يسعى عدد من الشركات العاملة فى صناعة الملح، وهى شركة أميسال للأملاح والمعادن، والشركة المصرية لتكرير الملح، وشركتى النصر والمكس التابعتين للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إلى تنظيم مؤتمر عالمى لوضع آليات لتنظيم تجارة الملح.
قال عاملون فى صناعة الملح، ان تراجع الصناعة وصعوبة حصر انتاج مصر من الأملاح، سببه عدم وجود آليات واضحه تضبط هذه الصناعة، فضلاً عن إدارتها بطريقة عشوائية تتمثل فى زيادة الضرائب عليها وضعف الدور الرقابى من جانب الدولة على الملاحات والمصانع.
قال الدكتور أسامة عبدالعزيز، رئيس شركة النصر للملاحات، إحدى الشركات القابضة للصناعات الكيماوية، إن إنتاج مصر من الأملاح يعد ضعيفاً، مقارنة بحجم الثروة المتاحة من البحار والمحيطات والمياة الجوفية.
وأضاف أن مصر تصنف فى المركز الـ 20عالميًا، من بين الدول الأكثر انتاجًا للملح، وتستطيع أن تحتل المركز الأول إذا وضعت هذه الصناعة على رأس أولوياتها كباقى الصناعات الآخرى مثل صناعة المنسوجات، والملابس الجاهزة التى تعول عليها الدولة فى زيادة معدل النمو الصناعى.

الدكتور أسامة عبدالعزيز، رئيس شركة النصر للملاحات
وأشار عبد العزيز، إلى أن الشركات العاملة فى صناعة الملح تجهز حاليًا لمؤتمر عالمى مصرى تحت عنوان «salt summit»، لمناقشة المشكلات التى تواجهها والمساهمة فى حلها، إضافة إلى وضع ضوابط وآليات تنظم تجارة الملح داخليًا وخارجيًا للقضاء على السمعة السيئة التى اكتسبها على مدار السنوات الماضية.
وقال الدكتور عبد اللطيف الكردي، رئيس شركة أميسال للأملاح والمعادن أن أبرز المشكلات التى تواجه صناعة الملح هى العشوائية فى الإدراة والتنظيم، سواء فيما يتعلق بمنح التراخيص للملاحات، وحتى بيعه كمنتج خام فى الأسواق وتصنيعه وبيعه للمستهلكين.
وأضاف الكردى لـ«البورصة»، أن افتقاد المعايير التصديرية للملح وعدم مطابقة المنتج للمواصفات ومقاييس الجودة، أدى إلى انتشار سمعة سيئة للملح المصرى فى الأسواق الخارجية وبالتالى تراجع صادراته خلال العامين الماضيين.
وأوضح أن عشوائية الصناعة تهدر مئات ملايين الدولارات على الدولة سنويًا، فى حين يمكن تعزيزها من خلال عمل قيمة مضافة للملح بدلاً من تصديره فى صورته الخام واستيراده مرة أخرى فى صورة منتجات نهائية فى أشكال متعددة.
وأشار إلى أن السعر التصديرى لايتجاوز 20 دولاراً للطن، فى حين يمكن أن يصل سعره إلى 100 دولار حال اجراء بعض العمليات البسيطة مثل الغسيل وإزالة الشوائب.
ويدخل الملح بشكل مباشر فى صناعة مادة «الصودا آش» اللازمة لصناعات الزجاج والصابون، وترك هذه الفرصة دون التفكير فيها يعمل على تراجع مشتقات صناعة الملح.
واعتبر أن العشوائية تسببت أيضًا فى انتشار أنواع رديئة من الأملاح مثل ملح السيّاحات، وهو الذى يتم استخراجه من أماكن غير مجهزة ثم يطحن ويغلف ويباع للمستهلكين.

وقال عبد الكريم الحاج، رئيس شركة البدرى للملح، إن صناعة الملح من الصناعات التى تحتاج إلى دعم الدولة فى الفترة الحالية، خصوصا أنها تصنف من المشروعات الصغيرة التى تسعى الدولة إلى تعزيزها.
وأشار الحاج، إلى أن صناعة الملح تفتقر إلى دعم الدولة، مستشهداً بدعم الدولة لبعض مستلزمات الإنتاج فى الصناعات الأخرى منها صناعة السيراميك، إذ قامت بتخفيض أسعار الغاز لها، ومنحها حوافز اضافية مثل المساندة التصديرية.
ولفت إلى أن الشركة تواجه العديد من المشكلات منها صعوبة حصولها على ترخيص التصدير، نظراً لتباطؤ وزارة الصحة فى اصدار نتيجة التحاليل، الأمر الذى يتسبب فى ضياع فرص تصديرية كثيرة.
واعتبر الحاج، أن تعدد جهات الولاية على الملاحات من أبرز المشكلات التى تواجه المستثمرين أيضًا، مشيرًا إلى أن القيمة الإيجارية لأراضى الملاحات تحدد من قبل 3جهات هى جهة الولاية على أراضى الدولة، وهيئة الثروة السمكية، وهيئة الإصلاح الزراعى.
وأوضح أن إيجار الملاحات ارتفع أكثر من %150 منذ 2011، ليصل إلى 50ألف جنيه مقابل 22ألف جنيه.
وذكر الحاج أن الشركة تواجه صعوبة فى تسويق منتجها داخل السوق المحلي، نظرًا لاستحواذ الشركات الكبيرة عليه مثل شركة أميسال، والتى تحمل العلامة التجارية بونو، بجانب الشركات الأخرى مثل صافى، والمكس.
وتابع: «عند عرض منتجنا على السلاسل التجارية والفنادق، يتخوفون منه، ويصنفونه على أنه من مصانع بير السلم، وتحديدًا ملح السياحات الذى يتسبب فى مرض الفشل الكلوى، وأصبح منتشر بشكل كبير داخل الأسواق حاليًا».
وقال سعيد محمد خبير جيولوجى، إن مصر من أكبر الدول المنتجة للملح عالميًا لكثرة مواردها من البحار والمحيطات والمياة الجوفية التى تتواجد بها الأملاح، إلا أن تراجع الدور الرقابى على الملاحات والمصانع أدى إلى عدم معرفة الكميات التى تنتجها مصر حاليًا.
وأشار إلى أن ضبط هذه الصناعة يحتاج إلى عمل دراسة جادة، تتضمن إجمالى عدد الملاحات فى مصر، وأماكن تواجدها، ومعرفة العامل منها، والمتوقف، والمتعثر للمساهمة فى مساعدتها سواء من خلال فتح أسواق تصديريه، أو توفير تمويلات لهم.
وأوضح أن استمرار الصناعة فى هذا القالب سيفتح الباب أمام المنتجات الرديئة والمقلدة للانتشار فى الأسواق المحلية والتى قد تتسب فى مشكلات لايمكن السيطرة عليها مستقبلاً، سواء فى الإضرار بالاقتصاد المصرى وانتشار الأمراض مثل الفشل الكلوى الناتج عن ملح السياحات.
وتابع محمد: «صناعة الملح من الصناعات البسيطة التى لا تحتاج إلى بذل جهد كبير سوى فى تسويقه فقط»، مطالبًا وزارتى الاستثمار والصناعة والتجارة بالترويج للفرص الاستثمارية للملاحات بالخرائط الاستثمارية خصوصا ملاحات سيوة التى تبحث عن مستثمرين.
وأكد أن الملح يتواجد فى مصر فى عدة أشكال، منها ماهو مذاب فى مياه البحار المالحة، والمياه الجوفية، وعلى هيئة طبقات مختلطة برواسب يصل سمكها إلى 10 أمتار، وملح الرواسب الساحلية والداخلية وهو الأكثر شيوعًا داخل مصر.
وأشار إلى أن استخراج الملح يتم من خلال 3 طرق هى طريقة التعدين الجاف، والتعدين المحلولى، والتبخير الشمسى.
و%90 من الملاحات فى مصر تعتمد على الطريقة الأخيرة فى استخراج الملح من خلال غمر الأحواض بالماء وتركها لتتبخر، ثم يجرف الملح فى شكل أكوام.
والمرحلة التى تلى استخراج الملح هى المعالجة، والتى تتم على حسب طبيعة الملح المستخرج بحيث يعالج الملح الصخرى بالطحن والتكسير، أما الرواسب الملحية الصخرية فتعالج بطريقة الالتصاق الحرارى لرفع درجة تركيز كلوريد الصوديوم.
ويعالج الملح الخام بطريقة البللورات صغيرة الحجم، ويتم إذابته فى درجات حرارة مرتفعة ثم يترك ليبرد تدريجياً حتى يترسب فى شكل بلورات نقية.
وأشار إلى أن الملح بجانب كونه عنصرًا رئيسيًا على مائدة الطعام، إلا أنه يدخل فى صناعات كثيرة، منها الصناعات الكيماوية ومشتقاتها مثل الصودا أش، والصودا الكاوية، كما يعتبر مادة معالجة للأغذية البشرية والحيوانية.
ومن بين أبرز استخداماته أيضًا، اذابة مياة الثلوج والجليد، ودخوله بشكل مباشر فى الصناعات المعدنية والزيوت وإنتاج الصابون والأصباغ ودباغة الجلود، كما يستخدم فى مجال الزراعة كمبيد حشرى وصناعة العقاقير الطبية.