تمثل شركات المنصات خمس أكبر شركة فى العالم اليوم، وهى أبل، وألفابيت، المالكة لمحرك البحث (جوجل)، بالإضافة إلى مايكروسوفت وأمازون وفيسبوك باعتبارها بنية أساسية مركزية تسهل عملية إنشاء وتبادل القيمة بين الأطراف ذات الصلة خارج أى شركة.
وينصح خبراء هذه المنصات، وفق تقرير لمجلة فوربس الأمريكية، الشركات القائمة بالتنقل فيما يسمى (اقتصاد المنصات)، لكن دون النظر إليها كأصول لها طاقات ذات قدرات خاصة فحسب، بل يجب استخدمها لابتكار فرص جديدة فى الأسواق القائمة بالفعل والتى لديها تتمتع بديناميكية الحركة للمستهلك بين تلك المنصات ومقدمى الخدمات.
وعلى سبيل المثل، يمكن النظر إلى موقع «اير بى إن بى Airbnb» الذى طور سوق الإيجار فأضاف طبقة جديدة من العرض والطلب، ما خلق فرصاً جديدة واسعة.
ويمكن بالقياس أن تجد البنوك مسارات جديدة لخق فرصة تحتاج إليها بالفعل، وهذا ليس ضرباً من الخيال ففى العام الماضى، أصدر الاتحاد الأوروبى التوجيه الثانى لخدمات الدفع (PSD2)، وجرى فرضه كوسيلة لتسوية مجال الخدمات المصرفية للأفراد لصالح المستهلكين.
ويشير التقرير إلى أن التوجيه يعطى ميزة لعملاء البنوك لاستخدام الجهات غير المصرفية وليس البنوك فقط لإدارة شئونها المالية. ويدعم القرار الأوروبى تحسين بيئة الابتكار مع تعزيز حماية المستهلك.
وببساطة فإن الجانب التنفيذى لهذا التوجيه يعنى بالنسبة للمستهلك الاحتفاظ بأمواله فى حسابه المصرفى المعتاد، ولكن يمكنه من استخدام منصة مثل فيسبوك لدفع الفواتير.
لكن بالنسبة للبنك هناك تحديات اقتصادية ناجمة عن تكاليف تكنولوجيا المعلومات من جهة فلا بد من توفير أمن إلكترونى قوى للحد من سرقة البيانات.
من جهة أخرى هناك تحدى فقدان العملاء لصالح منافسين، ففى حين ظل المستهلكون فى الماضى مخلصين لبنوكهم؛ لأنها تقدم ميزة حفظ البيانات فى سرية وأمان أكثر على الأرجح، لكن الخيارات الجديدة تخلق فرصة لأطراف جديدة لمنافسة البنوك المنافسة فى تقديم الخدمات المالية.
ويستخدم الناس هواتفهم الذكية وأجهزتهم للقيام بأعمالهم المصرفية بالفعل، فبالنسبة لشركات التكنولوجيا قد تكون هذه فرصة لخلق مساحة لأنفسهم والتوجيه الأوروبى الجديد وفر لوائح متطورة لتسهيل وصول المنصات التقنية إلى البيانات المالية للعملاء مثل القطاعات التى ينفقون عليها الأموال، وهذا سوف يساعدهم على إنشاء استراتيجيات أعمالهم المستقبلية، وفقاً لاحتياج العميل بطريقة لم يستطع البنك يوماً تحديدها.
ولم يبق أمام القطاع المصرفى سوى التعاون مع الآخرين حتى منافسيه للفوز بحصة أكبر فى السوق والانتقال إلى ما هو أبعد بما يدعم قدرتهم على توفير القيمة المطلوبة لدى العملاء الحاليين والجدد.
فيما يلى ثلاث طرق يمكن للبنوك أن تظل ملائمة فى عصر اقتصاد المنصة:
1. تشكيل تحالفات التكنولوجيا المصرفية
سوف تحتاج شركات التقنية والبنوك إلى تشكيل تحالفات؛ لأن القيود التنظيمية المفروضة على البنوك تعنى أن شركات التكنولوجيا سوف تتشجع من أجل المنافسة، بيد أن البنوك تعانى جراء قيود متطلبات المواثيق المصرفية والحفاظ على الحد الأدنى من مستويات رأس المال، بالإضافة إلى الإشراف الداخلى من الجهات التنظيمية الحكومية، وهو أمر تمكنت شركات التكنولوجيا من تجنبه إلى حد كبير، وسوف تستفيد من ذلك المصارف.
ومن المتوقع لهذا التحالف أن يمكن شركات التكنولوجيا من تجنب المتطلبات التنظيمية المرهقة، وتمكين البنوك من أن تظل قادرة على المنافسة، وتعمل أبل، حالياً، على بطاقة ائتمان مشتركة مع جولد مان ساكس لتعزيز علامتها التجارية Apple Pay.
وبالنسبة إلى جولد مان ساكس، يثبت مثل هذا التحالف استراتيجيته لتوسيع نطاق تركيزه إلى ما وراء الخدمات المصرفية الاستثمارية إلى الخدمات المصرفية للمستهلكين.
2. إنشاء منصات للبنوك للأسواق الحالية
للحفاظ على قدرتها التنافسية، تحتاج البنوك مثلها مثل الشركات الأخرى إلى إنشاء منصات خاصة بها تستهدف الأسواق الحالية مع إدراك أن عملاءها الحاليين والمحتملين يتعاملون بشكل متزايد من خلال هواتفهم الذكية.
ومن النماذج الرائدة على هذا الصعيد مؤسسة أى إن جى للخدمات المصرفية التى أدركت الحاجة إلى التكيف مع التقنيات الجديدة كما تفعل القطاعات الأخرى فطورت تطبيقاً للأموال الذكية يسمى يولت «Yolt»، والذى انتشر من المملكة المتحدة إلى فرنسا وإيطاليا. ويمثل هذا الطبيق نظرة عامة شاملة لحسابات المستهلك، ويمكنها التعرض لأموال الأفراد سواء داخل حساب بنك اى ان جى أو أى بنوك أخرى.
ولم تكتف بذلك بل طورت منصة إنسيد بيزنس «InsideBusiness» لتقديم خدمات مصرفية تجارية رقمية توفر للمستهلكين نقطة وصول واحدة لجميع منتجاتهم وخدماتهم المصرفية التجارية.
مثال آخر هو منصة بى تو بى زيلى «P2P Zelle» التى تأسست من خلال شراكة بين أكثر من 60 بنكاً فى الولايات المتحدة للتنافس ضد PayPal وVenmo والتى تجذب يومياً ما يقرب من 100 ألف مستهلك يشتركون فى هذه الخدمة.
3- إنشاء منصات لأسواق جديدة
قد تكون هذه هى النقطة الأكثر إثارة للتقدم بالنسبة للبنوك وشركات التكنولوجيا فهناك فرصة لإنشاء منصات تقدم أكثر من مجرد منتجات وخدمات كل بنك على حدة، فيمكن للمنصات الجديدة أن تنشئ أسواقاً جديدة عن طريق تحويل التركيز إلى تلبية احتياجات العملاء بطريقة شاملة تخدم المنتج، وتوفر الخدمة المالية، وهذا سيساعد البنك فى الحفاظ على قدرته التنافسية وكذلك مصداقيته.
على سبيل المثال، دخلت مؤسسة أى إن جى فى شراكة مع شركة فينتك فاندينج أوبشن لإنشاء منصة تمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهذا يعنى أن أصحاب الأعمال سيحصلون على إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من خيارات التمويل، حتى لو لم يكونوا من عملاء البنك، ويسعى هذا النظام الأساسى إلى تلبية حاجة أصحاب الأعمال الصغيرة والمتوسطة من خلال فهم أكبر للمعلومات المتوفرة وإمكانية الوصول إليها.
وفى مجال البيع بالتجزئة، يمكن أن توفر المنصات المصرفية طرقاً جديدة للتعامل مع شراء العقارات، فبدلاً من توفير منتج الرهن العقارى لمشترى المنازل فقط، يمكن للمنصة الرقمية للمؤسسة المالية أن تسهل تجربة الشراء الشاملة التى يتم من خلالها تلبية احتياجات العميل الكاملة.
ويمكن أن تساعد المنصة العميل فى اختيار خاصية تناسب احتياجاتهم، وتحدد قيمتها، وتوفر معلومات حول مزودى المرافق والمساعدة فى إعادة بيعها فى نهاية المطاف.
وتكمن الفكرة فى أن مثل هذه المشروعات الأساسية تجعل العمليات المالية الصعبة والمعقدة سابقاً مثل شراء منزل أكثر بساطة وسهولة فى الاستخدام وشفافية.