالغ غير مسبوقة من المال والطاقة على تحسين أدمغة البشرية، وينبغى للحكومات أن تشجع ذلك لكى تنشر الفوائد على أوسع نطاق ممكن مع معالجة السلبيات بتنظيم أفضل لسوق التعليم.